في مَهَبِّ الصِّبا!      

 

… وَغَنَجَتْ،  وَأُملُودُها في البَراعِم، فَإِذا الجِذْعُ العَتِيقُ يَلِين، وَأَوراقُ الدَّوْحَةِ الدُّهرِيَّةِ إِلى اخضِرار… ولكِنْ!

 

غاضَ الوَقارُ، وَدالَ في لَحظَيكِ سُلطانُ العَدَدْ

فَإِذا السِّنُونُ كَأَنَّها الذِّكرَى تَناءَت لِلأَبَدْ

ودَنا الرَّبِيعُ بِدِفئِهِ الحانِي يُزَغرِدُ في الوَتَدْ…

حَسناءُ! جاوَزتِ ذُراهُ الشُمَّ، زَلزَلتِ العَمَدْ

يا قِطَّةً غَلَبَت بِرِقَّةِ حُسنِها حَزْمَ الأَسَدْ

فَغَدا، وجَلَّلَهُ المَشِيبُ، أَمامَ سِحرِكِ كالوَلَدْ!

 ***

كانَ الخَرِيفُ هَناءَةً، والأُفْقُ جُلنارًا يَعِدْ

وبَيادِرًا مَلأَى، وأَهراءً تَغُصُّ بِما حَصَدْ

حتَّى مَلَكتِ جَنانَهُ الوَسنانَ، فَاعتَكَرَ الجَلَدْ

وتَهافَتَ النُّضْجُ، المُجَلِّلُ أَصغَرَيهِ(1)، كما الزَّبَدْ!

***

رُدِّي إَليهِ عُبُورَهُ الهانِي لِدِفْءٍ مُفتَقَدْ

فَغَدًا يَعُودُ إِلى الخَمِيلَةِ والصُّداحُ قد ابتَعَدْ

وتَبَعثَرَت في الرِّيحِ أَوهامٌ، وأَحْلامٌ جُدُدْ

نَفِدَ(2) الهُدُوءُ بِلَيلِهِ السَّاجِي، وسَهمُكِ قد نَفَدْ(3)

رُدِّي إِليهِ سَكِينَةً وَلَّتْ، وصَفْوًا قد فَقَدْ

وحُشاشَةً أَودَى بِها قَدٌّ، وصَدْرٌ قد نَهَدْ

فَشُعاعُهُ الذَّاوِي تَضَعضَعَ في صَباحِكِ إِذْ وَقَدْ(4)!

 

***

(1): الأَصغَرَيْن: القَلبُ  والِّلسَان

(2): نَفِدَ: فَرَغَ  وانقَطَعَ وفَنِيَ

(3): نَفَدَ: بَلَغَ  وجاوَزَ

(4): وَقَدَ: تَلَأْلَأَ

 

 

اترك رد