أطلق عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة الرئيس الأعلى لمجمع اللغة العربية بالشارقة الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، خلال فعاليات معرض الشارقة الدولي للكتاب الذي يعقد، في مركز إكسبو الشارقة، المجلدات الـ 17 الأولى، للأحرف الخمسة الأولى(الهمزة، والباء، والتاء، والثاء، والجيم) من “المعجم التاريخي للغة العربية”، وهو المشروع اللغوي الكبير الذي يرعاه الحاكم، ويؤرخ للمرة الأولى لمفردات لغة الضاد وتحولات استخدامها عبر 17 قرنا ماضية.
ووصف الشيخ القاسمي، في كلمته “المعجم” بالإنجاز الكبير”، وقال:” ان اللغة العربية كانت بحاجة إلى معجم عربي كبير يتتبع تطور مفرداتها ويؤرخ لجميع جذورها وألفاظها”. مشيرا الى انه “ليس جهدا فرديا يحسب لدولة أو مجمع لغوي دون آخر، وإنما جهود مؤسسات ومجامع ومراكز لغوية اشتركت جميعها في هذا العمل الكبير تحت مظلة اتحاد المجامع اللغوية العلمية العربية بالقاهرة وكان لمجمع اللغة العربية بالشارقة فخر التنسيق الإداري والمالي لهذه الجهود العلمية الحثيثة “.
ولفت الى أنه “لا يوجد مشروع استقطب اهتمام اللغويين، ولفت انتباه عشاق لغة الضاد كما لفتهم مشروع المعجم التاريخي للغة العربية؛ ذلك لأن عددا من اللغات العالمية قد أنجزت معاجمها التاريخية مثل الفرنسية والإنجليزية والسويدية والألمانية وغيرها، وظل المشروع العربي يترنح بين نقص التخطيط، ومزالق ضخامة المشروع، وعوائق فداحة التكاليف المادية. وقد تعددت المحاولات منذ عهد المستشرق الألماني فيشرْ، ومنذ تأسيس مجمع اللغة العربية بالقاهرة، ثم جاءت محاولة اتحاد المجامع اللغوية، ومحاولات أخرى”.
ووعد أنه “في الأعوام القليلة القادمة سننتهي من هذا المشروع العظيم في عشرات المجلدات”، معلنا عن تخصيص موقعا إلكتروني وتطبيق ذكي للمعجم التاريخي للغة العربية”.
ويشارك في إنجاز المعجم، الذي يشرف عليه اتحاد المجامع اللغوية والعلمية في القاهرة، عشرة مجامع عربية، ويتولى مجمع اللغة العربية بالشارقة إدارة لجنته التنفيذية، ويستند المعجم في إنجازه على قاعدة بيانات تم جمعها وأتمتتها ووضع منهجيات وأنظمة الرجوع إليها خلال الأعوام الأربعة الماضية لتضم اليوم قرابة 20 ألف كتاب ومصدر ووثيقة تاريخية خاصة باللغة العربية، منها نقوش وآثار يعود تاريخها إلى القرن الثالث قبل الإسلام.
ويشكل المعجم، إلى جانب أنه يبحث ويوثق لمفردات اللغة العربية، مكتبة إلكترونية ضخمة مكونة من أمهات كتب اللغة والأدب والشعر والفلسفة والمعارف العلمية المتنوعة تمكن الباحثين والقراء بعد الانتهاء من مراحل إعداده كاملة، الوصول إلى آلاف الكتب والمصادر والوثائق يعرض بعضها إلكترونيا للمرة الأولى في تاريخ المحتوى المعرفي العربي.
ويختص المعجم بتوضيح عدد من المعلومات الرئيسة هي تاريخ الألفاظ العربية، حيث يبحث عن تاريخ الكلمة من حيث جذرها، ويبحث عن جميع الألفاظ المشتقة منها وتقلباتها الصوتية، ويقوم بتتبع تاريخ الكلمة الواحدة ورصد المستعمل الأول لها منذ الجاهلية إلى العصر الحديث مركزا على الاستعمال الحي للغة، أي أنه يختلف عن سائر المعاجم السابقة بأنه يستشهد بالنصوص الحية قرآنا وحديثا وشعرا وخطبا ورسائل وغيرها.
ويكشف المعجم تطور المصطلحات عبر العصور، ويرصد تاريخ دخول الكلمات الجديدة المستحدثة في اللغة المستعملة، والكلمات التي اندثرت وزالت من قاموس الاستعمال مع ذكر الأسباب المؤثرة في ذلك.
إلى جانب ذلك، يعرض المعجم تاريخ نشأة العلوم والفنون، إذ يبحث في علوم اللسان العربي عن جميع العلوم التي نشأت تحت ظل البحوث اللغوية قديما وحديثا من نحو وصرف وفقه لغة ولسانيات وصوتيات وعلوم البلاغة والعروض وغيرها، ويتوقف عند المصطلحات التي ولدت ونشأت في رحاب هذه العلوم.
كما يقدم مقارنات بين الألفاظ في اللغة العربية وبين ما انحدر منها في اللغة العبرية والأكادية والسريانية والحبشية وغيرها، وفي هذا المجال تم تكليف لجنة متخصصة برصد أوجه الشبه والاختلاف بين الألفاظ العربية وما يقابلها في تلك اللغات، وذكر الشواهد الحية التي تدل على ذلك مع توثيق للمصادر والكتب التي أخذت منها.