الشابة التي خطفت الأنظار والشِعرُ الذي أشعل الوجدان في حفل تنصيب الرئيس الأميركي

  نهاد الحايك

(23- 01- 2021)

خطفت أماندا غورمان ابنة الاثنين وعشرين ربيعاً الأنظار والعقول والقلوب بِطَلَّتِها وأدائها وشِعرها شكلاً ومضموناً، عندما وقفت خلال الاحتفال بتنصيب الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن يوم 20 كانون الثاني/يناير 2021، بحضور كبار المسؤولين في الدولة والكونغرس، وثلاثة رؤساء سابقين، إلى جانب الرئيس بايدن ونائبته كمالا هاريس، وملايين المشاهدين على الشاشات في أميركا ومختلف أنحاء العالم، وألقت قصيدة بعنوان “الجبل الذي نتسلَّق” (ترد ترجمتها في نهاية هذا المقال). وفي نظري، ستظل أماندا،التي سجلت سابقة تاريخية باعتبارها أصغر الشعراء والشاعرات الذين شاركوا وشاركن في احتفالات التنصيب، وكذلك نائبة الرئيس كمالا هاريس التي سجلت سابقة تاريخية أخرى ليس فقط لأنها أول امرأة تتبوأ هذا المنصب بل أيضاً لأنها ذات بشرة سوداء وأصول آسيوية،ستظل هاتان السيدتان أبرز ما علق من هذا الحدث في ذاكرتي وأعتقد في ذاكرة الكثيرين والكثيرات.

وقد انضمت أماندا غورمان إلى لائحة كبار الشعراء الذين دُعيوا إلى إلقاء الشعر في احتفالات تنصيب الرؤساء في الولايات المتحدة، وهذا التقليد تفرَّد به الرؤساء من الحزب الديمقراطي فقط، وبدأ مع الرئيس جون كينيدي الذي دعا الشاعر روبرت فروست إلى إلقاء قصيدة في حفل تنصيبه في عام 1961.أما الرئيس بل كلنتون فدعا إلى حفل تنصيبه الأول رئيساً في عام 1993 الشاعرة مايا آنجلو، ثم دعا لحفل تنصيبه رئيساً للفترة الثانية في عام 1997 الشاعر ميللر ويليامز. بينما دعا الرئيس باراك أوباما لحفلَي تنصيبه الأول في عام 2009 والثاني في عام 2013 الشاعرة إليزابت ألكساندر والشاعر ريتشارد بلانكو.

تبلغ أماندا غورمان من العمر 22 سنة، وهي ولدت في مدينة لوس آنجليس بولاية كاليفورنيا الأميركية، وخريجة في العلوم الاجتماعية من جامعة هارفرد. عُيِّنت “شاعرة الوطن الشابة” سنة إنشاء هذا الموقع في عام 2017 (وهو لقب يُمنح لأحد شعراء الولايات المتحدة أو شاعراتها الشباب كل سنة). وصدر لأماندا مجموعة شعرية بعنوان “مَن ليس الغذاء كافياً له” في عام 2015، أي عندما كان عمرها 17 سنة.

 

تُجاهر أماندا بأنها ابنةٌ لأم عزباء، ربَّتها وإخوتها بمفردها من دون زوج، وكانت حريصة على الحد من أوقات جلوس أبنائها أمام التلفزيون وتشجعهم على ممارسة أنشطة مختلفة لملء أوقاتهم بدلاً من التلقّي السلبي لما تبثُّه القنوات التلفزيونية. وهذا ما جعل أماندا تمضي فترات طويلة في القراءة. أما الكتابة فقد دفعتها إليها حالةُ الصعوبة في النطق والسمع التي عانت منها في طفولتها، فلجأت إلى الكتابة للتعبير عن نفسها وبتشجيع كبير من والدتها. وتلقَّت علاجاً تأهيلياً طويلاً ساعدها على ترميم هاتين الحاستين. والجدير بالملاحظة، أن الرئيس جو بايدن هو نفسه كان في صغره يعاني من الصعوبات نفسها.

واختيار أماندا جاء من قِبل السيدة الأولى، جيل بايدن، التي كانت قد أُعجبت بشِعرها وأدائها عندما شاهدتها تُلقي شِعرها في مكتبة الكونغرس لدى منحها لقب شاعرة أميركا الشابة في عام 2017. وقالت أماندا في مقابلة أجرتها معها صحيفة نيويورك تايمز إنها لم تُعطَ أيّ تعليمات بشأن مضمون القصيدة التي ستكتبها للمناسبة، بل قيل لها إنها ستساهم في حفل التنصيب الذي يحمل شعار “أميركا الموحَّدة”.

وكانت أماندا قد انتهت من كتابة قصيدتها للمناسبة في 6 كانون الثاني/يناير، ولكن أحداث الشغب واقتحام المتمرِّدين لمبنى الكابيتول في ذلك اليوم صدمتها وجعلتها تُنقِّح القصيدة وتُعزِّزها بإضافة بعض السطور والأبعاد، فهي التي تناولت في كتاباتها منذ البداية مواضيع التمييز العرقي، والعدالة الاجتماعية، والقمع، والتهميش، وحقوق المرأة في أميركا، أدركت أنها لا تستطيع أن تتخطى في شِعرها أحداث الهجوم على الكابيتول، ولا ما عانت منه بلادُها في السنوات الأخيرة، حسب قولها في تصريحات للصحافة.

وقالت للنيويورك تايمز “ينبغي أن نواجه هذه الوقائع لو أردنا التقدم إلى الأمام، وهذه الفكرة هي ركن أساسي في قصيدتي. وبقدر ما تتحدث القصيدة عن الألم والرعب، تفتح فسحة للأمل والاتحاد، وأيضاً للبهجة، لأنني أعتقد أن لدينا ما يمكن أن نبتهج به في احتفال التنصيب”.

وتُطرح هنا مسألة الشعر الذي يوصَف بالسياسي، وهل الشعر السياسي ليس شعراً أو هو شعر سيئ، أو زائل وفاقد لقيمته مع تغيُّر الأحداث والأزمنة والحكّام. ولعل الثابت أن الشعراء الكبار هم مَن شغلتهم القضايا الكبرى لشعبهم أو للبشرية،فحاكوا قصائدهم بخيوط هذه القضايا وسقوها بمعاناة الشعوب وجمَّلوها برحيق أحلامهم وطرحوا فيها رؤىً استشرافية. وهكذا فالشعرُ سياسيٌ بمعنى أنه لا يعيش على كوكب خيالي ولا ينفصل عن الحياة بكل تعاريجها الخاصة والعامة. وأماندا غورمان كتبت نصاً سياسياً بكل ما للكلمة من هذا المعنى، فهي تحدثت عن قضايا تقضّ مضجع الأميركيين: الانقسامات والتطرف والعنف وأيضاً الديمقراطية التي يفسِّرُ معناها كلُ جانبٍ بحسب مصالحه. ولكنها صاغت خطابها السياسي بلغة جميلة مقطَّرة وأفكار راقية مصفّاة بمصفاة المُثل والمبادئ الكبرى: الحق والعدالة والحب.لم تأت على ذكر أشخاص، لا الرئيس الوافد ولا الرئيس الخارج، بل كتبت نصاً هو قطعاً مرآة للمعاناة ورؤية للمستقبل، بالاستناد إلى إخفاقات الحاضر والماضي.

في المرتين اللتين أتت فيهما على ذكر الديمقراطية في قصيدتها، ربطت مفهوم الديمقراطية بفكرة المشروع المؤجل أو المتأخر، موحيةً بأن الديمقراطية قيمة نتوقَّعها ونتوق إليها، وهي ليست هبة معطاة بل إنجازٌ نسعى إلى تحقيقه ولا هي حقيقة مكتملة بل حلم في حالة تجسُّد دائم. هذه المقاربة للديمقراطية ليست هي التي يتشدَّق بها السياسيون، ولا محلِّلو السياسة، بل تلك التي قارَبها الفلاسفة. فقد قال الفيلسوف الفرنسي جاك ديريدا إن الديمقراطية هي في حالِ تَشكُّل دائم وتُهدِّدها قوىً متناقضة، لذا فهي دائماً صعبةُ المنال، ومؤجَّلة، حتى في المجتمعات التي تتبنّاها كأساس من أسس الحكم فيها.

وفي سياق الإشارة إلى الشعر السياسي بمعناه الإنساني النبيل، لا أنكر أن شعراء كثيرين ممن كتبوا ما يسمى الشعر السياسي، ولا سيما في بلداننا العربية، أساؤوا إلى الشعر وجعلوه وسيلة تَملُّق وبابَ استرزاق، منذ غابر العصور حين كان للبلاط شاعره أو شعراؤه وحتى اليوم. ولكن الشعر الذي أقدِّسُه هو ذلك الطائر الذي ينتقي حبّات غذائه من طبق تجارب البشر والأوطان، المريرة منها والمُشرقة، ويحلِّق في فضاءات لا تحبل غيومُها إلا بدموع الحقيقة ولا تمطر إلا شلالات تطهِّر الوجدان.

أقل ما يمكن استخلاصه من هذا الحرص على إعطاء مكانة للشعر في واحدٍ من أهم الاحتفالات في الحياة السياسية الأمريكية، هو الأهمية المُعطاة للشعر، بل أهمية الشعر بحد ذاته، والدور الذي يقوم به الشعراء والشاعرات في استنهاض الروح الفردية والجماعية وإلهامها للنظر في إخفاقات الماضي والحاضر والتطلع إلى غدٍ أفضل بل صناعة الغد الأفضل. وبالتأكيد أن كلمات أماندا وكذلك كلمات الأغاني التي أنشدها ثلاثة مغنين في الحفل كان وسيكون لها وقعٌ أعمق وأسطع في الوجدان من كلمات أيّ سياسي، حتى الرئيس نفسه.

 

لكنّ هذا الحدث الذي يشهد على عظمة الدولة الأميركية، وإن أبهجني، قد عزز اكتئابي من هشاشة دولتنا وجبروت السياسيين وثرثرة وقِصر نظر المُحلِّلين الذين لا ينفكّون يعبثون بمصيرنا، ويلوِّثون أسماعنا ويهينون ذكاءنا بأقوالهم وادِّعاءاتهم، وهم أسوأ من شعراء البلاط في الأزمنة الغابرة، هم أبواق البلاطات الكثيرة المُتناحِرة في بلدنا والمُتنازِعة على جِلد شعبنا والمُمعنة في جَلده وتجريده من أبسط الحقوق وشروط الحياة الكريمة. أماندا غورمان استطاعت تحويل الصدمة والمعاناة إلى نصٍ صادق جميل ابتكرت فيه أو استشرفت فيه أملاً بمستقبل أفضل. أما تَحَكُّم البلاطات وأمرائها ببلادنا، فأخشى وأخجل أن أقول إنه يكاد ينجح في تيئيسنا، وهو على الأقل نجح حتى الآن في تجفيف ينابيع شِعري. فقد توارى مَلاكُ الشعر عني منذ حين بسبب عمق الإحباط الذي أصابني من جراء كل المصائب التي ابتُلينا بها، تلك المزمنة التي من صنع البشر وتلك الطارئة التي من صنع القدر. ولكنني لا زلت أؤمن بأن الشعر سيخلصني.

لم يعد لي وطن بمعنى الدولة، وأصبحتُ أرى في الشعر موطني الحقيقي. الدولة تُهين الإنسان والشعرُ يرفعه، والدولة تزدري قيمةَ الشعر والشعرُ في مكانة عصية على المفسدين، وأبواق الدولة والبلاطات العديدة تدَّعي أنها صادقة بينما هي في الواقع ماكرة، أما الشعر فناصعٌ وقيمةٌ نبيلة تتوارثها الأمم. شتّان بين الموطن الذي سلبَتْه الدولةُ والبلاطاتُ السياسية العديدة وبين الموطن الذي يؤمِّنُه الشعر، فالشعر مقدَّس وأنتم أنجاس، والشعر مُلهِم وأنتم مُحبِطون، والشعر آمن وأنتم خطرون، والشعر مُخلِّص وأنتم مُهلِكون.

ومن الأمور التي دفعني هذا الحدث، وما يتصل به من تفاصيل عن أماندا غورمان، إلى التفكير فيها، الظاهرة السائدة في بلادنا بشكل عام، مع استثناءات قليلة طبعاً، وهي غربة الجيل الطالع التامة عن الشعر، وعداؤه الغريب للغة العربية مع عدم إتقانه بالضرورة أيَّ لغة أخرى. ولا أُعفي من هذا الذنب المناهج الدراسية التي تولِّد نفوراً لدى التلامذة من كل شيء وليس من الأدب والشعر فقط. وتتردد في بالي كلمة “استظهار” التي كانت فرضاً علينا لحفظ قصائد القدماء المدرجة في المنهج عن ظهر قلب وتسميعها كالببغاء من دون فهمها في معظم الأحيان.

ولا بد من الإشارة والتأكيد على أن إشادتي بما شهدناه في احتفال تنصيب الرئيس الأميركي الجديد من تنظيم وعظمة وأيضاً من اهتمام بالفن والشعر وجعلهما جزءاً أساسياً من الاحتفال، لا تعني أنني منبهرة بسياسات أميركا خارج حدودها، فهذه السياسات هي موضوع مختلف تماماً ولي فيها رأي آخر شديد الرفض والاعتراض.

لا شك في أن إعطاء فرصة كهذه لأماندا غورمان وبالطبع مقرونة بنجاحها في خوض التحدي، شكَّل دافعاً صاروخياً، إذا صح التعبير، لمسيرتها المهنية والإبداعية ولترسيخ اسمها كشاعرة نجمة. وربما أيضاً عبَّد طريقها نحو البيت الأبيض، فهي أعربت في تصريحات عدة عن نيتها الترشُّح للرئاسة في عام 2036. ولِمَ لا؟

وقبل تقديم ترجمتي لقصيدة أماندا غورمان، أميل إلى القول إن إطلالة هذه الشاعرة الشابة المتألقة في احتفالٍ وطنيّ بهذا الحجم، وتَبَوُّء امرأة منصبَ نائبة الرئيس لأول مرة في تاريخ أميركا، هما ظاهرتان تدفعانني إلى التأمل في وضعنا بل إلى التحسُّر على إمكاناتنا الضائعة وحياتنا المهدورة، بسبب ما نحن فيه من اعتيادٍ على تقهقُرنا ونكرانٍ لحقيقتنا وتآلُفٍ خَدِر مع الواقع وتَفاخُرٍ بمآثر فارغة.

 

الجبل الذي نتسلَّق

عندما يأتي يوم نسأل فيه أنفسَنا،

أين نجد الضوء في هذا الظل الذي لا ينتهي؟

الخسارة التي نحملها

بحرٌ علينا اجتيازه،

تَحدَّينا بطن الوحش،

تَعلَّمنا أنّ الهدوء لا يعني دوماً السلام

وأن قواعد ومفاهيم التجرُّد

ليست دوماً عدالة،

ورغم ذلك فالفجرُ لنا

وقبل أن ندرك الأمر

نقوم به بطريقةٍ ما

 

أبْحَرنا وشاهدنا بطريقةٍ ما

أُمّةً ليست منكسرة

بل فقط غير مكتملة

نحن خلفاءُ بلدٍ وزمنٍ

تستطيع فيه فتاةٌ سوداء نحيفة

تَحدَّرت من عبيد وترعرعت على يد أمٍ عزباء

أن تحلم بأن تصبح رئيسة

فتجد نفسَها تُلقي شعراً في تنصيب رئيس

 

نعم لسنا مصقولين

ولا نحن أنقياء

ولكن هذا لا يعني أننا نكافح من أجل تشكيل اتحادٍ مثالي

نحن نكافح لصُنع اتحادٍ هادِف

لتشكيل بلدٍ ملتزم بكل ثقافات وألوان وشخصيات وظروف البشر

ولهذا نرفع نظرَنا لا إلى ما يقف بيننا

بل إلى ما يقف أمامنا

نردم الفجوةَ لأننا نعرف، أن وضْعَ مستقبلِنا في المقام الأول،

يقتضي منا أولاً وضْعَ اختلافاتِنا جانباً

نُلقي بسلاحنا

لكي نلتقي فاتحين أذرعنا

نَبغي عدم أذيّة أحد والتآلف للجميع

 

فليَقُل الكوكب، إذا لم يقدر على غير ذلك، إن هذا صحيح:

حتى عندما حَزنّا، كبرنا

حتى عندما تألَّمنا، تأمَّلنا

حتى عندما تعبنا، حاولنا

وسنبقى إلى الأبد مترابطين، ومنتصرين

ليس لأننا لن نعرف الهزيمة مطلقاً مرة أخرى

بل لأننا لن نزرع الانقسام مطلقاً مرة أخرى

 

الكتاب المقدس يدعونا إلى تصوُّر

أنّ كل شخص يجلس تحت عريشته وشجرة التين الخاصة به

وأنّ لا أحد سيخيفه

وإذا ما أردنا الارتقاء إلى مستوى عصرنا

فالنصر عندئذ لن يكمن في السيوف

بل في ما شَيَّدنا من جسور

هذا هو الوعد بالبَراح

هذا هو الجبل الذي نتسلّق

لو تَجرَّأنا فقط

فلأنّ كَونَنا أميركيين هو أكثر من فخرٍ نَرثُه،

هو الماضي الذي نخطو إليه

وكيف نُرمِّمه

 

رأينا قوةً قد تهشِّم أمَّتنا

بدلاً من تَشارُكها

قد تهدم بلدَنا لو قصدَتْ تأجيل الديمقراطية

وكاد هذا المسعى أن ينجح

ولكن إذا تكرر تأجيلُ الديمقراطية

فهي لن تُهزَم نهائياً أبداً

في هذه الحقيقة،

في هذا الإيمان، نثق

لأننا، وبينما نوجِّه أعينَنا نحو المستقبل

يضعُ التاريخ أعينَه علينا

هذا العصر هو لمُجرَّد الخلاص

وخَشينا لدى بُزوغِه

ألّا نشعر بأننا مستعدون لنكون

وَرَثَةَ مِثلِ هذه الساعة المُروِّعة

ولكن في خضمِّه وجدنا القوة

لصياغةِ فصلٍ جديد

لإهداء أنفسِنا الأملَ والضحك

وهكذا، وبعدما كنا نسأل،

كيف لنا أن نتغلَّب على الكارثة؟

نجزم اليوم

هل من المعقول أن تتغلَّب الكارثة علينا؟

 

لن نسير باتجاهِ ما كان

بل باتجاهِ ما سيكون

أيْ نحو بلدٍ مكدوم ولكن سالم،

خيِّر ولكن مقدام،

شديد وحُر

لن يغيِّر التهديدُ وجهتَنا

ولن يقطع مسارَنا

لأننا نعرف أنّ تقاعُسَنا وخمودَنا

سيكونان الميراث الذي نتركه للجيل المقبل

وستصبح أخطاؤنا أعباءه

ولكن ثمة أمرٌ واحد مؤكَّد:

إذا مزجنا الرحمة بالقوة،

والقوة بالحق،

يصبح الحب هو ميراثنا

فيغيِّر الحقَ الطبيعي لأطفالنا

فلنترك لهم إذاً بلداً

أفضل من الذي تُرك لنا

ومع كل نفَسٍ طالعٍ من صدري البرونزي

سنرفع هذا العالم المجروح إلى عالمٍ مدهش

سنصعد من تلال الغرب الذهبية الأطراف

سنصعد من الشمال الشرقي المفتوح للرياح

حيث أطلق أجدادُنا أولَ ثورة

سنصعد من مدن ولايات الغرب الأوسط المُحاطة بالبحيرات،

سنصعد من الجنوب المُكتَوي بالشمس

سنعيد البناء ونتصالح ونتعافى

ومن كل ركنٍ من أمَّتنا

وكل زاوية تُسمّى بلدَنا،

سينبثق شعبُنا المتنوِّع والجميل،

المتكدِّح ولكن الجميل

 

وعندما يأتي اليوم سنخرج من الظل،

ملتهبين وغير خائفين

ويزهر الفجر الجديد ما أنْ نحرِّرَه

لأن الضوء دائماً هنا

لو كانت لنا الشجاعة الكافية لنراه

لو كانت لنا الشجاعة الكافية لنَكُون نحن الضوء

*******

 

اترك رد