الشاعر د. جميل الدويهي: برْكي شي مَرّه بيكْذِب القَنديل

 

(لسبب ما، اشتقت للشعر. اشتقت للكلمة التي تغيّر، لقصيدة هي عالم… وهذه القصيدة بالذات، اشتقت إليها، وستكون يوم الجمعة مسجلة بصوتي على صفحتي (هنا) مع موسيقى لموزارت… اشتقنا والله أيها الشعر… كيفك إنت؟)

ملاحظة: هيدي القصيده موزونه… يا عيوني!

كلّ القصَص رح تنْتهي، هَيك الزَّمان، وهَيْك نحْنا… ليش تا نزْعل إذا شي يوم مقْعدنا ترَكنا وراح، وشْبابيك كانو تحت خَيمة ياسمين تْسكّرو؟ معْليش لا نِعْتب إذا ما ضَلّ كلمِه بتنْكتَب… وبكلّ لحظَه بيركْضُو خْيول الغَضب… بتْضلّ معنا الذكريات الغاليِه، وقدّيش فيكي قلتْ شعر، وكان عنوان القصايد كلّها: إنتي قدَر ما بحبّ إنّي إخسَرو… ورح إخسَرو… من هَيك عنْدي صورتِك… عنْدي عَذاب مْبارح وبُكَره، وتلْج كانون والأفكار يّلي تهجّرو… معْليش لو بتفكّري تْروحي… وما بدّي تْخبّري شو اللي جَرى بيناتنا، وبالمختصر عم ضَلّ ودّع ناس، لاقي ناس. ناطور السفَر، لكنْ بعدْ فيّي قلبْ بيساع أكبَر من دِني، والمحبَره الخَضرا المَعي، رح غِطّ فيها ريشتي عا طُول حتّى ضلّ إرْسم حلْوة العِينين، طلّعها من الصمت الكبيرْ… وما في حدا يْموِّت إلي رُوحي… لأنّي رُوح فيها شْموخ سَيف، ورقّة النهْر الزغِير.

***

قدّيش إنتي بتهرْبي وقت الحقيقه مْن الحقيقه ذاتها، وبتفكّري إنّي متل عصفور، لكنْ كيف بدّي عيش عمْري خلف قضبان الحَديد؟ ومن زغْرتي بحبّ الشمس يلّلي بْحديقِة بيتْنا، ووقت اللي كانو كْتار يمْشو عالهَدا سابقتْ خَيل العاصْفه، وسْرقتْ بالعتمِه دهَب من خَزْنة السلطان تا لبّس جَواهر للعبيد… وبيْعرفوني الناس إنّي كتير عندي عاطفِه، وضحْكه إلِي من ضحْكة العِنّاب، لكنْ متل زهر المريَمي بطْلع من الموت العنيد، وكلْ ما زعلتْ بخْلق زمَان جْديد… بِخْلق مملَكِه، فيها أنا حاكم وَحيد.

***

هيدا الشِّتي من فكرتي، وهَيْبة عَشر فرسان عندي، والرَّعد تا تهْرب الغابات منّو… كان من صَوتي صَدى… وحْكايتي من وقت ما تلاقيت فيها ما قْدرت إفهَم حَدا… ولا قدرتْ إبكي عا حَدا، ورُوزنامتي خزّقتها منشان ما الإيّام إعرف كيف بتْروح وتجي. ومَنّي متل إنسان عادي، ساحِر الكلمه أنا عالدرب، حولي ناس عم يتْفرّجو كيف الحقيقه من الفَراغ بْشيلها، وكيف الزمان بْركّعو حَدّ البوابْ… وبْعلّمو تا يكون عندي خادم، وعالسكتْ يسْمع كلْمتي، ومجْدي أنا مجْد الحْروف المِن جمرْ… مجْد الكْتاب…

***

لو كان في عندي حَنين، وقلْب طِفل زْغير، هَيدا السكتْ فيّي إصْبغو بلون الشجَر، والجرح فيّي إقْطعو بلمْحة بصَر، والناس يللي كنت مرجحْهُن عا خيط الشعر عِلّقتُن صُور، وبْضل إضْحك كل ما بْيَنزل حَدا من مَطْرحو تا يْشوفني، بحْكي معو، وبْرجّعو خلف القزاز قزاز… خلف الكبريا… روحي اسألي كلّ الملوك الفاتْحين، بيخبّروكي كيف بتْمرّد عا ناس الظالمين…وكيف طفل زغير جوّاتي كبرْ تا يهْدم قْصور الحجَر… من قبل ما إنتي بْحياتي تخْلقي… ومن قبل هوميروس كنتْ غنّي قصايِد للبشر.

***

لْبسْتِي الكِبَر… تا تِطْلعي منّي متل ما بتطْلعي من تْياب، وين الكانت عْيونا قصيدة نار بعْيوني، ولها غنّي متل عصفور؟ كيف الناس من فخّار بيصيرو، ومعي بيتْكسّرو؟ بيتغيّرو؟… ميّة سؤال جديد عْندي متل غابات الدلْب عم يكْبَرو. ورح ضلّ ناطُور السفر، ما في معي إلاّ عذاب كبير عم يمْشي، ومعي أحزان طُول العمْر… حَدّي عالرَّصيف بْيسْهَرو.

***

وهاك القَصيده كتبتْها بليلِه وحِيده عشتْها من عمر كلّو دْموع… شو همّ المدينه لو أنا ودّعتها مَرّه، ورحتْ تا زورِك بفَيّ الكلام، حبّيت إمْشي من مَحلّي، وإغمرِك قدّام كلّ الناس، بسّ الليل من إيدِي أخدْني… وردّني تا أنْطر شَوارع حزينِه… سمعتْ صَوت الريح، خفتْ… وصرتْ خَبّط عالزَّمان… قلّي إنتْ ممنوع تُوصَل يوم عا شطّ الأمان… لا الوقت فيك تْقطّبو، ولا فيك تلبُس أرجْوان.

***

الإيّام هيك بتنْتهي، والمركب المَا في إلُو مِينا صَديقي، وأبعد من شطوط عا جناح السؤال بْروح، ما بعرف عا أيّا بلاد. بسّ اللي جَرَحْني كيف إنتي متل ناس كتار… صارو غيم بعيوني… وبعد ما كنت إضْوي شمْع صابيعي تا غيري يفرَحو، ما ضلّ عندي شْموع إضْويها، وصرتْ عم إشتري قناديل من سُوق العتيق، بركي شي مرّه بيكذب القنديل تا لاقي حَدا بيمْشي معي طُول الطريق… وما يضلّ جرْحي البقْشعو عا مرايْتي أغمَق من البِير الغميق.

***

مشروع الأديب د. جميل الدويهي “أفكار اغترابية” للأدب الراقي – سيدني

اترك رد