مبادرة لقدامى لاعبي كرة القدم في بعلبك تجمع الرياضيين وتعزز العيش المشترك

 

 وسام اسماعيل

 

أطلقت في مدينة بعلبك أواخر شهر آب الفائت مبادرة شبابية جمعت قدامى لاعبي كرة القدم ومحترفيها وهواتها، في نشاطات ليلية يومية تملأ الملاعب المكشوفة والصالات الرياضية المغلقة حيوية، من خلال فرق مستحدثة، غالبا ما تتغير تشكيلتها في اليوم التالي، لتتنافس بروح رياضية تعزز أواصر التعاون، وروح المسؤولية، في مشهدية بعيدة كل البعد عن الصورة النمطية السلبية التي ترسم حول منطقة بعلبك الهرمل، بفعل الفلتان الأمني وارتكابات الخارجين عن القانون والقيم والفضائل.

أبصرت الفكرة النور بفضل جهود عدد من قدامى لاعبي كرة القدم في المدينة، وتهدف إلى إعادة احياء كرة القدم، اللعبة الرياضية الاكثر شعبية والمتاحة لكل الفئات العمرية، وتخفف وطأة الهموم السياسية والاقتصادية والنقدية والاجتماعية والمعيشية، وانتشار الأوبئة التي تعصف بلبنان.

إنها مبادرة مباركة وموفقة بتوقيتها وأهدافها انطلقت منذ أسابيع من خلال فتح الملاعب الرياضية المنتشرة في المدينة والقرى المحيطة أمام اللاعبين، شيبا وشبابا، ومن مختلف المهن والمصالح والوظائف، التقوا جميعهم في ميدان الرياضة، تجمعهم لعبة أعادت لهم اللياقة البدنية والبسمة والتواصل الإنساني العابر للإنتماءات الدينية والطائفية والمذهبية والسياسية والحزبية.

إنها مبادرة فاعلة وإيجابية، تجمع أبناء بعلبك وقرى الجوار لساعات في أوقات الفراغ المسائية، ضمن فرق لا تأخذ في الحسبان العمر أو الإمكانات، كما أن الاحتراف ليس مطلوبا للمشاركة، بل هي متاحة للجميع، يتنقلون مساء بين الملاعب المنتشرة داخل الاحياء وفي القرى، والقاسم المشترك لتلك النشاطات، البداية مع النشيد الوطني، والختام بصورة تذكارية جامعة تنشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

الملا
وتحدث صاحب المبادرة رئيس تجمع قدامى نادي الشمس الرياضي محمد الملا، إلى “الوكالةالوطنية للاعلام” فقال: “غايتنا بناء البشر قبل الحجر، وهدفنا تعزيز العيش المشترك في مدينتنا ومنطقتنا، ولطالما كان حفظ الوطن مرمانا وملعبنا، من هنا كانت ولادة تجمع قدامى نادي الشمس عبر لعبة كرة القدم، وسيلتنا”.

وأشار إلى أن “هذا التجمع يضم أبناء بعلبك – الهرمل بكل أطيافهم ومذهبهم وطوائفهم، ونشاطه عابر لكل بلدات بعلبك الهرمل، لرفع راية الحياة رغم المعاناة، متجاوزا لكل الصعوبات بتغطية مادية ذاتية من كرم أعضائه المؤمنين برسالته الاجتماعية، عبر الروح الرياضية التي تجمعنا، لرفع السمة السلبية عن أبناء بعلبك – الهرمل”.

وتابع: “هذا التجمع انبثقت منه أكاديمية فرح الشمس للأطفال ما دون الـ 14 عاما، ونادي أنوار الشمس الذي سيبصر النور قريبا، لتشجيع ورعاية وتحفيز مواهب ابناءالمنطقة في البطولات الرسمية”.

وختم: “بعلبك مدينة الشمس تشع أملا بأبنائها، وشمسهم ستبقى ساطعة في سمائها مهما حاول البعض نعتها زورا وبهتانا بصفات طارئة لا تمت لأصالتها بصلة”.

بيان
بدوره أكد هيثم بيان وهو احد اللاعبين القدامى في بعلبك، وصاحب محل تجاري لبيع اللوازم الرياضية في المنطقة، أن ” اهمية إعادة النشاط الرياضي وممارسة كرة القدم تكمن في إحياء العمل الجماعي من خلال التفاعل اكثر مع الآخرين، والمساهمة في حل النزاعات وتحسين الصحة البدنية والعقلية والنفسية للمرء وتنمية روح المشاركة والتعاون والتواصل والعمل الفريقي، بالاضافة إلى تعزيز الانضباط والتزام حس المسؤولية”

وتابع: “أردنا من هذه الخطوة أيضا أن نبقي ذكرى شهدائنا الذين قضوا خلال ممارستهم الرياضة، وهنا نستذكر 9 رياضيين تعرضوا لحادث سير خلال عودتهم من إحدى المباريات قبل 20 عاما، ويشارك معنا اليوم أشقاؤهم وأبناؤهم، تجمعهم اليوم اللعبة الواحدة، وسوف ننظم دورة تكريمية تحمل اسماءهم تخليدا لهم بمشاركة نخبة من اللاعبين القدامى”.

بكلمة، كما قال بيان، نأمل تعميم هذه التجربة في مختلف القرى اللبنانية، مع وعي الدولة أهمية تعزيز الرياضة وتشجيعها، لأنها تبعد شبابنا عن الآفات الاجتماعية. فكرة القدم هي لعبة عالمية تعزز التماسك الاجتماعي، وتجمع الفقراء والأغنياء، ولطالما كانت جسر تواصل بين المجتمعات كافة.

اترك رد