مخاوف كثيرة ترافق السنة الدراسية قبل بدئه رحمة: الانطلاق في 28 الحالي وقد يتأخر شهرين في المدارس المتضررة

 

تحقيق ندى القزح

ويعود أيلول ككل سنة…أيلول أو شهر “الميم” كما يحلو للبعض تسميته شهر المدرسة والمونة. يحلو فيه الحصاد وجمع الغلات لوداع فصل الصيف وحره وحلول الخريف بهوائه العليل.

أيلول أيضا شهر استعداد العائلة لسنة دراسية جديدة. يفرح الأهل لرؤية أولادهم ينظمون حياتهم بعد عطلة صيفية كثر فيها اللهو والمرح ويفرح الأولاد بالعودة إلى أحضان بيتهم الثاني ولقاء الأصدقاء.

لكن أيلول في لبنان مختلف هذه السنة، عاد حاملا معه أثقالا ترهق الأهل وقلقا سرق فرحة العودة إلى المدرسة وانطلاق العام الدراسي بأمان. فبين الأزمة الاقتصادية والغلاء المعيشي وارتفاع نسبة البطالة في المجتمع اللبناني وتفشي وباء الكورونا، طارت الفرحة بسنة دراسية جديدة وطار معها حلم التلامذة باليوم الأول حيث يحلو اللقاء بعد طول غياب.

أزمة معقدة لا يحسد عليها الشعب اللبناني وعلى ما يبدو لا حلول قريبة في الأفق. فكيف ينطلق العام الدراسي في ظل الضباب الذي يسيطر منذ أشهر على سماء لبنان؟

رحمة

في حديث إلى “الوكالة الوطنية للإعلام”، كشف رئيس اللجنة الأسقفية للمدارس الكاثوليكية رئيس أساقفة أبرشية بعلبك – دير الأحمر المطران حنا رحمه أنه “استكمالا للقاء يوم الأربعاء 26 آب الفائت في الصرح البطريركي في بكركي، إنعقد يوم الإثنين في مقر الأمانة العامة للمدارس الكاثوليكية في لبنان اجتماع لجنة المتابعة التي ضمت المطرانين حنا رحمة وسيزار أسيان، رئيسات عامات لرهبانيات عدة، الهيئة التنفيذية وبعض المشاركين في اجتماع بكركي السابق ومندوبي المناطق، لمناشقة التوجيهات والإرشادات لإطلاق سنة دراسية جديدة”.

أضاف: “إثر هذا الإجتماع تقرر دعوة المدارس الكاثوليكية لفتح أبوابها للبدء بالأعمال الإدارية والتحضيرية للعام الدراسي 2020 – 2021، من تسجيل ومعاملات إدارية بدءا من العاشر من أيلول على أن يكون تاريخ 28 أيلول يوم الإفتتاح الرسمي للسنة الدراسية الجديدة. كما يمكن الإفادة أيضا من الفترة الفاصلة بين بدء العمليات الإدارية والافتتاح الرسمي للسنة الدراسية، لإعداد المستلزمات الصحية والتقنية واللوجستية لإنجاح عملية العودة إلى التدريس مهما كان نوعه، ولمواكبة مكونات الأسرة التربوية من متعلمين ومعلمين وأهل إنسانيا ونفسيا، بهدف تهيئتهم وتأمين الدعم الملائم لهم لمعاودة الانتظام في الحياة المدرسية بعد طول انقطاع، مع ما رافق ذلك من اضطرابات بسبب الأوضاع عامة”.

كورونا والمدارس

عن تفشي فيروس كورونا وخوف الأهل على أولادهم، أعرب رحمة عن تفهمه لهذه المخاوف وأنه سيتم “إعطاء المدارس هامش من المرونة لتقييم الوضع عموما وتقدير السبل الفضلى لترشيق المنهج ووضع البرنامج اليومي للتدريس، تمهيدا لإطلاق عملية التعلم سواء باعتماد التعليم الحضوري أو المدمج أو الهجين أم التعليم الافتراضي، تبعا لخصوصية كل مدرسة ووفقا للتدابير التوجيهية التي تصدر بهذا الخصوص عن الجهات الرسمية المختصة”.

وتمنى على المعنيين “التزام توجيهات الأمانة العامة للمدارس الكاثوليكية والتقيد بالاجراءات الصحية الوقائية لمواجهة أزمة تفشي الكورونا، من احترام التباعد المكاني وإلزامية ارتداء الكمامة، التعقيم الدوري للصفوف ولمختلف الأماكن المدرسية ولحافلات النقل المدرسي، مراقبة درجة حرارة التلاميذ، استخدام المعقمات والصابون لتعقيم الأيادي والأدوات التربوية المستعملة في عمليات التدريس، تبعا لتوجيهات منظمة الصحة العالمية ووزارة الصحة اللبنانية وسائر التوجيهات الوزارية والإدارية الصادرة عن المراجع والهيئات المختصة”.

وأكد أن “المسؤولية التي تقع على عاتق المدرسة كبيرة جدا، فهي تحدد كيفية التباعد الاجتماعي ومدى قدرة استيعابها من خلال دراسة لعدد تلاميذها ونسبة تفشي فيروس كورونا في محيطها. ثم يتم تقسيم الصف إلى قسمين حفاظا على المسافة الآمنة، وقد تتوزع الأيام الدراسية في الأسبوع على نمطين، ثلاثة أيام في الصف وثلاثة أيام عن بعد. أما فيما يختص بالبرنامج التعليمي، سنعمل على خفضه وإلغاء بعض المواد الثانوية والاكتفاء بالأساسي فقط، لئلا يضيع عام دراسي آخر كما حصل هذه السنة. وفيما يتعلق بالمدارس المنكوبة جراء انفجار مرفأ بيروت، قد تتأخر لمدة شهرين إضافيين لتفتح أبوابها أمام تلامذتها بعد تجهيز صفوفها نهائيا”.

وشجع رحمة الأهالي على “عدم الخوف من فيروس كورونا والتأقلم في نمط الحياة الجديدة، اتخاذ سبل الوقاية الضرورية والتوجه إلى إدارة المدرسة لعرض هواجسهم وتساؤلاتهم”، طالبا من إدارات المدارس “الإصغاء لمخاوف الأهل والقيام باجتماعات توضيحية إرشادية لمنحهم الثقة، والقيام بإحصاءات لدراسة حاجة كل عائلة وإمكانياتها المتوفرة في ما يختص بأمور التكنولوجيا والإنترنت ودعم المدرسة لهم إذا توفرت الإمكانيات، وإلا سيضطر التلميذ للحضور شخصيا إلى الصف ومتابعة دروسه. ومع إنطلاق العام بشكل إستثنائي لهذه السنة، يعود الخيار للأهل بإرسال أولادهم إلى المدرسة للتعلم في الصف أو عن بعد، إلى أن تتضح الصورة في الأشهر الثلاثة المقبلة ومدى انتشار الفيروس لنعود ونقرر الخطة الدراسية الجديدة للعام 2021، بعد تقييم تجربة الفصل الأول”.

وعن الموظفين والأساتذة، قال: “ستعقد اجتماعات ودورات تدريبية لمواكبة المرحلة الآتية وكيفية التعاطي مع التلامذة واتخاذ سبل الوقاية اللازمة في الصف أو في ساحات المدرسة وأقسامها. في هذه المرحلة الدقيقة، نتمنى على المعلمين والمعلمات التحلي بروح التضحية والصبر لأداء رسالتهم التربوية في احتضان جيل يدفع ثمنا باهظًا في سبيل العيش بكرامة وأمان. كما نرجو منهم تفهم وضع المدرسة الصعب ودعمها بكافة الوسائل، كونها تضم أيضا أولادهم الذين يدرسون في صفوفها من أجل استمرارها وبقائها”.

الأقساط وغلاء المعيشة

عن الأقساط المدرسية لهذه السنة التي لم تلحظ زيادة أو نقصان، أوضح رحمة أن “الوضع دقيق جدا وعلى الجميع التكاتف والاتحاد لإنقاذ مدارسنا من الانهيار”، وقال: “لم نتسلم حتى اليوم التقديمات المالية من أي جهة، وإذا تأمنت ستتوزع على التلاميذ الذين هم بحاجة فعلية للدعم، لذلك سيتم دراسة ملف كل تلميذ وتقييم وضع العائلة المادي واتخاذ القرار المناسب. ومن أمكنه دفع القسط كاملا، فهو بذلك يدعم بطريقة غير مباشرة من ساءت أحواله ويحافظ على استمرارية المدرسة وعدم إقفال أبوابها”.

وعن روح التضامن والأخوة، دعا رحمة إدارات المدارس إلى “التجاوب مع توصيات لجنة المتابعة التي انعقدت هذا الأسبوع في مقر الأمانة العامة للمدارس الكاثوليكية في لبنان، والتعامل مع الأهالي والأساتذة بروح عائلية شفافة في الأمور المالية على اختلافها، سواء بالنسبة إلى تحديد الأقساط والمعاملات المدرسية وسائر النفقات، ومعالجة كل المواضيع المتصلة بتحصيل الأقساط أو دفع الرواتب والأجور بدرجة عالية من البساطة الإنجيلية والتواضع والتقشف والتضامن الإنساني. من خلال ذلك، تستطيع أن تتساند جميع مكونات الأسرة التربوية في مدارسنا، من إدارة ومعلمين وأهالي لتمرير الأزمة الاقتصادية التي تطال كل القطاعات، بمنطق التفهم والتفاهم وتقاسم الأعباء وتوزيع الأحمال لما فيه إنقاذ العام الدراسي ومؤسساتنا التربوية”.

وأمل أن “يتمكن العدد الأكبر من التلاميذ من أن يتسجلوا في المدارس الخاصة، إذ إن نسبة المسجلين حتى اليوم لم تبلغ الخمسين في المئة وذلك يدل على أن قسما كبيرا من التلامذة سيتوجهون إلى المدارس الحكومية، نسبة إلى تردي الوضع المعيشي في لبنان وارتفاع نسبة البطالة”.

وأكد “استعداد اللجنة الأسقفية للمدارس الكاثوليكية والأمين العام وكل أجهزة الأمانة العامة من هيئة عامة وتنفيذية وهيئة القضايا، المكتب التربوي ومركز التدريب والتنسيق، قسم التكنولوجيا وسائر الأقسام المالية والإدارية الذين هم على أتم الجهوزية، لتقديم الدعم التقني والأكاديمي والتنظيمي والتكنولوجي والقانوني لمدارسنا كافة بالقدر المستطاع”.

وختم: “نجدد ضرورة التواصل الإيجابي بين مكونات الأسرة التربوية، لتعزيز الثقة والتسامح والتعاون في زمن الأزمات المتلاحقة وتذليل الصعوبات، لأن الأساس في التربية هو البشر وليس الحجر. وها نحن اليوم نجدد التزامنا رسالة الكنيسة التربوية، من حيث كونها أولوية ترتكز ليس فقط على جودة التعليم وانفتاحه على التطورات العلمية والتكنولوجية وحسب، بل على التنشئة على القيم الروحية والإنسانية والوطنية”.

مخاوف كثيرة ترافق هذا العام الدراسي قبل أن ينطلق. تخوف من خسارة سنة دراسية أخرى إذا تخلف الأهالي عن دفع الأقساط، وإذا تخلف التلامذة عن الحضور بسبب الوباء المتفشي، ومخاوف من ارتفاع أعداد الإصابات بفيروس كورونا في المدارس مع اقتراب بداية فصل الخريف نتيجة الاختلاط بين الانفلونزا والكورونا.

هل تصمد الأسرة التربوية في وجه التحديات والضيقات من كل صوب؟ ومن يضمن صحة أولادنا وأمنهم وسلامتهم؟

***

(*)  الوكالة الوطنية للاعلام 

اترك رد