مُناقَشَةُ رِسالَةِ لِنَيلِ الماجِيستِير في الأَدَبِ العَرَبِيِّ في الجامِعَةِ اليَسوعِيَّةِ فَرْعِ طَرابُلُس

 

جَرَت في الجامِعَةِ اليَسوعِيَّةِ، فَرْعِ طَرابُلُس، بِتارِيخ 10/ 7/ 2020، مُناقَشَةُ رِسالَةِ الطَّالِبَةِ زِينة المِير، لِنَيلِ دَرَجَةِ الماجِيستِير (Maîtrise) في الأَدَبِ العَرَبِيِّ، بِعُنوان: «المَرأَةُ في أَدَبِ مُورِيس وَدِيع النَجَّار».

وتَمَّتِ المُناقَشَةُ بِنَجاحٍ، بِإِشرافِ الدّكتُور جُورج سعادة والقارِئَة الدّكتُورَة هِنْد أَدِيب.

وقد جاءَ في خِتامِ الدِّراسَة:

مَهما حاوَلَ الباحِثُ أَن يَغرِفُ مِن مَعِينِ الشِّعرِ فهو مُقَصِّر. لذلك، وإِذ بَلَغتُ خاتِمَةَ هذه الرِّسالَةِ مُقتَنِعَةً بِما حَمَلْتُهُ مِن الاستِنتاجاتِ، وما رَأَيتُهُ مِن شِعْرِ مُورِيس وَدِيع النَجَّار، فهو يَظَلُّ حَتمًا ناقِصًا لِأَنَّ الكَمالَ للَّهِ تَعالَى وَحدِهِ، ولِأَنَّ الشِّعرَ عالَمٌ غَيرُ مَحدُود.

حاوَلتُ في هذه الرِّسالَةِ تَسلِيطَ الضَّوءِ على صُورَةِ المَرأَةِ في جَمِيعِ أَدوارِها في أَدَبِ النَجَّار والرَّأيَ فِيها. فقد كانت مُتَنَفَّسَ الطُّمَأنِينَةِ والسَّعادَةِ والعَزاءِ، هي الأُمُّ، والحَبِيبَةُ والزَّوجَةُ والبِنْتُ والأُخْت.

فَالمَرأَةُ هي لُبُّ شِعرِهِ، وهي دَوافِعُهُ الأُولَى والأَقوَى إِذ بِها تَنْهَدُ جَوارِحُهُ وبِطِيبِها تَفِيضُ قَرائِحُه.

مَرَّتِ السَّنَواتُ وما زالَ يَذكُرُها ويَعِيشُ بِذِكراها ويَتَحَسَّسُ أَماكِنَها وأَشياءَها.

والمَرأَةُ الحَبِيبَةُ عِندَهُ عُنقُودٌ مُذَهَّبٌ في دالِيَةٍ وَرِيفَةٍ، فقد كانت شَهْوَةً لِلنَّظَرِ والشَّمِّ والضَّمِّ والفَمِ، إِذ يَراها خَمرًا مُعَتَّقَةً تَملَأُ القَلبَ بِالسَّكِينَةِ والحَنايا بِالخَدَرِ الدَّافِئِ، فَالغَزَلُ عِندَهُ مُتَنَوِّرٌ، شَفِيفٌ عَفِيفُ الإِزار.

والطَّبِيعَةُ عِندَهُ هي الجَمالُ الَّذي لا تَشُوبُهُ شائِبَةٌ، غَدَت عُنصُرًا مُهِمًّا في إِبداعِهِ الشِّعرِيِّ، إِذ به يُفتَنُ بها. فَيَتَّسِعُ نِطاقُ وَصفِها في دَواوِينِه.

كَما أَفرَدَ لِقَريَتِهِ وطَبِيعَتِها جُزْءًا مُهِمًّا مِن أَشعارِهِ ودَواوِينِه. حاكَى أَجواءَها القَرَوِيَّةَ الَّتي نَشَأَ فيها، فهو الإِبْنُ البارُّ المُتَعَلِّقُ بِمَسقَطِ رَأسِهِ ومَلعَبِ طُفُولَتِهِ، أُعجِبَ بِجَمالِها وراحَ يُصَوِّرُها بِجَمِيعِ الوُجُوهِ والأَشكال.

ما كان حُضُورُ صُوَرِ الطَّبِيعَةِ في شِعرِهِ حُضُورًا سَطحِيًّا، أَو عَرَضِيًّا، وإِنَّما هو جُزْءٌ لا يَتَجَزَّأُ مِن تَشكِيلِ القَصِيدَةِ وبِنائِها الفَنِّيّ.

تَمَيَّزَ شِعْرُ مُورِيس النَجَّار بِالأَناقَةِ في الصِّناعَةِ وعُمْقِ الأَفكارِ فَشِعرُهُ يَنسابُ كَالماءِ العَذْبِ المُتَدَفِّقِ مِنَ اليَنابِيعِ العَمِيقَةِ في أَعالِي الجِبالِ، يَروِي الأَرضَ لِيُعِيدَ إِلَيها الاخضِرارَ وزَهْوَ الأَلوان.

قَصائِدُهُ مُثقَلَةٌ بِالمَعانِي الجَمِيلَةِ والمَشاعِرِ السَّامِيَةِ الصَّادِقَةِ، فَتَتَأَلَّقُ قَصِيدَتُهُ مُوَشَّاةً بِأَجمَلِ الأَلوانِ والتَّعابِير.

لقد رَأَيتُ في شِعْرِ النَجَّارِ ما رَأَيتُ، وإِنْ كانَ رَأْيًا ضَئِيلًا، أَو أُصِبْتُ بِشَحِّ الشَّرْحِ والتَّأوِيلِ في بَعضِ الأَحيانِ فَلِأَنَّ النَّجاحَ نِسبِيٌّ والكَمالُ لِلَّهِ، آمِلَةً أَن تَكُونَ هذه الرِّسالَةُ زَهرَةً في حَقْلِ الأَدَبِ يَفُوحُ عِطْرُها في الأَرجاء.

اترك رد