كورونا والأزمة الاقتصادية ينالان مؤقتًا من جمعية بيروت ماراتون… مي الخليل: استراحة محارب ثم نعود وربما أدون تجربتي في كتاب

 

 

 

تحقيق – ناجي شربل

 

 

أكدت رئيسة جمعية “بيروت ماراون” مي الخليل في حديث لـ”الوكالة الوطنية للاعلام” من مقر إقامتها حاليا في نيجيريا، التزاما بالحجر الصحي جراء وباء كورونا، أن مصير الجمعية “بعد 17 سنة من العمل الدؤوب الذي شهد جملة تحديات كنا نواجهها بإرادة الحياة والإلتزام برسالة الإنسان وقضية الوطن، لا يمكن تحديده بصورة جازمة طالما نحن في عين العاصفة التي أصابت العالم من وراء وباء كورونا، والتداعيات الإقتصادية والمالية التي ينوء تحتها العالم وكذلك وطننا لبنان”.

ورأت أن الأقدار وحدها هي التي تحكم مصير أي شيء. “والدليل أننا في العام 2019 وقبل ثلاثة أسابيع من تنظيم الحدث الماراتوني السنوي، وبعدما أنجزنا كل التحضيرات اللوجستية واجهتنا الأحداث المتصلة بالحراك الشعبي، الأمر الذي فرض مناقشة سلامة هذا الحدث وسلامة المشاركين فيه، فكانت سلسلة إجتماعات لمجلس الأمناء والهيئة الإدارية وعدلنا تاريخ السباق. لكن تسارع الأحداث وتدهور الوضع الإقتصادي والمالي أّكدا لنا عدم القدرة على دفع رواتب الموظفين التي طاولها في مرحلة أولى التخفيض بنسب متفاوتة حسب أرقامها، ثم كان القرار الموجع بصرف عدد من الموظفين الذين كان عددهم 30 موظفا وأبقينا على النصف.

ومع إزدياد تطورات الأحداث ومحاولة الإبقاء على الروح في شرايين الجمعية بقي فريق رمزي من 6 موظفين فقط، إلى أن كانت جائحة كورونا. عندها لم يعد بالإمكان الإستمرار وقررنا إقفال مكاتب الجمعية وصرف كل الموظفين، ودفعنا كل التعويضات لهم حسب قانون العمل اللبناني، علما أننا كنا أعدنا الأموال للجهات الراعية ورسوم المشاركة في السباق للذين تسجلوا في لبنان والخارج”.

وأضافت الخليل التي تواظب على رياضة المشي يوميا في نيجيريا، وترسل صورة عن تطبيق خاص بذلك في الهاتف الخليوي، الى تخطيها الـ 24 الف فشخة يوميا في رياضة صباحية، “ان مصير الجمعية يرتبط بماهية رؤيتنا لأهدافنا وهي تعميم ثقافة الركض التي باتت من أهم الثقافات على الصعيدين الوطني والشعبي، إلى مهمتنا لتأكيد وجود لبنان على الخارطة الدولية للأحداث الرياضية، وجمع اللبنانيين حول شعار الوحدة الوطنية والسلام، مع الإشارة إلى أننا اليوم في مرحلة إنتقالية. وقد كان قرار وقف عمل عمل الجمعية من أجل وقف النزيف في ظل أوضاع إقتصادية وأمنية معقدة، وبالتالي عندما تستقر الأوضاع يكون القرار النهائي”.

ولفتت “إلى أن الوضع الإقتصادي عامل أساسي لتنظيم أي حدث رياضي، بعدما باتت الرياضة صناعة، ناهيك عن التهديدات الأمنية وأثرها على السلامة العامة، لإنه إذا لم تتوافر مناخات إستقرار فسنجد أنفسنا بمواجهة الأخطار إضافة لموضوع كورونا وتداعياته الصحية”.

وأكدت أنه من الصعوبة بمكان الحديث اليوم عن حلول في الأفق القريب، “خصوصا بعدما فرض الوباء (كورونا) نفسه، حيث تعطلت كل مرافق الحياة ومنها الرياضة على مستوى العالم. ونحن من القائلين أن العالم والرياضة ما قبل كورونا لن يكونا كما بعده، علما أننا على تواصل دائم مع العديد من اللجان المنظمة لسباقات الماراتون في العالم مثل نيويورك وباريس ولندن وبرلين وغيرها، وقد ألغت جميعها سباقاتها للسنة الحالية 2020، من دون أن نسقط حضور “العالم الرقمي” الذي بات أمرا واقعا ورقما أساسيا في أي معادلة، سواء في التعليم أو في أوساط العمل الوظيفي حيث المستقبل للإنترنت، ما يطرح السؤال هل ستقام سباقات ماراتون دون جمهور ووفق التباعد الإجتماعي مما يفقد الحدث المتعة والحماسة؟

ولهذا أعود وأكرر أنه من المبكر الحديث عن الآليات الجديدة، وما يقال عن جمعية بيروت ماراتون ودورها، يقال عن العديد من المؤسسات الخاصة وعلى اختلاف مهامها حيث لكل مقام مقالة، وكل زمان له طبيعته وقواعده. وكنا أطلقنا سباق ماراتون بيروت الدولي في 2003، في وقت كانت الحاجة فيه لجمع اللبنانيين من كل الطوائف تحت راية واحدة بعد الحرب ورفعنا شعار: سلام، محبة، ركض”.

ورأت الخليل “أن تمويل الحدث الماراتوني من الصعب أن يكون على مستوى الفرد الواحد أو الجهة الواحدة. ويبقى تنوع التمويل هو ضمانة الإستمرارية. ويكون النشاط لأهداف خيرية، فتأتي الرعاية تجسيدا لمبدأ التكافل والتضامن الإجتماعي”.

وتشير إلى تجربة زوجها رجل الأعمال فيصل الخليل الذي كان الراعي والداعم الأساس في بدايات السباق الماراتوني، “إنطلاقا من حلم يكون داخل كل واحد منا، وإيمانه بإلتزام تجاه الوطن والشعب في ظل غياب العمل المؤسساتي “.

وعن خلاصة التجربة الماراتونية لتاريخها، وصفت الخليل هذه التجربة بـ “الشيّقة والمهمة والزاخرة بالدروس والعبر. وهي تلخص مدة 17 سنة كنا نزرع فيها الأمل في النفوس ونبدد اليأس والإحباط، ونصنع مشاريع نجوم في عالم رياضة الركض، ونكتب في التاريخ اللبناني محطات مشرقة ومشرفة عن الرياضة اللبنانية، ودائما في إطار عمل جماعي يجسده بأرقى مستويات الإحتراف فريق عمل جمعية بيروت ماراتون، وهو عمل يرتكز على الشغف والإلتزام والعطاء للوطن، وهي مبادئ أصبحت من مفاهيم الجمعية”.

وعن أجمل الذكريات، أوضحت “أن كل شيء نقوم به يصبح مع الوقت من الذكريات الجميلة، حتى اللحظة بذاتها تصبح من الماضي. والذكريات المتعلقة بالماراتون تحديدا عديدة ومتنوعة. وقد حفرت في داخلي وداخل جميع اللبنانيين والوافدين من الخارج شخصيات وقيادات رياضية وعدائين وعداءات طبعوا سباق الماراتون ببصمات بيضاء وكانت لهم آراء مشرفة. وتكفي الإشارة هنا لما قاله يوما رئيس الإتحاد الدولي لألعاب القوى اللورد البريطاني سيباستيان كو عندما حل ضيفا على جمعية بيروت ماراتون “ان ماراتون بيروت لا يقل أهمية عن أبرز سباقات الماراتون العالمية “.

وتضيف الخليل بأنها تتطلع يوما الى كتابة تجربة جمعية “بيروت ماراتون” ، لتكون “وثيقة في المكتبة الرياضية االلبنانية، وتستفيد منها الأجيال المقبلة. وتتضمن جوانب وتفاصيل لم تكتب أو تنشر، وفيها العديد من المواقف والمحطات التاريخية ، وكيف أن سباق ماراتون بيروت الدولي أحدث تغييرا في مفاهيم رياضة ألعاب القوى في لبنان، وكيف تكون الرياضة لأجل الخير، وكيف أن الإنسان عندما يعطي يشعربوجوده في هذه الحياة و برضى عارم وسلام داخلي”.

وختمت رئيسة جمعية “بيروت ماراتون” بالتأكيد أنها لن تقول وداعً لتجربة الجمعية، بل تقول بلغة الواثقة “إلى اللقاء”، لإن كلمة الوداع في جوهرها هي عندما يرحل الإنسان من هذه الحياة، “ولهذا تحدثنا في جمعية بيروت ماراتون عن لقاء مرتقب عودة على بدء بروحية جديدة ونفس جديد وأسلوب جديد. وعندما تصبح الناس جاهزة والبوصلة تتحول نحو الإتجاهات الصحيحة”.

ووصفت المرحلة الحالية بـ”إستراحة محارب” مع قناعتها بـ “أن الوطن يبقى هو الأهم، وسلامة اللبنانيين أولوية حتى الخروج من الأزمة لأننا نؤمن بالمثل القائل ما في شدة بتدوم”.

***

(*) الوكالة الوطنية للإعلام

اترك رد