تحقيق فاطمة عيسى
مع انتشار أول حالة كورونا في لبنان وإعلان التعبئة العامة، استنفرت البلديات بكل إمكاناتها وقدراتها لضمان تطبيق التعبئة، كل بلدية ضمن نطاقها، وعملت جاهدة على نشر الوعي والثقافة حول كيفية الوقاية من COVID-19، عبر حملات دعائية وتعليمية، عدا عن الإجراءات الحازمة لمنع الفيروس من الانتشار، فكانت في خط المواجهة الأول. كل ذلك في ظل إمكانات محدودة وتعثر مالي لبعضها، إلا أن ذلك لم يمنعها من السعي لمحاربة هذه الجائحة، إن كان بالتعاون مع السلطة المركزية، أو عبر مبادرات فردية وتطوعية لردع هذا الوباء عن حدودها بشكل خاص وعن حدود الوطن بشكل عام.
مراقبة التزام المواطنين الحجر الصحي في منازلهم، وحظر التجول ضمن النطاق البلدي والتزام أوقات الفتح والاقفال ومراقبة الالتزام بقانون التعبئة العامة، هي أبرز الإجراءات التي فرضتها البلديات لضمان الوقاية من فيروس كورونا، وسلامة السكان المحليين من انتشار الفيروس. هذا بالاضافة إلى استعانة الدولة بالبلديات والمخاتير لتوزيع المساعدات المالية للعائلات الأكثر فقرا في لبنان.
بلدية مزبود
كان لبلدية مزبود (قضاء الشوف)، جهود جبارة خاصة بعد أن تم عزلها أخيرا من قبل محافظ جبل لبنان، بعد اكتشاف 17 إصابة في البلدة.
ويقول رئيس بلديتها حسين حبنجر أنه “ومع ظهور أول حالة كورونا في لبنان، أقامت البلدية حواجز توعوية من قبل متطوعين من البلدة، وتم توزيع كمامات ومنشورات بالتعاون مع جمعيات محلية في مزبود، بالإضافة إلى التنسيق مع البلديات المجاورة”.
وتابع: “أول إصابة كانت لجندي من بلدة شحيم المجاورة، الذي اختلط مع أقاربه القاطنين في بلدة مزبود. الأمر الذي أدى إلى حجر الحي كله، وأجريت فحوصات الـpcr لجميع المخالطين وعددهم 105 أشخاص جاءت نتيجة 17 منهم ايجابية. اجتمعت خلية الازمة في البلدة، وبالتواصل مع محافظ جبل لبنان اتخذ القرار بعزل مزبود وإعلان حال الطورائ فيها، بمؤازرة من القوى الأمنية ومتطوعين من البلدة”.
واليوم نستطيع القول، أن بلدية مزبود استطاعت الحد من انتشار كورونا ضمن نطاقها، إذ أن هناك 6 حالات مصابة وتتماثل للشفاء وهم من عائلة وحدة وهناك 11 حالة شفاء كامل.
بلدية البابلية
أما رئيس بلدية البابلية (قضاء صيدا) الدكتور نضال حطيط، فأكد أنه مع الإعلان عن أول إصابة لمغترب من البلدة، أخذت منه المعلومات اللازمة لعزل الأشخاص المخالطين وتم عزلهم جميعا، وطلبت البلدية من وزارة الصحة تأمين فحوصات الـpcr، لهم ولأقربائهم، إضافة إلى إجراء الفحص لجميع أصحاب المؤسسات في البلدة وأخذ عينات عشوائية لضمان خلوها من أي عدوى”.
أضاف: “تشددت البلدية بإجراءات التعبئة العامة، وسيرت دوريات لشرطة البلدية بصورة متواصلة وتم تسطير محاضر ضبط قاسية بحق المخالفين”. ولفت إلى أن “البلدية ومنذ الإعلان عن وجود حالة كورونا في لبنان، اتخذت إجراءات عدة، كان أولها تشكيل خلية ازمة من أطباء اختصاصيين، بالإضافة إلى حملات توعية وندوات تعليمية، والعمل بكل توصيات وزارة الصحة في هذا المجال، أما بالنسبة للمغتربين العائدين من دول الانتشار، فيتم اخضاعهم للفحوصات اللازمة أولا، ثم حجرهم في مبنى مجهز وخاص للحجر للصحي خصصته لهم البلدية”.
فضل الله
وعن التنسيق بين وزارة الصحة والبلديات، فأكد مستشار وزير الصحة الدكتور رياض فضل الله، والذي عين من قبل وزير الصحة كضابط اتصال من قبل وزارة الصحة العامة للتواصل مع وزارة الشؤون الاجتماعية والقطاع الأهلي والبلديات والجهات المعنية بتأمين الإحتياجات اللازمة للمصابين خلال فترة العزل، أن “وزارة الصحة هي أم الكل في هذه الأزمة الصحية التي نمر بها، الجميع يتطلع إلى دورها الأساسي في هذه المرحلة، وهي ملتزمة واجبها رغم ضعف الإمكانيات، وخاصة في ما خص التعاون مع البلديات، هذا التنسيق أظهر نتائج باهرة تعطى علامة امتياز، هذا بفضل السياسات والإجراءات التي وضعتها وزارة الصحة منذ البدء بمكافحة وباء كورونا”.
وأشار الى “أن هناك تنسيقا في أكثر من اتجاه مع البلديات. فهناك موضوع عام يتمثل بالايعاز إلى البلديات نشر التوعية وثقافة الوقاية والتوجيهات والارشادات التي تطال جميع المواطنين المنتسبين ضمن البلديات، أما الموضوع الرئيسي هو المتابعة الفعالة لتنفيذ الإجراءات عبر المعنيين، كأطباء القضاء والتشديد على حسن تنفيذ هذه الإجراءات وتطبيق قانون التعبئة العامة، وكل ما يصدر عن مجلس الوزراء في هذا المجال”.
ولفت إلى أن “هناك تواصلا بين وزارة الصحة والمحجورين المشبوهين، وذلك عبر البلديات كالمخالطين لحالات إيجابية أو القادمين من بلدان موبوءة بكورونا، وذلك عبر وحدة الترصد الوبائي والطب الوقائي، التي تتابعهم بشكل يومي لمدة 14 يوما. وتتم متابعة الحالات الإيجابية أيضا بشكل يومي وذلك عبر التواصل مع القائمقاميات وخلايا الازمات التي يتم تعيينها من قبل البلديات للتصدي لانتشار فايروس كورونا”، مشيرا الى أن “وزارة الصحة توزع المعدات الوقائية على البلديات واتحاداتها”.
بارود
وأكد وزير الداخلية والبلديات السابق زباد بارود على “ضرورة تطبيق اللامركزية الإدارية الموسعة، إذ أن السلطة المركزية ومهما جهدت لن تستطيع أن تتواجد في كل المناطق بصورة فعالة، يومية ومباشرة، لذلك فإن تطبيقها يساهم بصورة أكيدة بمقاربات أكثر فاعلية لحل الأزمات المستجدة”.
ورأى أن “للبلديات كل الصلاحيات للمساهمة مع الدولة ووزارتي الصحة والداخلية في معالجة الأمور وخاصة في ظل وجود أزمات كأزمة كورونا، فالسلطة المركزية دون مساعدة محلية لا تستطيع التواجد في كل المناطق في آن واحد، إذ أن البلديات لها الدور الأكبر لبسط القوانين ومنها التعبئة العامة وتطبيقها على أرض الواقع”، مشيرا إلى أن “البلديات تستطيع التحرك بشكل أسرع وأوسع وأكثر فاعلية، نظرا لمعرفتها بالنطاق الجغرافي والطوبوغرافي على أرضها بالإضافة الى أنها تلبي سريعا أي حاجة او مطلب”.
ودعا الى “تفعيل دور البلديات وأعطائها أكبر قدر من الدعم وخاصة المتوسطة والصغرى منها، ماليا ولوجستيا، لتكون قادرة على المواجهة، خاصة أن الصغرى منها لا تمتلك الجهاز الكافي لفرض الالتزام بالتدابير وخاصة فيما يخص عودة المغتربين من البلدان الموبوءة”.
وختم: “نعم، البلديات كانت معنية بما حصل، وتصرفت بمسؤولية وطنية، وقامت بما يجب رغم تواضع إمكاناتها، وأثبتت أنها عامل مساهم وأساسي بمؤازرة السلطة المركزية بمواجهة كورونا”.
***
(*) الوكالة الوطنية للإعلام