تلامذة المدارس الخاصة ضحايا الأزمة التربوية

***

بارود: لتشريع في مجلس النواب

ينظم علاقة الأسرة التربوية

تحقيق فاطمة عيسى

لم يكن العام الدراسي 2019/2020 عاديا كالسنوات الماضية، اذ واجهته تحديات عدة، ابتداء من 17 تشرين الأول حين أقفل قسريا، ليعود ويتحسن تدريجيا، ليقفل مجددا مع اكتشاف أول حالة كورونا في البلاد نهاية شباط الماضي، إلى أن أعلن وزير التربية طارق المجذوب إنهاء العام الدراسي الحالي، بعدما عاد عداد كورونا إلى تسجيل أعداد مرتفعة من الإصابات. لكن الأمور لم تقف عند هذا الحد، لأن السؤال المطروح هو من يدفع ما تبقى من الأقساط للمدارس؟ فأهالي التلامذة يقولون: لنؤمن تكاليف المأكل والمشرب، قبل المستحقات المدرسية. والمعلمون كبش محرقة بين الاهل المأزومين ماليا والمدارس الخاصة التي ترفع صوتها بالقول: نحن مهددون بالإقفال التام، اذا لم تمدوا لنا يد المساعدة.

عازار: المدارس الخاصة حجر بين شاقوفين

إذا، تقدمت الاعتبارات الصحية للتلامذة على الاعتبارات التعليمية والمالية، وأنهي العام الدراسي بحسب منسق اتحاد المؤسسات التربوية الخاصة والأمين العام للمدارس الكاثوليكية الاب بطرس عازار، “بطريقة غير سوية، اذ كان يجب التعاون والتوافق على وضع ضوابط مشتركة للبحث بكيفية انهاء الدراسة وكيفية التعويض وتحديد آلية اكمال البرنامج الدراسي”.

وأكد عازار أن “عددا من المدارس الخاصة مهدد بالاقفال اذا لم يتم مد يد العون لها ودعمها، ما يعني أن ما يقارب 120000 عائلة من معلمين وعاملين إداريين ومستخدمين ستكون بلا مدخول، اذا لم تتدارك الدولة الازمة التربوية التي بدأنا نرفع الصوت عاليا منذ 2012 منعا لحصولها، اذا اننا الان على شفير الانهيار بفعل التشريعات والقوانين الخاطئة وغير العادلة منذ سنوات حتى الآن والتي أوصلت الأسرة التربوية إلى التشتت والتفكك”.

وعن دفع الأقساط، شدد على “ضرورة تقاسم الخسائر بين مكونات الاسرة التربوية، لأننا جميعا في الضائقة الاقتصادية”، مطالبا “الدولة بدعم الأهالي كما حصل عام 1987، حيث تكفلت الدولة دفع ما يقارب ثلث القسط المدرسي عن الأهالي بموجب القانون رقم 46 على الرغم من الازمة الاقتصادية في ذلك الوقت”.

لجان الأهل

في المقابل للجان الاهل في المدارس الخاصة رأي آخر يرفض تحميل وزر الأقساط للاهالي وحدهم، فمن المعلوم أن موازنات المدارس، انخفضت بفعل الاقفال القسري، اذ تم الغاء يعض النفقات كالتشغيلية منها، وتم اتفاق برعاية وزير التربية بين مكونات الاسرة التربوية كافة بتاريخ 3/5/2020 الذي نص عل وجوب إعادة درس الموازنات المدرسية في ضوء الإقفال القسري للمدارس، وأكدت وزارة التربية بموجبه بأنها ستقوم مع المعنيين بوضع أسس عامة وتوجيهات وضوابط لإعادة درس موازنات المدارس، بموجب قرار يصدر عن وزير التربية يحدد فيه كيفية رفع ملحقات الموازنات الى مصلحة التعليم الخاص في المديرية العامة للتربية.

وبناء على ذلك، صدر بتاريخ 4/5/2020 القرار رقم 229 عن وزير التربية قضى بالطلب من المدارس الخاصة إيداع مصلحة التعليم الخاص ملحقا عن الموازنة المدرسية، بعد إعادة درسها نظرا للظروف الحاصلة.

جعارة

وطلبت المستشارة القانونية لاتحاد هيئات لجان الاهل في المدارس الخاصة المحامية مايا جعارة عبر “الوكالة الوطنية للاعلام” أن “تقوم الحكومة (بناء لطلب من وزير التربية) بالطلب من حاكم مصرف لبنان إصدار تعميم يحدد سعر صرف الدولار الناجم عن تحويل مصرفي من الاهل الى حساب المدرسة بنفس السعر الذي يعتمد في التحاويل المالية القادمة من الخارج بواسطة شركات تحويل الأموال (اي حاليا .3200.ل ل بدلا من 1515.ل.ل)، وذلك نظرا إلى أن الاقساط المدرسية تحدد بالليرة اللبنانية. لأن عددا من اهالي التلاميذ المتوسطي الدخل لديهم حسابات مصرفية بالدولار الاميركي مجمدة في الوقت الحاضر ولا يمكنهم سحبها من المصارف ،الا انه بإمكانهم تحويلها عبر حوالات مصرفية”.

وتابعت: “هذه إحدى الافكار التي تلائم الاسرة التربوية بكاملها وتساعد على دفع نسبة كبيرة من الاقساط وتخفف العبء قليلا عن كاهل الاهالي الذين يعانون بسبب الضائقة الاجتماعية والوضع الاقتصادي المتردي. واذا أخذ بهذا الاقتراح بالإضافة إلى اعادة درس الموازنات نكون قد ساهمنا في حل معضلة كبيرة”.

وقالت: “هناك ظلم كبير واقع على الاهل والتلاميذ في هذه السنة الاستثنائية. سنة صعبة على اولادنا كونهم لم يتلقوا العلم كما يجب، وكذلك على الاهل بسبب تحميلهم أعباء دفع الجزء الاكبر من القسط المدرسي لخدمة لم يتلقها أولادهم بالطريقة الفضلى، هذا عدا عن المشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي تعاني منها الأسر اللبنانية في هذه المرحلة الصعبة”.

ورأت أن “الحلول الجذرية لمعضلة الأقساط المدرسية تكمن في إقرار البطاقة الطلابية كما ورشة تعديل للقوانين المتعلقة بالتربية لا سيما تعديل القانون 515/96 بتنظيم الموازنات لجهة إعطاء صلاحيات أوسع وأشمل وأوضح للجان الاهل كي تستطيع ممارسة دورها بفعالية، كما إقرار قانون مجانية التعليم في المرحلة الابتدائية مع مراسيمه التطبيقية ودعم المدرسة الرسمية لرفع مستواها، وذلك يمكن القيام به عن طريق شراكة بين القطاعين الخاص والعام”.

بارود

من جهته أكد محامي “نقابة المعلمين” الوزير السابق زياد بارود في حديث ” للوكالة الوطنية للاعلام “، أن “الحل لأزمة بهذا الحجم هو وجود تشريع قانوني عبر مجلس النواب ينظم العلاقة بين مكونات العائلة التربوية، يكون استثنائيا لأزمة استثنائية، ولما لا فقد كان هناك تدخل من المشترع كما في العامين 1977 و1988 “.

واقترح بارود أن يتضمن القانون تدابير استثنائية “كإعفاء المدارس من الضرائب والرسوم، الامر الذي من شأنه تخفيف الأعباء عنها، كما إعفاء المعلمين من الضرائب أيضا، بالإضافة إلى مساهمة من الدولة لـ 65% من إجمالي القسط كما في المدرسة الرسمية (ما يقارب 4 ملايين ليرة) وخصوصا أن هذه الأخيرة لن تستطيع تحمل عدد التلاميذ الذين سينزحون باتجاهها نتيجة الأزمة الاقتصادية”.

ورفض “تصوير الامر وكأنه صراع بين مكونات الاسرة التربوية، فهذه الاسرة متكاملة في ما بينها بالادوار والمهام، والازمة الاقتصادية تطال جميع هذه المكونات، والصعوبات المالية معممة على الجميع دون استثناء ولا يجوز تحميل الأعباء لمكون واحد دون الاخر”، محذرا من “الربط بين الأقساط المدرسية ورواتب المعلمين، لأن الرابطة التعاقدية قائمة بين المدرسة والمعلمين وليس مع الاهل”.

ونبه من أن “المعالجات الموضعية لم تعد ممكنة، بل يلزمنا حل جذري للموضوع عبر تشريعات تحد من الازمة الحالية ، فالعلاج هو مسؤولية الدولة، والا فنحن أمام أزمة تربوية كبيرة ربما تتجلى بإقفال للمدارس وصرف للمعلمين وغيرها من النتائج التي لا تحمد عقباها”.

***

(*) الوكالة الوطنية للإعلام

اترك رد