بقلم: الدكتورأحمد صقر (كلية الآداب – جامعة الإسكندرية)
يتميز المسرح الأميركى بعد الحرب العالمية الثانية بأنه مسرح أقطاب أكثر منه مسرح اتجاهات، أي أنه لا يتألف من مدارس مسرحية مختلفة – وقد كان هذا هو حاله منذ نشأته- تنضوى تحت لوائه مجموعات محددة من الكتاب المسرحيين، بل يتشكل طبقاً للأعمال المسرحية التي تصدر تباعاً عن الأقطاب المسرحيين.
ولعل أهم قطبين مسرحيين برزا بعد الحرب العالمية الثانية هما تينسى ويليامز، وأرثر ميللر، وهما- وإن كانا قد فشلا في إيجاد تلاميذ واتباع لكل منهما- يشكلان مدرستين مسرحيتين وحدهما، ويفرضان ظلهما على المسرح الأميركى المعاصر بصفة عامة، بل يمتد هذا الظل إلى المسرح العالمى ليصبح كل منهما من العلامات البارزة على الطريق الذي يسلكه المسرح العالمى بشتى مدارسه ومختلف اتجاهاته.
إن أي دارس للمسرح الأميركى المعاصر، وخاصة للمسرحيات التي كتبها وليام انج، ترومان كابوت، كارسون مكالرز، إدوار أولبي ،لابد من أن يبدأ بيوجين أونيل وتينسى وبليامز وأرثر ميللر، لكي يلمّ- بأبعاد الامتداد الطبيعى للمسرح الأميركى في الفترة الأخيرة، وذلك بصرف النظر عن أوجه التشابه أو التناقض بينهم وبين من جاء بعدهم من الجيل الجديد.
وهنا لا نستطيع أن ننكر فضل مسرح برودواي في أعقاب الحرب العالمية الثانية على هؤلاء الكتاب وغيرهم، بل وجدنا فضل مسرح برودواي كذلك على بعض الجماعات وأصبح مصطلح المسرحية الموسيقية يردد بين الحين والحين إلى أن كتبت مسرحية “الباسيفيك الجنوبي” سنة 1949 وبعدها اخذ هذا القالب ينمو ويتطور بجانب الكوميديا الموسيقية، وعلى هذا – نستطيع القول أن هذه الفترة انتجت لنا الكثير من المسرحيات الدرامية والموسيقية البديعة، ومن الكوميديات الموسيقية بعضها تافة وبعضها قيم الفائدة.
يوجين أونيل (Eugene O’Nell (1888-1953
في أعقاب الحرب العالمية الثانية أعيد اكتشاف أونيل مرة أخرى من قبل رواد المسرح ونقاده، وفي عام 1956 أي بعد وفاته بثلاث سنوات أعادوا تنصيبه كطليعة الكتاب الأميركيين للمسرحيات، وذلك على أساس مسرحيته الطويلة التي تعالج سيرته الذاتية. “رحلة النهار الطويل في جوف الليل” في المقام الأول.
أنه يوجين غلادستون أونيل الذى ولد في فندق يقع في وسط منطقة النشاطات المسرحية في نيويورك. والده ممثل ناجح وامه مدمنة مخدرات وأخوه مدمن كحول. وبالتالى فقد نشأ وسط طفولة مضطربة. وتحت تأثير أخيه الممثل المنحل انخرط أونيل في اجواء عالم المسرح البوهيمية.
بعد أونيل رائد المسرح الأميركى بصفة عامة. فهو أول من أرسى تقاليده وأول من كتب مسرحيات أميركية ناضجة بمعنى الكلمة. بل أن تاريخ المسرح الأميركى الحقيقى يبدأ بأونيل، برغم أن أول مسرحية أميركية كتبها مؤلف أميركى هي مسرحية “غوستافوس فاسا” لبينجامين – كوفمان عام 1690. أي أن البدايات المبكرة للمسرح الأميركى تعود إلى أواخر القرن السابع عشر، ولكنها كانت محاولات بدائية للغاية ولا تصلح لكي تكون بداية لمسرح يفرض نفسه على التراث المسرحي العالمي.
بدأ أونيل يكتب للمسرح عام 1913 وكانت “العنكبوت” أولى مسرحياته ثم أعقبها بعدد من المسرحيات القصيرة ذات الفصل الواحد، وهي: ” قاصد إلى شرق كارديف”( 1916)- “في الطوق” (1917) – “الرحلة الطويلة إلى الوطن” (1917)- “قمر الكاريبى” (1918)- و”الحبل” (1918)- “حيث يضعون الصليب” (1918)، وبكتابته لهذا العدد من المسرحيات القصيرة، اعتبر أونيل أهم مؤلفي هذه الفترة، وقد انضم إلى مجموعة طليعية مؤلفة من كتاب وفنانين أنشأوا فرقة مسرحية من الهواة، أصبح أونيل ه أبرز عناصرها. ومن ثم نستطيع القول إن منهجه التجريبي كان له أثر كبير على تطور المسرح الأميركى الحديث.
ومنذ بداية العشرينيات حتى وفاته سنة ،1953 كان أونيل يعتبر أعظم الكتاب المسرحيين موهبة، ممن ساهموا في خلق الدراما الأميركية الجديدة، وقد احرزت أولى مسرحياته الطويلة “وراء الأفق” نجاحاً عظيماً في 1920، وفازت بجائزة بوليتزر.
وتتنوع أعماله المسرحية بعد ذلك، فيكتب مسرحيات: “آنا كريستى” و”مختلف different”( 1920)- “الوهم” (1921)- “الرجل الأول (1922)- “الالتحام” ( 1924) – ” في ظلال الدردار” و”الينبوع (1925) “الاله العظيم براون”- “ملايين ماركو” (1928)- “أيام بلا نهاية” (1934) – “الامبراطور جونز” – ” القرد الكثيف الشعر” ” كل أبناء الله لهم اجنحة” – “اللحن الغريب” – “كومت رجل الثلج” – “قمر للمشوهين”.
تينسى ويليامز (Tennessee Williams (1911- 1983
(من البوهيميين أصحاب نزعة الفن للفن)
من الكتاب الذين بزغ نجمهم في برودواي حيث كان أول نجم جديد من الكتاب لمع في برودواي . ففي 31 مارس عام 1945 قدمته مسرحيته “متحف الدمى الزجاجية” إلى رواد مسارح نيويورك، الذين يصنعون أو يحطمون الحياة المهنية للكتاب في مسرحنا. وقوبلت مسرحيته بالإطراء، بل أنها أصابت نجاحاً واسعاً، ورسخت الآن مكانتها كواحدة من الكلاسيكيات المعدودة في المسرح الأميركى، تؤديها فرق المحترفين والهواه في طول الولايات المتحدة وعرضها، فتجيد أحياناً، وتسئ احياناً ولكن المسرحية تحتفظ بنجاحها دائماً.
كتب ويليامز عدداً من المسرحيات التي جعلته يحتل مكانة بارزة في المسرح الأميركى الحديث والمعاصر وهي “عربة اسمها اللذة” (1947)- “صيف ودخان” (1948)– ” مهرجان الوردة” (1951)– “قطة على سطح صفيح ساخن” (1953) – “مرحلة التكيف” (1960) – “ليلة السحلية” – “فجأة في الصيف الماضى” – “ليلة الاجوانا” – “فترة التأقلم” – “قطار اللبن لم يعد يتوقف هنا” – ” مسرحية من شخصيتين” (1967) – ” مملكة الأرض” (1968) – ” بارفندق طوكيو”.
آرثر ميللر (1915- 2005) Arthur Miller:
(صاحب رسالة اجتماعية ابسنية المنهج):
تعد مسرحية ” الرجل ذو الحظ العظيم” (1944) أول أعماله المسرحية ، إلا أنها لم تستقبل استقبالاً حاراً. أما المسرحية التي اثبتت كفاءته في برودواي هي مسرحية “كلهم أبنائي” (1947)، وبعد عامين بهرت مسرحيته “موت بائع متجول” رواد المسرح في نيويورك واحتلت مركزاً كواحدة من الكلاسيكيات الأميركية، على الرغم من الاعتراضات المحمومة من بعض النقاد.
أعقب هذه الأعمال مسرحية ” البوتقة” – “الاختيار القاسى” ثم ظهرت “ذكرى يومين من أيام الأثنين” و”مشهد من الجسر” (1955) وهما مسرحيتان من فصل واحد. وفي عام 1956 اتهم بالشيوعية، ثم عاد إلى المسرح ليكتب عام 1964 مسرحية “بعد السقوط” – “حادثة فيتشى” وفي عام 1968 كتب مسرحيته “الثمن” – ” بعد الخريف”.
ويعتبر النقاد ميللر الامتداد الحق لمسرح أبسن، وهو المسرح الذى يدافع بكل امكاناته الفنية والفكرية عن المفاهيم الأخلاقية الرفيعة والتي لا يعترف بها المكابرون أو المخادعون أو المخترعون: ففي مسرحية “كلهم أبنائى” يدور الصراع الدرامى بين المصلحة الخاصة والمسؤولية الاجتماعية.
وإذا كان ميللر من الكتاب المسرحيين الملتزمين بمفهوم اجتماعى محدد، فإن تينسى ويليامز يخالفه في أن فنه به مسحة من بوهيمية مذهب الفن للفن، فهو يعتقد أن الجمال يجب أن يكون هدف أي فنان- أما الرسالة الاجتماعية فليتركها للمصلحين والمفكرين، لأنهم أكثر تمكناً منه في هذا المجال.
إدوار أولبي (1928- ) Edward. Albee
يتميز هذا الكاتب بتعدد الاتجاهات والمضامين بحيث يصعب حصره تحت بند محدد، وهذا دليل على خصبه الفنى والفكرى الذى بدأ مع أول مسرحية له من فصل واحد عام 1959 تحت عنوان ” قصة حديقة الحيوان” ثم تتبع هذه المسرحية الناجحة التي بدأ يصل أسماعها إلى جمهور المسرح بهذه المسرحية ذات الفصل الواحد، إلا أنه دخل إلى دور المسارح التجارية في برودواي عام 1962 بمسرحيته الطويلة “من يخاف فيرجينيا وولف” والتي أحدثت ضجة عظيمة، امتزج فيها الإطراء لقوة تأثيرها الواضحة، بالغضب لقسوتها الوحشية، وبالاستهجان لصراحة فنها بدرجة غير مألوفة.
إن هذه المسرحية تعري الإنسان من كل المظاهر الزائفة وذلك عن طريق الخروج من دائرة الوعى وولوج مجال اللاوعى، لكن ما زال أمام أولبى الكثير من الإنجازات المسرحية حتى يحقق الأمجاد التي بلغها تيسنى- ويليامز قبله. وعموماً فالأمل ما زال معقوداً عليه لكي يصل بالمسرح الأميركى المعاصر إلى تخوم أبعد من تلك التي بلغها يوجين أونيل في النصف الأول من القرن العشرين، والتي بلغها تنيسى ويليامز ابتداء من نهاية الحرب العالمية الثانية حتى وقتنا هذا.
أعماله:
1- قصة حديقة الحيوان (1959).
2- موت بيتى سميث (1960).
3- صندوق الرمال (1960).
4- فام ويام (1960).
5- الحلم الامريكى (1961).
6- من يخاف فريجنيا وولف (1962).
7- أغنية المقهي الحزين (1964).
8- أليس الصغيرة (1964).
9- مالكولم (1961).
10- توازن دقيق (1966).
11- كل شئ في الحديقة (1967).
12- علبة واقتباسات من الرئيس ماوتسى تونغ (1968).
الكوميديا الموسيقية Musical Comedy
بدأت الكوميديا الموسيقية تسمى بهذا الاسم في مطلع القرن العشرين وكانت لا تزال مجرد ملهاة رومانسية بسيطة، مشتقة من “الأوبريت” من ناحية، ومن تلك الاستعراضات الفخمة التي ترجع إلى القرن التاسع عشر وتسمى “الاوركسترا فاغانزا” (وهي تمثيلية استعراضية موسيقية ذات صفة هزلية، تمتاز بالخروج عن المألوف من حيث البناء والاحداث) من ناحية أخرى.
وتقدم الكوميديا الموسيقية موضوعات ساذجة بسيطة تصور ركض الشبان وراء الفتيات، حيث يفشلون إلا أنهم يفوزون في النهاية ويخفف هذا العمل بالمواقف العاطفية المبسطة، والرقصات الكثيرة والنكات المعتدلة، ويخرج العمل في اطار يتسم بالروعة والرقى.
المسرحية الموسيقية Musical Play
وهي تشبه الكوميديا الموسيقية، ولكن مؤلفيها وواضعى الحانها يحاولون التخلص من القوالب المكررة المملة، وإحلال شخصيات يتقبلها العقل محل الشخصيات الغريبة الشاذة، وإدماج القصة والأغنية والرقصة في خليط متماسك وتحقيق تأثيرات درامية حقيقية، بدلاً من مجرد الترفيه عن الجمهور أو دغدغة حواسه.
ومع أن مصطلح “مسرحية موسيقية” لم يستخدم بتقبل جماعي قبل مسرحية “الباسفيك الجنوبى” سنة 1949، فإن هذا القالب أو الشكل أخذ ينمو ويتطور بجانب الكوميديا الموسيقية، منذ كتب ماكسويل أندرسون مسرحية “إجازة في نيويورك” على موسيقى وضعها “كورت ويل” قبل ذلك بإحدى عشرة سنة. وقد اكتسبت المسرحية الموسيقية قوة اندفاع جديدة، عندما اشترك “ويل” سنة 1941، مع “موس هارت” ليبدعا ” سيدة في الظلام” بحيث تكون ملهاة زاخرة بشخصيات أفضل، إلى حد ما، من الابطال والبطلات النمطية، وتكون موسيقاها ورقصاتها مدمجة في القصة. وخطا رودجرد” و”همرستاين” خطوة أخرى لصالح هذا القالب الجديد في مسرحية “اوكلاهوما” عام 1943 إذ مزجا الموسيقى والرقص والقصة معاً.
أمثلة
الارجوحة الدوارة (1945)
قدم “رودجرز” و “همرستان” في أعقاب الحرب العالمية الثانية هذه المسرحية الموسيقية، والتي اعتبرت أول مسرحية موسيقية حقة، وأكثر الأعمال المسرحية الموسيقية رسوخاً في الذاكرة.
استقبل الجمهور هذا العمل المقتبس، مثل معظم المسرحيات الموسيقية التي اعقبته، وهي قصة أخذها “اوسكار همرستان” عن قصة “فيرنك مولنار” ليليوم. إلا أنها نجحت في أن تتضمن عناصر النجاح من حيث الشخصيات القادرة على تمثيل الجنس البشري، إذ تتضح بها النكهة الأميركية، وكذا الأغانى متناسقة مع القصة. أعقب “الأرجوحة الدوارة” – التي لاقت نجاحاً داخل وخارج برودواي- عدد من المسرحيات الموسيقية مثل “الباسفيك الجنوبى” ، “الملك وأنا” وكلاهما من وضع رودجرز وهمرستان- “قبلينى ياكيت” لكول بورتر – “سيدتى الجميلة” “لليرنزو لودي”، و “قصة الحي الغربي” لارثرلورينيتس.
الحي الغربى:
مسرحية موسيقية لها شكل جديد، فهي تنهج نهج القالب القديم للكوميديا الموسيقية، من حيث أن بطلها وبطلتها الشابين يتحابان من أول نظرة، ثم يخوضان كفاحاً ضد سوء الفهم، و”الحي الغربى” مسرحية لا تنتهي نهاية سعيدة إذ لم يتزوج البطل والبطلة، بل سيموت البطل في نهاية المسرحية، وفيها نصيب كبير من الأغاني، وهي ذات مغزى اجتماعى يتضمن الموسيقى والرقص.
جمهور برودواي منذ 1945
إذا كان جمهور برودواي مغرم غراماً كبيراً بالأعمال والبرامج الغنائية والراقصة، فانه منذ عام 1945 حدث تغيراً له، إلا أنه ليس تغيراً إلى الأحسن. فمع أن رواد المسرح في ما بعد الحرب أقبلوا على “قصة الحي الغربى” و”الارجوحة الدوارة”، فإن أذواقهم كثيراً ما تدعو إلى الشك والالتباس، إذ أنهم يبدون اهتماماً ضئيلاً بالدراما ذات الغاية الجدية، ولا يكادون يبدون اهتماماً بالمسرحيات التي تتجاسر على الابتعاد عن القالب- التقليدى المتعارف عليه.
موقف الجمهور والنقاد من “وسيطة الزواج”
كتب “ثورنتون وايلدر” مسرحيته الموسيقية “وسيطة الزواج” التي ظفرت بقبول النقاد في برودواي، ولكن الجمهور انشق بصددها إلى فريقين، كره أحدهما عادة شخصياتها الخروج عن الدور لمخاطبة الجمهور. ولم يتقبل النظارة خروجها عن النماذج التقليدية إلا بعد ماحظيت بإغانٍ ورقصات وعنوان جديد هو “هيللو دوللى” !
كتاب المسرح الأوروبى وموقف الجمهور منهم في برودواي
رضى جمهور نيويورك عن “رجل لكل الفصول” لروبرت بولت، بالرغم مما فيها من أساليب معالجة فنية “بريختية”، بيد أن أياً من مسرحيات “بريخت” نفسه لم تلق قبولاً.
فبالرغم من الاعتراف الأكاديمى والتقرير الذى لقيه المؤلف المسرحى الألمانى في الكتب، نجد أن المسارح التجارية في نيويورك قد رفضته من “جاليليو” (1947) إلى “الأم شجاعة” (1963).
لم يلق كل المسرحيين الأوروبين قبولاً لدى جمهور المسرح التجارى في نيويورك، سوى “جان جيرودو” فقدم “اس.إن.بيرمان” إلى عامة جمهور المسرح الأميركى قبل الحرب في مسرحية “آمفيترون 38″، كما حظى بنجاح هائل في برودواي في مسرحيته ” مجنونة شايو” (1948)، وفي المسرحية التي اقتبسها موريس فالنسي عن “اوندين” (1953)، ثم ظفر بنجاح متواضع بعد ذلك بعامين في ” نمر على الأبواب”.
لم تحظ أعمال ” جان آنوى ” ولا ” بيكيت ” ولا ” جان جنية ” ولا “يونيسكو” بالقدر المعقول من القبول لدى جمهور برودواي ، إذ رفض “أوليفييه ” و” انتونى كوين ” اللذين اشتركا في مسرحية لبكيت . ذلك أن هذه المسارح التجارية لم تقبل على إنتاجهم .
من ناحية أخرى أخفق البيركامو وسارتر وماكس فريش في إرضاء جمهور برودواي، وإن كانت أعمالهم قد درست بشيء من الإقبال والفهم في الجامعات، ولقيت تأييداً في عديد من دور المسرح الصغيرة في نيويورك وغيرها. ولقد استمر عرض ” كاليغولا ” لكامو، مع شيء من الدعاية ثمانى وثلاثين حفلة. وقوبلت “الأيدى القذرة” لجان بول سارتر، تحت اسم “القفازات الحمراء” ، بطولة تشارلز بوييه بالرفض . أما مسرحية “أندور” لماكس فريش فقد استمر عرضها أسبوعاً واحداً.
انصراف جمهور برودواي عن المسرح إلى السينما
ما جعل كثير من رواد برودواي يؤيدون المسرح في العشرينات والثلاثينات هم هؤلاء المحدثين من كتاب المسرح بعد الحرب العالمية الأولى: أونيل، أندرسون، وشيروود، وأودتيس ، ولكن رواد الستينات ابتعدوا عن دور المسرح الكبيرة لارتفاع أسعارها ولعلهم وجدوا في فن السينما إغراء جديداً وأقوى أثر، فحل محلهم حديثوا الفن، أو المحدثون الثراء، ومن يذهب إلى المسارح من رجال الأعمال الذين يفدون إلى نيويورك لمهام تجارية وصناعية، أو السياح العاديون ومعظمهم لا يشاهدون المسرح في مدنهم، ولكنهم على استعداد لدفع الأسعار العالية لحضور عروض في نيويورك، لكي يتشدقوا على جيرانهم عند عودتهم لبلادهم.
من ناحية أخرى فإن ما حدث من ارتفاع تكلفة العمل المسرحى في برودواي بحيث كان من الممكن أن تفتح مسرحية بثمانية أو عشرة آلاف دولار. أما اليوم وبعد الحرب فإن المنتح يحتاج إلى عشرة أضعاف هذا المبلغ على الأقل. وقد كان بعض المنتجين قد انصرفوا قبل الحرب إلى مسرحيات غير عادية الموضوعات ، مسرحيات تعكس شيئاً من الحياة سريعة التغير في عصرنا .
لا تزال برودواي باقية إلى يومنا هذا
من دواعى العجب أن يظل لبرودواي وجود إزاء النفقات والتكاليف المستمرة الازدياد، وأن يظل هناك متفرجون للعروض القوية النجاح بالرغم من ارتفاع أسعار “التذاكر” ومناوشة فن السينما والتلفزيون. ومما يبعث على التفاؤل أن برودواي لا تزال تنتج من أن لآخر مسرحية موسيقية ذات قيمة وامتياز. ومما يشجع على الأمل أنها احتضنت أحسن أعمال حفنة من المؤلفين المسرحيين، مثل ارثر ميلر وتينسى ويليامز وأوجين أونيل. كذلك مما يشجع أنها تتقبل من وقت لآخر أحد الوافدين الطارئين ، مثل إدوار أولبي أو موارى شيغال، مؤلف الكوميديا غير العادية ” الحب ” Luv.
أما عن مسرحيات برودواي الجديدة فهي أحسن ما ينتج في الولايات المتحدة، وسواء كان هذا طيباً أو سيئاً، فلسنا نملك أي مركز إبداعي حقاً في الدراما و “الأحسن” في كثير من الأحيان ليس بالغ الجودة . بيد أن لدينا من هذا “الأحسن” بصفة جديدة أن نحوطها بالإعجاب، بل الاعتزاز، وأن نتطلع للمستقبل بأمل. فقد ننقلب في يوم من الأيام، وتظهر موجة جديدة من المؤلفين الشبان العظام، لتجد في انتظارها في برودواي جمهوراً شاباً يقظاً، حصيفاً، مسؤولاً. فقد حدث هذا من قبل، ومن الممكن أن يحدث مرة أخرى.
*****
عروض برودواي تجذب عدداً قياسيا من السياح الأجانب
(رويترز) أظهر تقرير أصدرته رابطة مسارح برودواي ان عددا قياسياً من السياح الأجانب والشبان أقبلوا على عروض برودواي في موسم 2012-2013.
وأعلن الاتحاد التجاري لصناعة مسارح برودواي في 9 يناير 2014 أن السياح شكلوا 66 بالمئة من اجمالي مبيعات التذاكر في الموسم الذي امتد من 28 مايو 2012 حتى 26 مايو 2013، بزيادة ثلاثة بالمئة عن الموسم السابق وإن نحو ثلث العدد كان من السياح الاجانب.
وقالت شارلوت سان مارتن المديرة التنفيذية لرابطة برودواي: “جذب موسم 2012-2013 أكبر عدد من الزائرين من دول أخرى منذ بدء هذه الدراسة بنسبة اقبال 23 بالمئة لعروض برودواي في مدينة نيويورك.”
وأظهر التقرير السنوي السادس عشر أن رواد المسارح من أصل أسباني زادوا إلى ثمانية بالمئة، ةشكل الشبان الذين تتراوح اعمارهم بين 18 و24 عاماً ما يصل إلى 14 بالمئة من الرواد ، وهي أعلى نسبة منذ بدء إجراء الرابطة لهذه التقاير.
ورغم أن رواد موسم 2012-2013 بلغوا 11.6 مليون إلا أنهم أقل بنسبة ستة بالمئة عن الموسم السابق، وهو ما تزامن مع تقليص عدد أسابيع العرض وفقاً لما ذكرته الرابطة. وبلغت أرباح عروض مسارح برودواي 1.14 مليار دولار.
كلام الصور
1- أونيل
2- ويليامز
3- ميللر
4- ألبي
5- مشهد من مسرحية سندريلا
6- مشهد من مسرخية “نو مانز لاند”
7- مشهد من مسرحية “تيفانيز بريكفاست”