الشويري: القضاء على الجوع من ركائز الإطار الاستراتيجي للفاو في العالم

تحقيق ماري خوري

ازداد عدد الأشخاص الذين يعانون الجوع خلال السنوات الثلاث الماضية، إذ يعاني الجوع واحد من كل 9 أشخاص على مستوى العالم، أي ما يقدر بنحو 820 مليون إنسان وفق تقرير جديد للأمم المتحدة عن حالة الأمن الغذائي والتغذية في العالم للعام 2019، مما يؤكد “التحدي الهائل” أمام تحقيق هدف القضاء على الجوع، وهو الهدف الثاني من ضمن أهداف التنمية المستدامة 2030.

وأشار التقرير الذي أطلق في نيويورك لرصد ومتابعة أعمال الدول لأهداف التنمية المستدامة، الى ان 1.3 مليار شخص يفتقرون إلى الوصول المنتظم” إلى “الغذاء المغذي الكافي”، وهؤلاء وإن كانوا لا يعانون الجوع بالضرورة، فهم معرضون بشكل أكبر لخطر الإصابة بمختلف أشكال سوء التغذية وضعف الصحة”.

وللإضاءة على حالة الأمن الغذائي والتغذية ومحاربة الجوع في لبنان، كان لـ”الوكالة الوطنية للاعلام” لقاء مع مساعد في وحدة البرامج في منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة- مكتب لبنان المهندس ايلي الشويري الذي عرض المشاريع والنشاطات التي تقوم بها “الفاو” في لبنان استجابة للهدف الثاني من اهداف التمنية المستدامة. ولفت ان مفهوم الجوع في لبنان يختلف عنه في بقية البلدان التي يعاني عدد كبير من سكانها الجوع المزمن، فنجد في لبنان “بؤرا من الجوع” في المناطق الريف او مدن الأكثر تهميشا، مشيرا الى عمل “الفاو” على تحسين الأمن الغذائي والتغذية وسبل العيش ل 3150 أسرة لبنانية، % 52 منها أسر تعيلها نساء.

ومما قاله الشويري: “يعتبر الهدف الثاني من أهداف التنمية المستدامة والذي يتمثل بالقضاء على الجوع، من ركائز الإطار الاستراتيجي التي تعمل به منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة في العالم عموما وفي لبنان على وجه التحديد. وتندرج النشاطات والمشاريع كافة التي تنفذها الفاو في لبنان ضمن خطة برنامج عملها للفترة 2016-2020 والتي تتماشى مع استراتيجية وزارة الزراعة التي أُعدت للفترة 2015-2020، وتأخذ بعين الاعتبار أولويات وحاجات القطاع الزراعي في لبنان كما هو محدد ضمن استراتيجية الوزارة بما فيها البرنامج الوطني للغابات، وخارطة الطريق الاستراتيجية لدعم مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية في لبنان.

وتتناول خطة عمل الفاو في لبنان مجالين رئيسيين لعمل الحكومة اللبنانية من حيث الأولوية وهما: تحسين سبل العيش والفرص الاقتصادية للمجتمعات الأكثر عرضة للفقر وتعزيز أداء القطاع الزراعي ولا سيما في مجال التنمية الاقتصادية والاجتماعية، والبيئية، والريفية المستدامة”.

ولفت الشويري الى أن “برنامج عمل الفاو في لبنان يتوافق تماما وأهداف التنمية المستدامة في القضاء على الجوع وتتمحور نشاطاته حول: دعم نظم الانتاج الزراعي بهدف التغلب على القيود الإنتاجية والتسويقية، وتشجيع الاستثمار في الزراعة، ودعم أصحاب الحيازات الزراعية الصغيرة والمزارعين الأسريين على تخفيض الكلفة إلانتاجية، ورفع الجودة، ومواجهة التحديات التي يواجهونها في مرحلة ما بعد الحصاد، اضافة الى دعم التعاونيات الزراعية وجمعيات المنتجين”.

واشار الى مساهمة “الفاو” بتعزيز قدرة المجتمعات المحلية المضيفة للاجئين السوريين على الصمود من خلال دعم الاستثمارات في البنى التحتية الزراعية وسلاسل القيمة الزراعية الغذائية لخلق فرص للعمل ولتأمين سبل العيش، خاصة في المناطق الريفية الرئيسية حيث توجد معظم المجتمعات المحلية المضيفة.

مكافحة الجوع في لبنان

وأعلن الشويري ردا على سؤال ان “مفهوم الجوع في لبنان يختلف عن باقي البلدان التي يعاني عدد كبير من سكانها من الجوع المزمن، فنجد في لبنان “بؤرا من الجوع” في المناطق الريف او مدن الأكثر تهميشا.ولا شك من أن الأزمة السورية زادت المشكلة المتعلقة بازدياد بؤر الفقر سواء بالنسبة للمجتمع اللبناني المضيف وبخاصة الريفي منه والمتمثل بالمزارعين الذين تأثرت سبل عيشهم بشكل مباشر أو بالنسبة للنازحين السوريين الذين تأثر أمنهم الغذائي بشكل سلبي.

وقال لدى سؤاله عن المبادرات المتمثلة بتقدم وجبات مجانية للفقراء او بجمع الأطعمة المتبقية من الفنادق والمطاعم واعادة توزيعها على المحتاجين: “اننا ندعم مثل هذه المبادرات التي تساعد على تخفيف مشكلة النقص في الغذاء للمجتمعات الأكثر عرضة للفقر والجوع. ورأى إن هذه المبادرات تحتاج إلى تنسيق أكبر في ما بينها بغية الوصول إلى أكبر شريحة من هذه المجتمعات. أما في ما خص الأطعمة المتبقية، فيجب العمل على قوننتها بشكل أن تراعي هذه المساعدات المعايير العالمية واللبنانية بالنسبة لسلامة وجودة الأغذية. ولفت الى انه يجب التركيز على أهمية هذه المبادرات في التخفيف والحد من هدر الأغذية والطعام.

تعزيز الأمن الغذائي

وتطرق الشويري الى عمل “الفاو” على مستوى تعزيز الأمن الغذائي من خلال تعزيز قدرة المزارعين وبخاصة الصغار منهم على الصمود، مشيرا الى أهم المشاريع المنفذة، وهي:

“تعزيز سبل العيش والأمن الغذائي للمرأة اللبنانية من خلال تحسين ممارسات انتاج الحليب ودعم أنشطة تصنيع الألبان والأجبان، كذلك من خلال مشروع الإنتاج شبه المكثف للبيض الذي سعى من خلال توفير الدعم التقني لإنتاج البيض وتسويقه، مما ادى إلى تحسين الأمن الغذائي والتغذية وسبل العيش ل 3150 أسرة لبنانية، % 52 منهم أسر تعيلها نساء.

تعزيز سبل العيش الزراعية وفرص العمل من خلال تشجيع صغار المزارعين على الاستثمار في استصلاح الأراضي وخزانات المياه وتعزيز مهاراتهم في زرع البساتين وإدارة أنظمة الري. ومن المتوقع أن يؤدي هذا المشروع إلى خلق 80,000 فرد/يوم فرصة عمل في قطاعي الزراعة والبناء، وتشجيع اعتماد الممارسات الزراعية الجيدة في منطقة الليطاني لتخفيف من حدة التلوث الناتج من الافراط في استخدام المبيدات والأسمدة الزراعية. واعتبر ان من أهم أولويات الدعم التقني للقطاع الزراعي يكمن في تعزيز نظم الصحة الحيوانية والصحة النباتية وسلامة الغذاء وجودته.

النظام الغذائي المستدام

ولفت الشويري ايضا الى الجهد الذي تبذله الفاو لمساعدة المزارعين لإنتاج زراعي مستدام من خلال تحفيز المزارعين ومساعدتهم تفنيا عبر استخدام الممارسات الزراعية الحسنة، والحد من استخدام المبيدات والأسمدة الزراعية لما لها من أثر سلبي على سلامة الغذاء وعلى تلوث المياه الجوفية. وأيضا عبر استخدام الموارد الطبيعية وخصوصا تلك المتعلقة بالموارد المائية بشكل رشيد مع استخدام التقنيات الحديثة التي تخفف من الهدر في مياه الري. اضافة الى العمل على أن تصل التكنولوجيا الحديثة إلى صغار المزارعين والعمل ايضا على تكيف الزراعات مع تغير المناخ والحد من تدهور الأراضي الزراعية وتآكل التربة.

وكخلاصة، وبهدف إدراج نظام إنتاج غذائي مستدام في نهج التنمية المستدامة، تعمل الفاو على مساعدة الدول من خلال الدعم التقني المقدم لها عبر: تشجيع إشراك المعنيين في القطاع الزراعي في هذه العملية، والمساعدة على بناء رؤية مشتركة للقطاع الزراعي وترجمة هذه الرؤية إلى خطة عمل للنهوض بالقطاع الزراعي والبلوغ إلى الاستدامة المرجوة بشكل يتماشى مع أهداف التنمية الزراعية المنشودة.

وعما تم انجازه على مستوى مضاعفة الإنتاجية الزراعية لصغار منتجي الأغذية، من مزارعين رعاة وصيادين قال:”ساهمت كافة المشاريع التي نفذتها الفاو والتي ذكرناها سابقا في تحسين الإنتاجية الزراعية وبخاصة تلك الموجهة لصغار المزارعين إن بشكل مباشر أو غير مباشر. وتشمل هذه المشاريع: تحسين البنى التحتية الزراعية كمساعدة المزارعين على استصلاح الأراضي الزراعية المتروكة وتشجيعهم على استخدام الممارسات الزراعية الحسنة، وترشيد استخدام مياه الري وبناء خزانات لجمع وحصاد المياه، بالإضافة إلى الدعم التقني المقدم للمشروع الأخضر، وكذلك المساهمة في إنشاء المركز الوطني للبذور الحرجية المؤصلة بالتعاون مع مصلحة الأبحاث العلمية الزراعية، وتحفيز المزارعين على استخدام أنظمة الري الحديثة (كالري بالرذاذ أو بالتنقيط) بهدف الحد من هدر المياه.

وختم الشويري قائلا: “سنتابع بذل الجهود بالتعاون مع وزارة الزراعة، للوصول إلى الهدف المرجو والذي يتمثل بإنتاج زراعي مستدام. ومن المشاريع المقترحة للسنة القادمة، نذكر تلك التي تهدف إلى وضع رؤية للقطاع الزراعي اللبناني لعام 2030، من خلال وضع التوجهات العامة للاستراتيجية الزراعية القادمة للفترة 2021-2025 من خلال إشراك كافة المعنيين بالقطاع الزراعي ومن ثم ترجمة هذه الرؤية إلى خطة عمل ضمن استراتيجية الوزارة في هذا المجال”.

***

(*) الوكالة الوطنية

اترك رد