عناصر أساسيّة من أشعار أمير البيان شكيب أرسلان

 

جرى تقليد في بداية القرن الماضي أن تُعطَى ألقاب لكبار الشّعراء في الشّرق العربيّ، فقد حظي أحمد شوقي بلقب أمير الشّعراء، وحافظ إبراهيم بلقب شاعر النّيل، وخليل مطران بلقب شاعر القطرين، وأمّا شكيب أرسلان فقد حظي بلقب أمير البيان.

ويذكر محمّد علي الطّاهر ، في ذكرى الأمير شكيب، مستشهدًا بكلمة لمارون عبّود تقول:

إنّ شكيب أرسلان كان أميرًا في أدبه، وأميرًا في سياسته، وأميرًا في صداقته، ولو لم يتّجه إلى خوض السّياسة التي تتطلّب الترسّل أكثر من النّظم لكان هو أمير الشّعراء لا شوقي.

كان الأمير شكيب أرسلان أميرًا كبيرًا متعدّد الجوانب والمواهب، فهو شاعر وعالم ومفكّر ومؤرّخ ورجل سياسة واجتماع، وبحّاثة لُغَويّ ومناضل مقاتل، وجوّاب آفاق طاف البلدان ما بين الأناضول وإستانبول والبوسنة وجزيرة العرب وسيطًا بين ابن سعود وملك اليمن يحيى ، ومصر وطرابلس الغرب محاربًا مع الأتراك ضدّ إيطاليا، ومتنقّلاً بين الأندلس وأقطار أوروبا حيث كان منفيّاً في جنيف عن وطنه لبنان إلى آخر سنة في حياته .

وهو كاتب مقالات وأبحاث ورسائل ، وله باع طولى في الصّحافة، ولعلّ جانب الشّعر فيه يستأهل هذه المحاضرة التي أرى أنّها ستكون مكثّفة لأنّ الحديث بتوسّع حول شعر أمير البيان يحتاج إلى أكثر من لقاء، ولكن تمشّيًا مع القول:ما لا يدرك كلّه لا يترك جلّه رأيت أن أنظر في بعض عناصر أساسيّة أو جوانب باروة في شعر الأمير شكيب اعتمادًا على ديوانه، وأنا كثيرًا ما راجعت هذا الدّيوان نزولاً عند رغبة والدي الشّاعر محمّد أبي السّعود الأسدي رحمه الله وكان لا يُقدِّم على شكيب أرسلان شاعرًا من معاصريه، ولدى كلّ لقاءمثل هذا ، وقد سبق وتحدّثت عن شاعريّة الأمير في عدد من القرى في الكرمل والجليل منذ سنة 1964 أذكر منها لقاء في دالية الكرمل ، وآخرين في عسفيا ويركا.

ولعلّ أطرف ما حدث لي في يركا هو أنّ الأستاذ المرحوم مزيد صالح أبو حسن ، وكان مديرًا لمدرسة يركا الإبتدائيّة، كان قد أرسل عاملاً من المدرسة ينادي في يركا بانّ تتفضّلوا لسماع محاضرة عن الأمير شكيب أرسلان يلقيها الشّاعر أبو سعود الأسدي يقصد والدي ، وقد التبس الأمر بيني وبين والدي لأنّه يعرف أبي ، وأنا غير معروف وقد كنت في السّادسة والعشرين من عمري.

ويومها توافد شبّان القرية، وعدد كبير من شيوخها وكبرائها من أصدقاء والدي ومعارفه، وانتظروا ، ولمّا قام الأستاذ مزيد ليقدّمنى سمع تهامسًامن الشّيوخ سائلين : أين أبو السّعود ؟!

فتدارك ابو حسن الأمر وقال :

لقد فاتني يا حضرات المشايخ أن أعتذر عن عدم تمكّن صديقنا الشّاعر أبو سعود من الحضور، وقد أناب عنه الأستاذ سعود وهو قدّ وقدود، والشّبل من ذاك الأسد ، نرحّب به وبالجميع.

وأنا هنا أذكر، وأحبّ بهذه المقالة أن أنوّه إلى أنّ النّاس في السّتّينات والسّبعينات من القرن الماضى كانوا يستجيبون لدعوات النّدوات، وسماع المحاضرات، وخاصّة الأدبيّة، وأرى أنّ التّجاوب يومها هو من قبيل الاعتزاز والتّقدير لشخص الأمير شكيب أرسلان وخاصّة أنّ المتحدّث يعزّه ويقدّره ويحبّه لمواقفه الوطنيّة، وتضحياته في سبيل العروبة والأوطان العربية، وهو الذي قال وهو في النزع الأخير من حياته : أوصيكم بفلسطين.ولعلّ الحديث عن الشّعر حاجة روحيّة، وإنّ الرّوح ليشوقها أن تخرج في نزهة، وهل هناك مثل الشّعر وقصائد أمير البيان ما يوفّر مثل هذه النزهة؟!وإنّ المرجع الرّئيسيّ الذي اعتمدته في الحديث عن عناصر أساسيّة ، أو جوانب معيّنة في شعر شكيب أرسلان هو ديوانه المعنون: ديوان الأمير شكيب أرسلان

وقد وقف على طبعه وتصحيح بروفاته ومراجعته وإصداره عام 1935 م. الشّيح محمد رشيد رضا صديق الشّاعر مدى أربعين سنة.

وديوان الأمير شكيب ليس ضخمًا بل صغير الحجم نسبةً وقياسًا لشهرة الأمير، وقد طبّقت الآفاق في الشّرق والغرب . وقد نوّهت منذ البداية إلى أنّ الأمير شكيب متعدّد الجوانب: كاتب وعالم، وبحّاثة ومؤرّخ ، ولغويّ وذو صحافة ورسائل، وخطب ومحقّق ومؤلّف، وقد أربت كتبه على عشرين كتابًا بينما مخطوطاته التي لم تنشر لغاية الآن هي خمس عشرة مخطوطة.

يُجمل أمير البيان في مقدّمة ديوانه الأسباب التي جعلته يجمعه وهي أسباب وجيهة:

1- أن تكون نسبة القصائد إليه فلا يحدث التباس فينسب من شعره لغيره.

2- خوفه أن يتبعثر بعضه هنا وهناك فيصعب جمعه ويضيع منه كثير أو قليل.

3- أنّ قصائد هذا الدّيوان فيها وقائع تاريخيّة وأحداث مشهورة، وكان هذا الشّعر داعيًا إلى تأريخها لما لها من أهميّة.

4- لأنّ لأمير البيان أصدقاء، ومنهم أعلام وأدباء وشعراء ورجال سياسة، وقد ذكرهم فمدحهم أو رثاهم وفاءً منه لهم، ولذا فإنّ إثبات قصائد المدح أو الرّثاء هو بمثابة إشاعة لمحامدهم ومناقبهم ومنهم العلاّمة أحمد فارس الشّدياق، وعبد الله باشا فكري، ومحمد بك فريد، وكامل بك الأسعد، وأحمد باشا تيمور، والشّيخ عبد الله شاويش ، وأمير الشّعراء أحمد شوقي، والشّيخ عبد القادر الشيبي، والحاج عبد السّلام بنونة، وأخيه الأمير نسيب أرسلان: أمير السّيف والقلم وغيرهم.

وهناك ملا حظه هامة وهي أن أمير البيان كان قد أصدر وهو في السّابعة عشرة من عمره ديوان (الباكورة) وقد ألحق معظمه بهذا الدّيوان لأنّه شعر يليق بأن ينسب إليه، وأنّ الشّباب أشعر من المشيب أو كما يقول:

وأحسن القريض ما جاء في العهد الغريض.

shakib arslan

تصدير الدّيوان

يقول شاعر القطرين في تصديره ديوان أمير البيان إنّه يرقى حثيثًا إلى مقام لا يرام بين شعراء العربيّة، ولو ظلّ الأمير معنيّاً بذاك الفنّ الرّفيع لصدّق فيه ما ظنّوه كلّ الصّدق .ثمّ يعدّد الشّواغل التي شغلت الأمير شكيب عن الشّعر وهي السّياسة والاجتماع والأدب ومباحث التّاريخ والأخلاق وقد ملأت وقته، وكتب فيها ما لم تستطع أن تكتبه طائفة من حملة الأقلام.

ويقول فيه أيضًا :إنّه ملك اللغة من أوّل أمره ،وجمع معجمها في صدره، تشهد بذلك كتاباته ، وهو فيها مجيد ، كما أنّه في الشعر مقلّ مجيد.

تقسيم الدّيوان

قسّم شكيب أرسلان ديوانه إلى الأقسام الآتية:

1- المراسلات السّامية.

2- في مساجلات شعريّة، ومفاكهات أدبيّة.

3- في مراثي العلماء والأدباء والكبراء.

4- في المدائح السّلطانيّة، وشؤون السّياسة العثمانيّة.

5- الباكورة وهي نتاج شعره من الرّابعة عشرة إلى السّابعة عشرة من 1884-1887( مقتطفات من الباكورة).

كما كان الأمير شكيب يستشهد في بعض كتاباته بأبيات من شعر محمود سامي الباروديّ، وهذا رائد مدرسة الشّعر والإحياء فكان أن كتب إليه الباروديّ مقطوعة من سبعة أبيات ينوّه بها إلى فضل الأمير أوّلها:

أَشَدْتَ بشعري بادئًا وَمُعَقِّبًا وأمسكتُ لم أهْمِسْ ولم أَتَكَلَّمِ

فيردّ عليه الأمير بقصيدة من أربعين بيتًا مطلعها:

لكَ اللهُ من عانٍ بشكرٍ مُنَمْنَمِ لتقدير حَقٍّ في عُلاكَ مُحَتَّمِ

وفي ختامها يخفّف عن الباروديّ ما أصابه من نفي أبديّ عن مصر عام 1882إلي جزيرة سرنديب(سيرالانكا) بفعل الخديويّ والإنكليز أثر ثورة عُرَابي الوطنيّة:

أمحمودُ سامي إنْ يَكُ الدّهرُ خائنًا***وطالَ عليكَ الزَّجْرُ طائرَ أشأمِ

فما زالتِ الأيامُ بؤسًا وأَنْعُمًا***وحَظُّ الشّقا بالمَكْثِ حَظُّ التَّنَعُّمِ

ولولا الصَّدَى ما طابَ وِرْدٌ ولا حَلا ***لكَ الشَّهْدُ إلاّ من مرارةِ علقمِ

عسى تُعْتِبُ الأيّام والهَمُّ ينجلي * وينصاحُ صُبْحُ السَّعْدِ في ليلِ مُظْلِمِ

فيردُ عليه الباروديّ بقصيدة منها:

هو الهُمـامُ الذي أَحْيــا بمنطقِهِ * لسانَ قومٍ أجادوا النُّطْقَ بالضّادِ

تلقى بها أحنف الأخلاقِ مُنْتَدَبًا*** وفي الكريهة عمروًا وابنَ شَدَّادِ

ثُم كان ردٌّ من شكيب، وجواب من سامي وردّ من شكيب بقصيد مضاهية ، وفي جواب سامي قوله:

أَحْيَا رميمَ الشّعْرِ بَعْدَ هُمُودِهِ * وأعادَ للأيّامِ عَصْرَ الأَصْمعِي

وأمّا قصيدة شكيب فكانت في أربعة وستّين بيتًا

وفي سنة 1908 وقد كان الأمير شاتيًا في طبرية عند ابن عمّه الأمير مصطفى أرسلان قائمقام البلدة، فقد بعث إلى الباروديّ قصيدة في التّعزية والتّسلية وقد ضاعت إلاّ ستة أبيات يذكر فيها خليل مطران وأحمد شوقي وحافظ إبراهيم:

وسلامي على الخليلِ وشوقي * وعلى حافظٍ بديعِ النّظامِ

الثُريّا التي قَدِمْتُ عليها ***بضئيلِ السُّهَى وشِبْهِ القَتَامِ

فيجيبه البارودي، ويشهد له بصدق الوداد:

صادِقُ الودِّ لا يَخيسُ بعهدٍ ***وقليلٌ في النّاسِ رَعْيُ الذِّمامِ

جَمَعَتْنا الآدابْ قَبْلَ التّلاقــي ***بنسيــمِ الأَرْواحِ لا الأجسامِ

القسم الثّاني في مساجلات شعريّة  ومفاكهات أدبيّة

وكانت بينه وبين عبد الله فكري، وأسماعيل صبريّ، ولقد لفت نظري حادثة طريفة، يوم كان شكيب ارسلان مبعوثًا عن حوران إلى الآستانة أيام الحرب العامّة الأولى، وقد نزل ضيفًا عند محمد بك راسم( من أعيان مصر مقيم في (طرسوس)وله معمل قطنيّ فيه فتيات ينسجن ..وحدث أن ضويقت فتاة لأجل جمالها ، ولمّا علم صاحب المصنع جعلها في مأمن من التّعرّض لها، فكتب الأمير شكيب مداعبة شعريّة” غزلية” يصف فيها الفتاة التي تقول للشّمس: غيبي تا أقعد مطرحك ! ومنها:

أَحْبَبْتُ عيسى والصّليبَ لأجْلِها * حتّى يكادُ يَؤُمُّ بِيْ قَسِّيسُها

ثم يخلص إلى مدح أنور باشا:

بَطَشَتْ بنا وهي الضّعيفُ بذاتِها*** بَطَشاتِ أنورَ بالعُداةِ يَدُوسُها

هو ذلك البطلُ الذي في ذكرهِ * أبدًا يُضيىُ من الوجوهِ عَبُوسُها

ولمّا وصلت هذه القصيدة دمشق بعث إليه الأديب الشّاعر خليل مردم بك بقصيدة يداعبه:

إنْ كنتَ أحْبَبْتَ الصّليبَ لأَجْلِهـا ***وشَجَا فؤادَكَ قارِعًا ناقوسُها

والرّوحِ والإنجيلِ حَلَفةَ صادقٍ*** ويميـنِ حقٍّ لا يُرَدُّ غَمُوسُهـا

إنّي لَهَجْتُ بِذِكْرِ يوحنا ومـرقسَ وازدهَـى في ناظري جرجيسُها

وشريت تكريسَ البَتُولِ ويوسفٍ * وحفظتُ ما قد قاله قدّيسُهـا

هذا ولولا حُبُّ ديـنِ محمّدٍ * “من دونِ كادَ” لأَمَّ بـي قِسِّيسُهـــا

هامَتْ بها نفسي لوصفِكَ حُسْنَها **حتّى كأَنْ موهُومُها محسُوسُها

ثمّ تَلَّى هذه القصيدة قصيدة أخرى لخليل مردم، ويردّ شكيب عليهابقصيدة، وتكون بعدها حادثة سياسيّة إثر ملاحقة العلاّمة محمّد كرد علي، وتفتيش بيته، وفراره فتوسّط له شكيب .

ثمّ تتوالى قصائد المراسلات والمفاكهات حتّى يمدح شكيب أرسلان الخديوي توفيق ( وشكيب من العمر ابن واحدة وعشرين عامًا) ثمّ لازم محمّد عبده، وذهب إلى زيارة سعد زغلول زعيم مصر ثمّ إلى الإسكندريّة فاستقبله الخديوي توفيق في رأس التّين.

وفي أحدى جولات شكيب في أوروبا يؤمّ مدينة فرانكفورت في ألمانيا، ليزور قبر شاعر ألمانيا الكبير جوته، وعندما زار بيته ، وقدّموا له الدّفتر المعتاد أن تُكتب فيه

أسماء الزّائرين وانطباعاتهم كتب أمير البيان:

مُذْ قِيلَ هذا بيتُ (غوته) زُرْتُهُ ***إِذْ كانَ لِلشُّعَراء كعبـةَ قاصِدِ

هذا أميــرُ الشِّعْرِ عندَ قبيلِــهِ * منــهُ لِجِيدِ الدَّهْـــرِعِقْدُ فَرَائــدِ

طَأْطَأْتُ رأسَ قريحتِي في بابِهِ * وَلَكَمْ رأَتْ عَتَباتُهُ من ساجدِ

إِنْ لم يكنْ من أمّتي وعشيرتِي * فالنّاسُ في الآدابِ أُمَّةُ واحِدِ

( أو فاتَنا نَسَبٌ يؤلّفْ بينَنا * أدبٌ أقمناهُ مقامَ الوالِدِ)ِ

وبعد أن ذهب شكيب من فرانكفورت استدعت بلديّتها الأستاذ المستشرق هوروفيتس الذي كان يدرّس العربيّة في كلّيّة عليكرة في الهند، وله ترجمة لديوان الكميت بن زيد الأسديّوة\ كزموة فيما أتذكّر وغيره فترجم هذه الأبيات ، ونشر التّرجمة في جرائد ألمانيا ، ممهِّدًا لها بمقدّمة جاء فيها الإطراء الزّائد وقال:هذا إكرام شاعر الشّرق لشاعر الغرب.

وتتوالى قصائد تكريم الشّعراء مثل حافظ إبراهيم شاعر النّيل وخليل مطران شاعر القطرين وقصيدة بعث بها إلى لتكريم أمير الشّعراء أحمد شوقي قرأها عنه خليل مطران ، وقصيدة في تكريم الأستاذ العلاّمة الشيخ عبد الله البُستانيّ، وأخرى للشّاعر المصريّ عبد الحميد الرّافعيّ.

shakib arslan1

القسم الثّالث في مراثي العلماء والأباء والكرماء

ومن هؤلاء رثاء العلاّمة أحمد فارس الشِّدياق، وعبد الله فكري وأمين فكري وإبراهيم اليازجيّ وسامي البارودي ومحمد بك فريد رئيس الحزب الوطنيّ سنة 1919 ورثاء المناضل ملحم أرسلان بعد عودته من منفى في الأناضول ورثاء عبد القادر عباس حلمي خديوي مصر وأحمد مختار بيهم من أعيان بيروت وعبد العزيز جاويش ورثاء كامل بك الأسعد ورثاء أخيه الأمير نسيب ورثاء أحمد تيمور وعبد القادر الشّيبيّ من أعيان مكّة ورثاء أحمد شوقي ومراث أخرى.

القسم الرابع في المدائح السّلطانيّة

وذلك بسبب تأييده الوحدة الإسلاميّة، وتعظيمه لشأن الخلافة الإسلاميّة وانكشاف أطماع دول أوروبا بالشّرق العربيّ وثرواته، والتحكّم في مصائر شعوبه، فقد مدح السّلطان عبد الحميد بالعديد من القصائد ويوم استرجع ادرنه بالحرب البلقانيّة ولما أعلن الدّستور قرأها في بيروت، وفي مناصرة الجبل الأخضر لمّا هجمت إيطاليا على طرابلس الغرب، وشارك مع أحمد شوقي وخليل مطران في مناصرة طرابلس بمهرجان شعريّ في مصر بإلقاء قصيدة، وشارك مع جميل صدقي الزّهاوي وفارس الخوري في مهرجان الآستانة يوم تمثيل رواية صلاح الدّين الأيّوبيّ ، وهي قصيدة عصماء ومنها:

وكيدٌ على الأتراكِ قِيْلَ مُصَوَّبٌ **** ولكنْ لِصَيْدِ الأمّتينِ حَبَائِلُهْ

تَذَكَّرْ قديمَ الأَمْـــرِ تَعْلَمْ حديثَــهُ **** فكُلُّ أخيــرٍ قد نَمَتْـهُ أوائلُـهْ

إذا غالَتِِ الجُلَّــى أخـاكَ فإِنّهُ *** لقد غالَكَ الأمـرُ الذي هو غائِلُهْ

فَلَيْسَتْ بغير الإتّحادِ وسيلةٌ ******لِمَنْ عافَ أَنْ تُغَشَى عليهِ منازِلُةْ

وليس لنا غيرَ الهِلالِ مَظَلَّــةٌ ******يَنَالُ لديهــا العــزَّ من هو آمِلُـهْ

ولو لم يُفِدْنا عِبْرَةُ خَطْبُ غيرِنـا ******لهانَ ولكنْ عندَنا مَنْ نُسَائِلُهْ

سيعلمُ قومي أَنَّني لا أَغُشُّهُمْ ***ومهما استطالَ الليلُ فالصُّبْحُ واصِلُهْ

ولكن قصيدة القصائد فهي واسطة عقد قصائد أمير البيان القصيدة الرّائيّة المطوّلة التي نظمها إثر زيارته إلى حطّين سنة 1902وقصيدة ذكرى الأندلس وأخرى في إحكام علاقات الأتّحاد بين العرب والتّرك، قالها في دمشق مع حشد من أدباء العرب والأتراك.

وأخيرًا القسم الختامي الباكورة

وأمّا القسم الختاميّ في ديوان الأمير فهو القسم الذي بدأ به (الباكورة) وهذا القسم صورة مصغّرة عن ديوانه، ففيه الغزل والتّشبيب والمدح والتّهاني والرّثاء ، ويُغطي مساحة زمنيّة من عمره من الرّابعة عشرة إلى السّابعة عشرة، تشهد له بأنّه بحر شعريّ ولغويّ محيط، وقد صدق أحمد حلمي باشا رئيس حكومة عموم فلسطين عندما رثاه في مهرجان يافا وختم بقوله:

عجبت لذلك القبر كيف استطاع أن يسع ذلك البحر ! ارحموه واسمعوا الكلمة الأخيرة التي نطق بها قبل أن يلفظ النَّفَس الأخير : أوصيكم بفلسطين!

اترك رد