الأديب جورج شامي
ليس باستطاعتي أن أظلمك يا جورج، فأتهمك بأنك رحلت بفعل اللامبالاة واللاهتمام واللامسؤولية، وبفعل التراخي والسأم والضجر.
ليس باستطاعتي أن أتهمك بأنك تخلفت في حياتك عن دورك المضيء بملء إرادتك، صحافيًّا رصينًا وشاعرًا مجدّدًا مبدعًا بفعل القهر والإحباط والاكتئاب والحزن على الوطن الذي ابتعدت عنه نصف قرن أو بفعل الضنك والقرف والإرهاق واليأس من النضال.
لقد انهزمت في حياتك ضحية الحب والعشق، وضحية تعلقك الأعمى بوطنك لبنان، وضحية ولائك المجنون له ولقضيته.
أنت الذي كنت ضد العنف بكل أشكاله وأنواعه، لم تطلق رصاصة ولم تشهر سيفًا ولم تسرق سوى ضوء القمر وعطر الورد وندى الصباح وعنفوان الكلمة، تنسحب بتؤدة وثبات في الكتب والصحف والدواوين والسطور تعبيرًا عن معاناتك ولواعجك وما تحمله سرائرك من سؤدد ومجد.
لماذا آثرت الذهاب دون وداع إلى دار الحق. لماذا انقصفت كالبرق. ألأن صوت الحق ناداك، أم لأنك آثرت ارتكاب جريمة الانتحار المرّ على هامش الحقيقة؟
عجب هو أمرك، سقط فيك الإنسان وسقط الإله دفعة واحدة، بينما كنت من الناس القلائل الذين يجيدون التقدم في العمر!
على هذا المقياس أجد نفسي في هذه اللحظات المريرة منساقًا مع “اللماذا” الكبرى والخدر يفككني ذرة ذرة!
***
(*) جريدة النهار 11 يوليو 2019.