تراكم الحياة بواقعها المعقد حصاراتها من اكثر من جهة..
علاقات تبذل الكثير من وقتك وجهدك وتفكيرك واحساسك لاجلها، فتكشف لك التحديات انها شكلية بلا محتوى او قائمة على المنفعة بشكل مقزز، فتجد يدك في لحظة الاحتياج إليها انك صفر اليدين..
ومعارف وخبرات تفني الكثير من وقتك لاجل الحصول عليها، وتضحي براحتك في وقت يستمتع الآخرون بحياتهم دون الاكتراث بشيء برجاء ان تنال لاجلها ما يناسبك وينصفك، فيريك الواقع خلاف ذلك، ويصدمك بان الذين لا يتعبوا انفسهم بتحصيل اي شيء بسطت الحياة اذرعها لهم ومكنتهم من الحصول بامتيازات وفرص اكثر حتى من الاحلام…
وآمال تخطط لها وتبذل من اجلها، وتشتغل في سبيلها الكثير، فتبددها عبثية العابثين وتشتتها ظروف تخلقها نزوات جاهلة ومغامرات طائشة لآخرين ويأتي السقف على رأسك..ووطن وشعب تعشقهم حد التيم، وترهن كل حياتك من اجل سعادتهم وتطورهم، وتخلص لهم بكل ما تستطيع. ثم تعجز ان تؤمن لنفسك فيه مسكنا متواضعا ولا عملا مستقرا، بل ولا حتى قبرا في المحل الذي تريد….
يحاصرك الواقع بكل هذا وزيادة حد الاختناق، ومع وعي عميق لك يدرك الاشياء وما ورائها بشكل يفوق احساس الاخرين اضعافا مضاعفة، فيغدو الوجع في روحك وعقلك وكل وجودك اشد من وخز الدبابيس واوجع من الاعتصار واضيق من الاختناق، فيحلك ذلك الى نكوص تتآكل ذاتك تدريجيا تحت مطارقه، ويستولي عليك اشتعاله حتى يحيلك رمادا..
هنا يوجد في زاوية بعيدة نافذة ضوء، متصلة برحمة الله التي لا تدانيها رحمة ولا يوجد حدا لسعتها، ومؤيدة بقدرته التي لا يعجزها شيء..باب الوصل إليها ثقتك بانك اكبر من كل ما يحيط بك، وانك مع كل هذه الحصارات ومع كل هذه النكسات تملك فسحة من أثر ومساحة من وجود، يمكن ان تؤسس لك ومنك ومعك عالما بقلب ابيض وروح فواحة بالياسمين يضيئها نور الوعي ويملأها بريق المحبة..
وهناك يمكن ان تسحب نفسك بعناية لتجانب كل هذه الحصارات وتتجاوز سياجها المظلم الى فسحة من فضاء..
السر في كل ذلك ..ان تمارس إلهاما لذاتك دائما وابدا تكرره في عبارة عميقة “نعم..انا اقدر” وما زلت اقدر فان الواقع لا بد ان يستجيب لي يوما..