كنتُ أراقب خطواته بفضول لأبحث بين سطوة النظرة عن عمرٍ يحيط به.
حسين نصرالله قرّر أن يبتلع الكون، أن يدوسه بجزمة البطولة، ولكنّه لم يحمل رشّاشًا ولا مسدّسًا ولا بندقيّة، بل حمل ابتسامة يرشق بها كلّ من تأبّط كلمةً عرجاء أو حزنًا كهربائيّا.
وهكذا رحتُ كجاسوسة المنابر أترقّب دخوله إلى شهرياد وأتابع بشغف علبة السّجائر عشيقة اللّيل وكمشة وريقاتٍ بحجم لوح شوكولا في اليد الأخرى.
كان حسين نصرالله يتابع الضيوف بابتسامةٍ عريضة، يقدّم كامل أذنيه ويرمي أحيانًا عباراتٍ تردع الضيوف عن الوقوع في الخطيئة.
كيفَ لي آنذاك أن أساوم رجل الثّمانين المتلهّف للحياة، للسّهر للنجوم للحروف للخربشات على مقعده لمطوّلات على أوراق الحياة البيضاء؟
كيف لي آنذاك أن أتأفّف من جراح في حياتي وأنا انظر إلى حسين نصرالله يلاعب المرض بكرة من حديد ويطفئ وجهه كلّ يوم بقصيدة من فولاذ؟…” يا بنتي اضحكي وحطّي ضحكتك بقصيدة”…هذا ما قاله لي إحدى المرّات وهذا ما دمغه في قصائده بين الفححى والمحكيّة والّتي لم يحالفه الوقت والمرض لنشرها…
وكم من وقتٍ يعادي الملوك أحيانًا. حسين نصرالله “فرخ البطّ عوّام”.
نامي في جعبة قلوبنا، وسينشر قصائدك على وعد للنجوم.
وهذا المساء سنقرأك حتّى آخر نفس لأنّك أيّها الأب المناصل يليق بنا بوحنا “أحبّكَ أبي-بحبّك يا بيّي”..
***
(*) كلمة الشاعرة ميريام بستاني عن الشّاعر الراحل حسين نصرالله في أمسية مرايا الحرف..