من النيل إلى الفراتِ
كلّ البلاد بلادي
لا خصام فيها ولا ذرّة عتابِ!
هبّوا يا عربُ من ظلال السُّباتِ
من ثمالة الحروب، من غلالات الهوانِ
هبّوا فصمتكم في عفونةِ التّاريخ قذارةٌ
أوا تخجلوا، فخطاياكم تعدّت نهاية الأعداد!
وصراعاتكم أدمت ما في القلوب من مِدادِ
والشّعوب تحتسي الدّم في كؤوس من الدّماء
تداعب قيثارة أشواكِها في عرس من الأكفانِ
ما بالكم، ما بالكم،
يا عربُ
في الدينار أو اللّيرة أو الرّيال أو أبالسة الدّولارِ
في حلبة الخصام وأناشيد الدّلال
ومشعل الحرية في نيورك قد خمد
ما بالكم يا عرب
بيروت قد بكت وحلب دُمِّرت
وأمّ المدائن قد خوت
فلسطين، يا عرب، قد خوت
ومزامير داوود تئن في كرب
وأنتم، وأنتم ما أنتم
أصنام واجمة مركومة على الأطلال
آكام من الزّؤان لا روح فيكم ولا صَمَدْ
هبّوا يا عرب
فالقصائدُ لن تحييَ من ماتَ
والمتنبّي لن يعيد لكم الأمجاد
كلّكم كافورُ، كلّكم كافورُ
كلّكم زيف الجواهرِ
في كنف التراب أجدادكم في وجعٍ وأرقْ
أعيدوا ما ذَرَت الرّيحُ من وصالٍ
وما أرهق الضوءَ من شُحب
أعيدوا وشوشةَ الألحان
بين فيروز وأم كلثوم العرب
واتركوا الدّرويش في لحده
يخلد مع نزار في رَحَبْ
كمّ جرّحتِ الحربُ قلوبًا
وفجّرت في الأحداقِ من نُدب
وكمّ من ثغر هاجر ثغره
فلا قبلَ ولا عناقَ ولا وَدَدْ
وكمّ من ثغر هاجر ثغره
فلا قبلَ ولا عناقَ ولا وَدد
لا تحبسوا التّاريخ في قماقم جوركم
ومجامِرُ أطماعِكم تُشعِلُ بيادرَ العتب
دعوا سُحب الأشجانِ تمطِرُ حبًّا
ما بين القدس وبغدادَ
ما بين الشامِ والفيحاءَ
أزاهيرُ حلمٍ
تضوع سحرًا وعَجَبْ
***
أعيدوا ما ذَرَت الرّيحُ من وصالٍ
وما أرهق الضوءَ من شُحب!!!!!
****
(*) ألقيت في 23 نيسان 2019 في أمسية شعرية خلال معرض الكتاب الخامس و الأربعين في معرض رشيد كرامة الدولي.