عقدت دائرة اللغة العربية ولغات الشرق الأدنى في الجامعة الأميركية في بيروت (AUB) ندوة عن الدكتور أنطون غطاس كرم، تكريما له في ذكرى مئوية ولادته وبمرور أربعين سنة على رحيله. وقد جمعت الندوة طلاب الدكتور كرم السابقين وزملاءه وأصدقاءه وعائلته، وكرمته كأستاذ موقر وشخصية أدبية بارزة، تقديرا وامتنانا واحتراما لتراثه الكبير والملهم.
أورفلي
وخلال الندوة قال رئيس الدائرةالدكتور بلال أورفلي: “إن الدائرة افتخرت دائما بتاريخها وبتراثها”. وأردف: “الحديث عن الدكتور كرم هو الحديث عن عصر ذهبي في تاريخ الدائرة والجامعة. لقد عرفت هذه الدائرة العديد من العمالقة، منذ أيام الشيخ ناصيف اليازجي عندما تأسست الجامعة في العام 1866. وينتمي أنطون كرم، اللامع الذي نحتفل به اليوم، إلى جيل العمالقة هذا. ومن واجبنا تكريمه والاحتفال بمساهماته دائما”.
وقدمت الندوة شهادات بالفيديو لطلاب الدكتور كرم السابقين الدكتورة ريتا عوض والدكتور أسعد خيرالله والدكتور طارق متري والكاتب مروان نجار والدكتور أمين ألبرت الريحاني والدكتورة نازك سابا يارد. وهم تحدثوا عن “الإلهام الذي أشعله في نفوسهم والأثر الذي أحدثه في مساراتهم الفكرية والأكاديمية والمهنية”.
نجار
بدوره، قال الكاتب مروان نجار (الذي كان طالبا في صف الدكتور كرم): “كان الناقد الذي لا يستريح. وكان أيضا الأناقة والحساسية، والدقة والحساسية معا. كان قاسيا للغاية في حكمه، لكنه كان مهذبا للغاية في التعبير عنه. في تعليمه وحياته ومماته، كان مهذبا للغاية. حتى أنه قبل وفاته، دخل في غيبوبة لبضعة أيام، وكأنه يستأذننا الرحيل. لقد كان مهذبا حتى في وفاته”.
عوض
من جهتها، قالت الدكتورة ريتا عوض (التي عرفت الدكتور كرم حين كانت طالبة دكتوراه في دائرة اللغة العربية): “لا أنسى أبدا دقته العلمية وحساسيته الشديدة، وثقافته الواسعة، وأخلاقه العالية. ولا أنسى أيضا أناقة مظهره وجيثه. كان صوفيا في شغفه بما كان يعلمه. الحضور كانوا يشعرون أنه وضع روحه في محاضراته… وكان في كثير من الأحيان يدمع العينين وهو يصف روعة الفن الإسلامي الذي رآه في النجف. وارتجف صوته تأثرا وهو يقرأ أبيات السياب وحاوي وأبو النواس والمتنبي. لا عجب أن قلبه الرقيق توقف لأنه رأى الحرب الأهلية تمزق لبنان الذي أحبه حتى الموت”.
بعد ذلك، قدمت مداخلات أساتذة من الدائرة. فتحدثت الدكتورة زينة حلبي عن “تأثير أنطون غطاس كرم على الأدب العربي الحديث”. ثم تكلم الدكتور نديم النعيمي عن “تأثيره على الكتابة الإبداعية”. ثم تكلم البروفسور رمزي بعلبكي (أستاذ كرسي جويت للدراسات العربية في الدائرة) عن “دور الدكتور كرم القيادي في الجامعة الأميركية في بيروت”. كما تحدث خبير الاتصالات رمزي النجار عن “دور الدكتور كرم الرائد وتأثيره في المنطقة”.
خوري
بدوره، قال رئيس الجامعة الدكتور فضلو خوري: “أنطون غطاس كرم هو شخصية رئيسية في دائرة اللغة العربية في الجامعة الأميركية في بيروت وأستاذ متميز في الأدب العربي. وكل من عرفه يقدره تقديرا كبيرا”.
وتحدث خوري أيضا عن “ميراث كرم وإسهاماته الغنية في الأدب العربي”. وقال: “لقد ترك فراغا كبيرا في حياة عائلته، وحياة أسرته في الجامعة الأميركية في بيروت وطلابه العديدين. ونحن في الجامعة الأميركية في بيروت نتعهد بتكريم ذكراه طالما حيينا”.
كرم
من ناحيته، قال الدكتور شادي كرم (ابن الدكتور أنطون غطاس كرم): “كل يوم، كنت أتعلم شيئا من والدي، وأغني عقلي وقلبي وروحي”. ثم روى ذكرياته عن والده “تسونامي (طوفان) المعرفة والحكمة والثقافة الذي حفظ عشرات الآلاف من الأبيات الشعرية بأربع لغات”.
وقال: “إن والدي كشف وجود أكثر الروابط استبعادا بين الرومانسيين الألمان، والكتاب والمسرحيين الفرنسيين والإنكليز والإيطاليين، وأدباء الكلاسيكية اليونانية واللاتينية ومفكري الحداثة، والكتاب الطليعيين”.
وختم: “شكرا لك أيها الرئيس فضلو خوري وشكرا للجامعة الأميركية في بيروت لمساعدتكم لنا بفعالية كبيرة في الحفاظ على ميراث أنطون غطاس كرم طوال كل هذه السنوات… شكرا لكم جميعا على مشاركتنا في هذه اللحظات الثمينة… أنطون غطاس كرم كان حاضرا في هذه القاعة اليوم بقوة من خلال كلماتكم”.
يذكر أن كرم ولد في 12 نيسان 1919، وتخرج من الجامعة الأميركية في بيروت مع بكالوريوس (1945) وماجستير (1947) في تعليم اللغة العربية. وبعد حصوله على الدكتوراه من جامعة السوربون في باريس، عاد إلى لبنان ليصبح أول عميد لكلية الفنون والآداب في الجامعة اللبنانية، من العام 1960 إلى العام 1963. ثم شغل منصب أستاذ زائر في جامعة كولومبيا من العام 1967 إلى العام 1968، وقرر بعدها العودة مرة أخرى إلى الجامعة الأميركية في بيروت في العام 1971 حيث عمل كرئيس لدائرة اللغة العربية ولغات الشرق الأدنى حتى العام 1974، وحيث كان أيضا أستاذا للأدب العربي والفكر الإسلامي.
وضع كرم العديد من المؤلفات والترجمات، مثل كتاب “النبي” لجبران خليل جبران. كما أسس جمعية أصدقاء الكتاب في لبنان وحصل على جائزة الجمهورية اللبنانية للأدب في العام 1974. وحصل لاحقا على وسام الأرز اللبناني من رتبة ضابط.
توفي كرم في العام 1979 في بيروت. واحتفل بحياته بافتتاح مكتبة عامة في جزين وبإنشاء قاعة الدكتور أنطون غطاس كرم الإلكترونية في مكتبة يافث التذكارية في الجامعة الأميركية في بيروت.