الدَّمُ .. بالدَّمِ لا يكْفي
لا يغْسلُ – في قلبي – الوجعا
الدَّمُ .. بالدَّمِ لا يُرْجعُ فجْرًا أعْزلَ في بيتِ المقْدسِ قد صُرِعَا
كلُّ عيون عروبتنا تنزفُ في بيدرها
وحُداءُ البادية الآن..
تراءى – فوق هضابي – فَزِعَا
فالمحتلُّ الغاصبُ لا يُرْجعُ أرضي المسلوبة،
لا يتركُ بيتي المُنْتزعا
لا أطلبُ من غيري ثأرا
لا أطلبُ من غيري مأوى ،
أو قدحا
فــــتباشيرُ العتق المزهر ..
في أوطاني
عادت لتحطَّ على أغصان خمائلنا،
ترقبُ طيرًا صَدِحَا
أنكفِّنُ مَنْ ؟
الأُزدَ / الأحقافَ / تُهامةَ ..
من دخل اليوم ظِفارًا أو صعدة يرقبُ أطلالاً،
أو شبحا
أنكفِّنُ مَنْ .. عُرُبًا مُسْتعربةً ؟
أنكفِّنُ مَنْ ؟
كنعانيًّا قبل أعاصير التهجير .. المفروضة ..
في نابلسَ / جنينَ / الضفة / رام اللهْ
أنكفِّنَ لكنتنا
أمْ نستصرخ خرسَ الأفواه ؟
فالنازحُ من هدم مُخيَّمه
لا ينسى أبناء عمومته لا ينسى الجوع / الخوفا
فالنازحُ لا يدفن ذاكرةً في الرمل ..
ولا يهرب فوق العير الرُّومية ..
أو ينزع من قاموس فضولي حلْفا
أنكفن من ؟!
ساميّا قبل موات فراستنا / الاستيطان .. /
الأسلاك الشائكة / الدبابات /
الجرَّافات ..
فهاجُرحي يُنبتُ جُرْحا
أنكفن من .. عرباً عاربة ؟
تعشق عهدًا أبرمه عرَّابو الهيكل ..
للأسرى والجرحى
أنكفِّنُ من .. عدنانيا ؟
يذبحُ مطويَّات التاريخ ويرضى للعائدِ .. ذبحا
أنكفِّنُ من .. قحطانياً ؟
باع النوق الحمراء؛
ليقتلّ حق العودة لو عانق صبحا
آهٍ .. يا نفطى العاجزْ
صرنا نعقر نخلاتَ تصحرنا
صرنا نعقر حتى الماعزْ
إنَّ مراعينا لا تعشقُ هذا المحتل الغاصبْ
لا تمنح .. من نكّس علم الأوطان .. مفاتيح البّوابات
ولا تشبع ذاك الخيل الهاربْ
آهٍ .. يا ( صابرا ) .. يا ( شاتيلا )
يا ( قانا )
مَنْ يحمي مِنْ بين الأعراب .. حمانا ؟!
آهٍ .. لا تصهلُ غير تراتيل المنفى ..
وتجرّدُ سيفا
كل بكاء قصائدنا عند قلاع الأمجادِ خُواءً
لا يرجعُ يومًا وطنا
يرقَدُ في ثلاّجات المشفى
الدَّمُ .. بالدَّمِ .. لا يكفي
لا يشعلُ حرفا
لا يرحمُ شهداء ( الأقصى )
لا يرحمُ شيخًا،
امرأةً ،
أو طفلا
لا ينسى من سقطوا في ذكرى يوم الأرض ،
فلا تحتفلوا بمصيبة أوسلو
قد قاطعنا الحفْلا
وامتد الجُرْح النازف يا وطني من غور الأردن،
حتى / الجولان / الفلوجة /
سامراء / القدس / ..
( مزارع شبعا ) ؟
كلُّ دروب مواجعنا
حول رواق الحرم القدسىِّ ..
بقايا أحلامٍ صرعى
كلُّ طقوس قبائلنا قرب النجف الأشرف ..
أحزانٌ ، صلواتٌ للغائبْ
كل طقوس قبائلنا
خوفٌ مزَّق أشرعة القاربْ
ودموعٌ لا ترحم فينا أحدا
إنَّا نملأُ أودية الحاضر ،والماضي عددا
من ينتظرُ المددا؟
وطواشيُّ العُرْب
تسوقُ الأنفالَ وقافلة النجدة للمنفى
وتقيم – على من صدَّ المُحتلّ -الحدَّا
وتحرِّرُ كُهَّانَ سواعٍ
إنَّ ( سواعًا ) لن يمنعَ عنَّا الشمس .. وربُّ الشمسِ
قد ضاعت فينا مُهجتُنا / فرحتنا / صهوتُنا
والقيظُ الهاربُ من قلب البأسِ
ضاعت منا أيامُ التشريق ..
فأعيادٌ مَّرتْ دوني
لا تعرفُ صُبحًا هادن في الليل مُعلَّقتي من صُبحٍ أعرجْ
لا تعرفُ وسط نُجيْماتي
قمرًا مجروحًا وبـــــــسهمٍ عربيٍّ من قمرٍ أبلجْ
ها وطنٌ ينزف حوَّطه الفسفورُ الأبيضُ
كل رقاعٍ كُتبتْ لمهادنة الغاصب ليست ستساوي الحبرا
ليستْ هندسةً أو جبرا
ها وطني
أحمله في قلبى إيمانًا
أحمله في المحنة عُرْسا
أحمله شِعْرًا ليزيِّن أستار الكعبة ،
أحَمْلهُ ملحمةً / لهوى / ممحاتي / مسطرتي/
درسا
وطني .. ها وطني
أحمله في حقلي فأسا
أحمله أوزاني / قافيتي
آخر سكين في جيبى
أغرسه – في قلب الغاصب –
غرْسا
وطني .. آهٍ يا وطني
ليس ككل الأوطان .. يخاف البارودا
ليس ككل الأوطان .. هياكل صمتٍ
وطني يفرحُ ..
حين أعانق أخدودا
يفرح حين أعانق فجرا
وطني .. آهٍ يا وطني
علّمني أن أكره حرب ( بسوسي )
علَمني أن أرفع رأسي فى ( سوق عكاظي )
ألا أخشى الغُرْبةَ ،
والغدْرا
وطني ليس ككل الأوطان ..
وطني يفرش في كلِّ مساءٍ
حلمًا ،
عتقًا،
قمرا
وطني لا يخشى أيَّ رصاصاتٍ طائشةٍ
حين تشقُّ أضالعَ عتقى
وطني .. يا أحبابُ .. يبارك فينا في أيدي الأطفال العزل..
لو حتى حجرا
يا وطني الصابر فى ( يافا )
فى ( طولكرمَ ) /
وفى كلِّ مخيم خط النيران
تتوق إليك صباباتي .. فامنحني
توقا
لا تهويدٌ سيمرُّ على أوجاعى
غربًا ،
أو شرقا
لا تهويلٌ يغري أسرى
من فينا يُهدى قربانَ الأسر لقوات سلامٍ دائمةٍ
ثمَّ إليه يزفُّ الأسرى ؟
فالدَّمُ .. بالدَّمِ .. لا يغسل في قلبي الوجعا
لا يخمدُ عند مصبِّ المحنة نهرا
لا تكفي أغنيةٌ قبل غروب مسيرة يوم الأرض
حين تشيِّعُ حُرَّا
لن يَرضى شجر الزيتون الصامد ..
أن تذهب مُهْجته هدرا
ها مقلاعُ الصبية ..
في حارات ( الناصرة ) ..
ومن خلف جدار الفصل الجائر ..
لو مر المحتلُّ عليه ؛
يصدُّ بكفِّيه الخطرا
لن نسلب بعد الآن ( الأنفال ) ..
ولن نسلب نبع بداوتها
لن نسلب منها الأعشابَ،
ولا المطرا
فالدَّمُ .. بالدَّم .. لا يغسل ذُلاً ،
غِلاَّ
لا يرجعُ يومًا وطنا
إنَّا في أفئدة العشَّاق ..
وفي كل شواديف الصبر ..
وفي أحداق الغدران نخبِّئُ أوقاتا
لتردَّ المحنا
فالدَّمُ .. بالدَّمِ .. لا يطلقُ طيراً محرومًا
من وكر بلاغته ،
لا يطفئ إطنابَ الأوطانْ
إن الأرضَ ترومُ عمالقة الوديانْ
وطني شرفُ قبيلتنا العائد ..
من نسيانى شرفا
فدمي المسفوك يخضِّب كفَّا .. كفَّا
فلتنزفْ صحرائى فى خلوتها
حامل هام لوائى تقتله فئةٌ منا باغيةٌ
تطعني في ظهري
تسرق مهْري
هذي ذاتي لاتمنح خيل الغاصب عُشباً أو ماءْ
هذى ذاتى عرَّت أجلاف الصحراءْ
هذى ذاتى قشرَّها الحقدُ ( المارنزىُّ ) بنصلٍ
منحته إياه ( قريشٌ) مجانا
باعته أيضا مرعى / درعاً / وحصانا
من سيقشر ذاتي ؛
يوشك أن يتخلص من أطباقى
الآن .. سيأكل أطباق الحلوى ..
يوشك أن يمضغ أفيائي ، أعنابي ، أوراقي
يا كلّ بلاد العرب السعيدةْ
ألويةٌ للنُّور نعانقها
وأنا الموؤدُ على أطلال تمائمنا ،
وبيارقنا
ورقاع خريطتنا التليدةْ
لن نمنحَ غير شعوبيتنا أفياءً ومروجاً شريدةْ
وسنسرجُ أحصنةَ التحرير المعقورة ..
ما إنْ تنهضْ يومًا من أمصارىْ البعيدةْ
.. عاشت خيل ( كنانة ) .. يا ( همْدانْ )
بشَّارٌ لن يهجوَ من فيض قريحتهِ أحداً بعد الآنْ
قتلتْهُ الآبياتُ ،
وقتلته الأوزانْ
يا ( تغلبُ ) إنَّ تخوم الحرّية ..
تُنْجبُ أسحارًا تحرسها ( كهلانْ)
فالدَّمُ .. بالدَّمِ .. لا يغسلُ – في قلبي – وُجعا
فالدَّمُ .. بالدَّمِ .. لا يُرْجعُ فجْرًا صُرِعَا
لا يُطْفئُ أنّاتِ الأوطانْ
وطني آهٍ .. يا وطني
( داحسُ ) لا يشعُلُ حربًا يا ( ذُبيانْ ).