يعيشون الوهم والزيف
وينتظرون من لن يأتي أبدا
الكاتب المسرحي يوسف رقّة
…عبد , عبود, عبودي , عبيدة , أسماء شخصيات تشكل بمجملها مجموعة “عبابيد ” , عنوان المسرحية التي كتبها وأخرجها الدكتور هشام زين الدين وتعرض على مسرح المركز الثقافي الروسي في بيروت .
في القاعة , جمهور المشاهدين ينتظرون بداية العرض , لا ستار يفصل بينهم وبين الخشبة المزينة بحبل غسيل نصف دائري يحمل أقنعة دمى وثيابا ملونة فارغة العقل والوجود البشري .
..على إيقاع المؤثرات الصوتية والموسيقى ( المؤلف الموسيقى زياد الأحمدية ) يبدأ العرض , نشهد ولادة ” العبابيد ” واحدا تلو الآخر , تبدأ حركتهم ومشيتهم على الخشبة كالبشر الإصطناعيين الذين يتحركون كآلة متحركة , خالية من الروح . ( كنا نتمنى أن تختم المسرحية باعادة المشهد نفسه أيضا )
المسرحية تحكي عن حالة عامة للناس الذين يعيشون وهم الإلتفات إليهم والى مشاكلهم وأمنياتهم من رجل السلطة ( معبر عنه في النص بالسيد الوزير ) ..الجميع ينتظر زيارته ما عدا ( عبودي ) الذي يطرد بسبب محاولته كشف الزيف الاجتماعي الذي تعيشه عائلة العبابيد ..
عبودي المطرود , يعود منتحلا شخصية الوزير , ويتمكن من اقناع العبابيد انه صاحب السلطة , يمنحهم الوهم الذي يريدونه , الوهم يمنحهم. الأمل , الزوج العاجز يتمكن من جعل زوجته حاملا ..ولا يتمكن عبودي بعد ذلك من طرد هذا الوهم السلطوي من عقولهم , يكشف لهم زيف الحكاية وأنه انتحل شخصية الوزير , شخصية السلطة , يرفضون تصديقه , يتمسكون بالأسطورة رغم أن عبودي نفسه يكشف عن شخصيته الحقيقية ويدعوهم إلى العودة لفترة إنتظار الوزير الذي لم ولن يإتي أبدا …كذلك لا يراه المشاهدون للعرض أيضا ..
الحكاية فيها الكثير من النقد للواقع الاجتماعي السائد , دعوة للتحرر من التقاليد والذهنيات البائدة , دعوة لرفض القمع ورفض ” الدعوسة ” , دعوة الى التحرر من التعامل مع البشر كدمية بلا عقل أو روح , دعوة إلى ولادة إجتماعية جديدة .
اللعبة الاخراجية , اعتمدت على آداء الممثل ( نمط. الكوميديا دي لارتي ) , أما سينوغرافيا العرض فقد اعتمدت على الهرجة الممزوجة بالفرح احيانا والدمع أحيانا أخرى ( مشهد سيجنا لبنان ) وعلى التشكيلات المشهدية والمجاميع في الحركة على الخشبة , وقد أحسن المخرج في اعتماده لنمط” المسرح الفقير” في أدواته وفي الديكور والإضاءة , لا يمكن تحميل النص أكثر مما يحتمل .
عرض كوميدي , انتقادي ساخر وهادف , اكثر ما ادهشنا فيه هو اكتشافنا لخامات تمثيلية عالية المستوى.
الممثلون هم : أمل طالب , هشام خداج , ربيع أيوب , إدمون حداد , بيان ضو , سالي فواز وممثلة لم يذكر اسمها في بروشير العرض.
الكاتب والمخرج : الدكتور هشام زين الدين
مساعدة المخرج : ماريان مسلماني
موسيقى : المؤلف والملحن زياد الأحمدية
إدارة الإنتاج : رنين كسرواني .