حقّ بدمع أصحابه يُستجدى

تتطلب عرض الشرائح هذه للجافا سكريبت.

في خضّم الصّخب الّذي نحيا، آهٍ كم توجعني سقطات الكرامات، وأصحابُها يتهاوون على أعتاب مَن تحكّموا بالأعناق، لإمساكهم بزمام سلطةٍ، ما خاف الخالق أن تزاحمه على مكانة أُلوهته، في قلب الإنسان، سواها!

بِتنا ننام ونصحو على فُرشٍ، حُشِيت ملاءآتها بأكوام آهاتٍ وكُوَم أوجاع مواطنين، غدا وِثرُها أشواكًا تنخز عروقهم، وقد تخطّى نخر السّوس فيها التهامَ لحوم أجسامهم إلى نخر العظام، وما تبقّى فيهم من نُتَف الكرامة التي لا زالوا يحتفظون لهم بها، من عطايا ربّهم… وليس أبدًا جرّاء السهر على مصالح شعبٍ وصوالح بلاد قد تأتت!…

نحن الشّعبُ يا سادة، كرامتنا وهِبْناها يوم أُعطينا نعمةَ الحياة من غير مِنّةٍ… وكَمُنَت فينا يوم أُرضعناها من أثداء أُمّهاتٍ هُنّ طاهراتُ الأمّة، وآباءٍ هم رجالُ القَوم، وقد نشّؤونا على الشّئمة والشّرف، فلِمَ تنـزعون منا عُنوةً وتعنّتًا، ما هو فينا ومنّا ولنا؟!!

نحن الشّعب يا سادة، لانريدُ منكم أن تُطعمونا، فبتعبنا وكفاحنا نقتاتُ ونُقيتُ.

نحنُ الشّعب يا سادة، لا نريد منكم أن تسقونا، فمن عرق الجبين الأبي، نرتوي خمرة أخلاقٍ، تحيل ملوحته كوثرًا وإكسيرًا في أحلاقنا وأحلاق مَن رزقنا الرّب، من عديد بهجة الحياة الدُّنيا.

نحن الشّعبُ يا سادة، لا نريد منكم أن تعلّموا أطفالنا، لأنّنا نخاف عليهم من أن يتنشّؤوا على ما تسوسون بهدي منه شؤون البلاد والعباد، فنخسر بما سوف يأتونه، تربيتَنا لهم.

مَن ربّانا يا سادة، نشّأنا على مقولة «بعرق جبينكَ تأكل خبزكَ»، وعرّج على مقولة «لا تؤخَذُ الدّنيا إلاّ غِلابا» ليشجّعنا على مواجهة صعاب الحياة… ولكن، لم يركّز على المأثور في «إذا لم تكُن ذئبًا أكلتكَ الذِّئاب»؛ وهو كان على معرفةٍ وثيقةٍ، بأن ذئابًا كُثرًا ستصدفُنا في غابة الحياة… ولكنّه لم يشأْ إن يقوّض عزائمنا منذ نعومة أظفارنا، ونحن لا نزالُ بعدُ في مطلع مشوار الكفاح.

عجبي من وطنٍ يستهزئ أسياده بمصالح شعبه ومواطنيه ليحفظ تخمة ورفاهيّة حفنةٍ من متموّليه!!

ما دام الجميع أجمعوا على أنّ ما تطالب به الشّرائح الشّعبيّة، من موظّفين وعمّال وأُجراء ومعلّمين… هي حقوقٌ مكتسبةٌ مشروعةٌ؛ أكّدت على بديهيّة أحقّيتها وضرورة نوالها والحصول عليها، كلّ الفعاليات الإجتماعيّة والرّسميّة، فلِمَ المماطلة بعدُ بإحقاق الحقيقة، وإقامة الحق بإزهاق الباطل من بين النّاس؟ أَم إنَّ الإباءِ مُحرّمٌ على المواطنين العاديين، ولا يحقّ لهم أن يحيوا أعزّاء كرام النّفوس؟

لا تخافوا يا سادة، فرجُلُنا إن شبعت عينه، يُشبِعُ أهل بيته. والزّوجاتُ في بيوتِنا إن تحسّسنَ الخير والبركة، يرعينَ أطفالنا ويسهرنَ عليهنَّ بالمقل، ويوطّننهُنّ ما بين رموش الأَعيُن وأهدابها،  مُنشّئنَ الأطفال على الخير والحبّ والوفاق… فالطّيبون الأوادم، إن أصابتهم نعمةً، يطأطئون الهامات إجلالاً وإكرامًا وشكرانًا لخالقهم على نِعم وبركاتٍ وخيورٍ من غير أن يبطروا ويصيبهم دوارُ العَظَمة.

أعطوا النّاس حقوقهم، أَعيدوا لهم ما سُلب من فيض كفاحهم عرقًا ودمًا، في سبيل بناء وطنٍ وتنشئة مواطنين جُددٍ. ردّوا عليهم سلامهم ووئامهم الإجتماعي المعيشي: ليشبكوا الأيدي، وليعقدوا الخناصر، وليوحدوا الجهود في سبيل بناء وطنٍ، تُشعِرونهم أنّهم شركاء فعليّون في إعلاء شأنه، ومُعدّون أساسيون لإنسانه الجديد؛ كي لا يتوصوصُ شبابُنا على البحر والجو متلهّفين، بُغية اقتناص فرصة هروبٍ من وطنٍ باتجاه مجهولٍ، جعلتموهم وجعلتمونا نتمنّى سعير هجره، وإن مكتوين بلهب الغربة عنه، بسبب إهمالكم وتسويفكم للمواعيد الحقّة!

أَلَيس من العار، أن يستجدي الإنسانُ بالدّمع، فرصة عيشه بكرامة، في وطنٍ نوّر العالم معرفةً وعاصمته أُمّ الشّرائع بيروتَ، ليضُنَّ أسيادُه على مواطنيه – الذين سوّدوهم عليهم بالأصل – بقوانين تحفظ كرامتهم وكرامة أبنائهم؛ من غير التّلطي خلف حُجَج  نُدرَةِ الموارد ملوّحين بالسّقوط في هوّة الإفلاس المحتّم؟!

th-(111)

اترك رد