الجزائر الى اين؟

تتطلب عرض الشرائح هذه للجافا سكريبت.

بعد ان بقيت صامتة في تصاعد ما سمي بالرببع العربي، انفجر الشارع الجزائري عبر حراك تصاعد بشكل تدريجي مركزا مطالبه على رفض تجديد الولاية للرئيس المقعد عبد العزيز بوتفليقة، والذي يحكم البلاد منذ عشرين سنة.

ان صمت الجزائر لا يعني ان الحال كان على ما يرام وانه لم تكن هناك معارضة للنظام، يل ان المعارضة كانت موجودة منذ زمان ولكن امراضا تشابه امراض معظم المعارضة في البلاد العربية، حيث يعيش معظمها في المهجر بعيدا عن هموم الناس وتطلعاتهم وتستهلكهم صراعات داخلية حول الزعامة والقيادة والمصالح، بل احيانا على امور تافهة، كما ان معظمها توظفه الجهات الخارجية المستظيفة بالطريقة التي تراها مناسبة لمصالحها، وهو ما فعلته فرنسا مع معظم المعارضة الجزائرية.

ابو تفليقة اراد ان يلعب مع ضغط الشارع ليلتف على مطالبه من الخلف، حيث بادر الى اعلان استقالته قبل حلول الانتخابات ليكون رئيس البرلمان هو الرئيس الخلف حسب الدستور ثم يعود من جديد في صيغة مختلفة بعد ان يدخل البلاد في نفق احتراب.

دخل الجيش على خط الازمة في دراما تشبه ما حصل في مصر واصدر الفريق قايد صالح رئيس اركان الجيش بيانا اعلن انحياز الجيش للشعب ووصف ابو تفليقة ومحيطه بالزمرة واشار بانه سيحمي الدستور والشعب وداعب عواطف الجمهور كثيرا.

jazaer

محددات فاعلة كل منها له توجهه وحصته سوف تكون الاطار الذي يرسمه مشهد الجزائر القادمة وهي:

– بقايا نظام بو تفليقة وما يسمى بالدولة العميقة التي يقودها الفريق توفيق وشقيق بو تفليقة واركان نظامه وقدة هؤلاء على التسلسل الى مشهد جديد، فضلا عن توفير امكاناتهم الضاربة في العمقين الجزائري والدولي.

– الدور الدولي وما يريده للجزائر وخصوصا الدور الفرنسي، فلفرنسا ادواتها ومداخلها ورجالها داخل الجزائر وخارجه،وهي لم تبرح ولم تفارق الشأن الجزائري منذ الاحتلال.

– المعارضة الجزائرية ذات الواقع الديكوراتي،والتي قضت اعوامًا طويلة دون ان تحقق اي انجاز إلا انها منظمة سياسيا ولو شكليا ولديها قدرة القفز على منجزات الشارع والالتفاف حولها.

jazaer1

– طموحات الجيش التي لن تتوقف عند حدود ضبط الاوضاع وتهيئة الاجواء، بل ان التجربة المصرية تمثل نموذجًا مشجعًا يدفع بقيادة الجيش ان تتطلع الى قيادة الامور، وان خلع البزة العسكرية وارتداء رباط عنق جميل عملية لا تحتاج الى مزيد من الوقت.

– الشارع المنتفض غير المهيأ لبلورة موقفه من خلال اطروحات سياسية محددة، والذي يصعب عليه تقديم شخصيات ذات ثقل سياسي يمكن ان تقود المرحلة، خصوصا وان معظم الشارع من الشباب.

ان هذه المحددات مجتمعة هي التي ترسم وضع الجزائر، لذلك من المتوقع ان يكون المستقبل المنظور متصفا بالاتي:

– لن تكون مخرجات العملية السياسية مناسبة ومستجيبة لتطلعات الجمهور المنتفض، وقد يصاب باكثر من خيبة امل، ويضطره ذلك لتكرار حراكه اكثر من مرة.

– سوف يدفع العامل الدولي بشخصيات يلمعها ويدعمها بطريقته الخاصة من اجل ضبط مخرجات المشهد السياسي الجديد.

– سيحاول الجيش ان يبقى متمسكا بدوره كشريك في الحياة السياسية.

– تحتاج عملية تطهير اجهزة الدولة مما سميوا بالعصابة ومن بطانة نظام بوتفليقة زمنا طويلا، وسوف يكون حنين للنظام من خلال ارباك المشهد الحالي ومنغ ايجاد حالة تصحيح حقيقية.

– من غير المستبعد ان تشهد البلاد موجات عنف متفرقة ، وقد تشهد مزيدا من جريمة جنائية سياسية.

حري بالذكر ان الجزائر والسودان التي ضربها معول التفكيك قبل غيرها هي آخر القائمة في بلاد العرب التي بدأت بتونس ومصر ومازالت الامور في سوريا واليمن وليبيا تراوح مكانها، واما فيما يتعلق بدول الخليج والمغرب والاردن فلن تصيبها الاهتزازات في المنظور القريب، وهي محمية بارادة خارجية لا تريد لها ان تنزلق الى اي تغيير.

ان تحول الجزائر الى منخفض امني الى جانب ليبيا واليمن وسورية يعني في منظور التوازنات الدولية الكثير.

اترك رد