إنّ ما يجري في سوريا من فظاعات ضدّ الإنسانية، وتطاول على الكرامات البشريّة، واستباحة أدنى حقوق الإنسان، وابتزاز أماكن العبادة والمقامات الدّينيّة، باسم الله، هو أهول من الخراب والتّدمير الّلذَيين تسبّبهما الحرب، لأنّ التّدمير يمكن إعادته في مهلة صغيرة، أمَّا الإنسان، فمن الصّعب أن يخرج من صدمته ما تبقّى من حياته.
لذا، فإنّ محاولات التّرهيب الّتي تُمارس على الأبرياء والعزّل، عامّة، حتّى وعلى العاملين في الحقلين الإنسانيّ والإعلاميّ، وعلى المسيحيّين، بخاصّة، من خلال اختطاف الأساقفة والكهنة، ومؤخَّرًا الرّاهبات، العزَّل في معلولا، هو من عمل الشرّير والمتحالفين معه! لذلك، نحن نهيب بمن يفتّشون عن الحرّيّة، أن يحترموا الحرّيّات، ومَن يطالبون بالتّعبير عن رأيهم، الحفاظ على حياة الآخرين وآرائهم، ولا يعملنَّ أحد للتّهجير القسريّ، بالتّخويف والتّرهيب. وبدل أن يعمل النّاس للخير، أصبحوا يتلطّون بالحرب لتنفيذ غايات، هي أقرب إلى السّفالة، منها إلى الاحترام وسموِّ القيم الدّينيّة.
هذا الجو العابق بالحقد، والـمُسيَّر بالعنف، يدفعنا للوقوف أمام إله الرّحمة، الله الّذي يريد خلاص الإنسان، وليس هلاكه، فنتّحد، كلُّنا، بالصّلاة على نيّة الّذين يتعرّضون لأقسى أنواع العذاب، كما على نيّة المتحاربين، لكي لا ينجرّوا إلى استعمال أساليب الشرّ والإرهاب.
لذلك، وفي هذا الظّرف العصيب، الّذي يمسّ مصير الإنسان قبل الحجر، نحن، الرؤساء العامّين والرئيسات العامّات للرهبانيّات الرجاليّة والنسائيّة في لبنان، ندعو المكرَّسين جميعًا، من رهبان وراهبات، كما ندعو المؤمنين والأصدقاء، ليوم صلاة وصوم وإماتات، على مشارف عيد الميلاد، عيد السّلام بين السّماء والأرض، وبين الإنسان وأخيه، يوم الأحد المقبل الواقع فيه ٢٢ ديسمبر ٢٠١٣، كلٌّ في ديره وفي رعيّته، ولنقدّم السُّجود للقربان على هذه النّيّة، لكي يستبدل الله، بقلوب الحجر، قلوبًا من لحم ودم، قلوبًا من رحمة وحياة، تعبق بالمحبّة والعطاء.
وليكشف الله مصير المخطوفين، كلِّهم، لا سيّما الأساقفة والكهنة وراهبات دير القدّيس جاورجيوس في معلولا، وليعودوا، بخير، إلى رعاياهم وأديرتهم الّتي كانت، وستبقى مناراة للمحبّة والسّلام والحوار مع الله ومع الآخر. وليرحم الله شعبه من الهجمات البربرية الّتي يتعرّض لها.