الدكتور غالب غانم يحاضر  حول “لُبنان مِن وطنِ الثَّقافاتِ إلى ثقافةِ الوطنِ” في المركز الثقافي الإسلامي 

ghaleb

د. غالب غانم متوسطاً د. وجيه فانوس و د. سمير الخادِم

افتتح المركزُ الثَّقافيُّ الإسلاميُّ، برئاسة الدكتور وجيه فانوس، مساءَ الثلاثاء ٥ آذار (مارس) ٢٠١٩، موسمَهُ الثَّقافي لسنة ٢٠١٩، بمحاضرةٍ للرئيس السَّابق للمجلسِ الأعلى لِلقضاءِ، القاضي الدكتور “غالب غانِم”، عنوانُها “لُبنان مِن وطنِ الثَّقافاتِ إلى ثقافةِ الوطنِ”؛ في مقر المركز.

وقدَّم أمين العلاقاتِ الخارجيَّةِ في المركز، الأميرال المتقاعد الدكتور سمير الخادِم، المحاضِر؛ وَسْطَ حُضورٍ ثقافيٍّ حاشد ٍ في مقدِّمتِهِ دولة رئيسِ مجلسِ الوزراءِ في لُبنان الشَّيخ سعد الحَريري، مُمَثَّلا بالنَّائب الدكتور عمَّار حُوري، ومُفتي الجمهوريَّة اللُبنانيَّة الشَّيخ الدكتور عبد اللَّطيف دريان مُمَثَّلاً بالقاضي الشَّيخ خلدون عرَيْمِط، والوزير محمد يوسف بيضون، والنَّائب فؤاد مَخزومي، ومُمَثِّل العِماد قائدِ الجَيش جوزيف عون العقيد حسين بزي، والقاضي سعيد ميرزا، والقاضي خضر زنهور، واللواء إبراهيم بصبوص، والمهندس علي عساف رئيس المركز الإسلامي، والسيدة ندى طبارة سوبرة نائبة المجلس النسائي اللبناني، وجَمعٍ مِن القُضاةِ والمُحامين وأهلِ القانونِ ونُخبّةٍ مِن أهلِ الرَّأي.

استهل القاضي غانم محاضرته قائلاً: “من وطن الثقافات إلى ثقافة الوطن، عنوان لماع في ظاهره، شديد التعقيد في باطنه، اخترته محوراً لهذا اللقاء محاولاً أن أسهم، ولو بمقدار ما تتيحه هذه الاطلالة، في البحث عن رؤيا وطنية نقية تخترق الأسترة وتغالب الصعاب. أحاول، وأنا على يقين بأن المسألة كثيرة الشعاب، والمهمة عسيرة، وما همي، عندما أتبصر فيها وأنتهي إلى بعض الحصائل أو الامنيات، أن أنعت بالمثالي أو الحالم، فكم من أحلام مهدت لنهضة الأوطان. وكم من مثل حمتها، وألقت عليها شارة الحق وغلالة الجمال، وحصنتها في مواجهة المخاطر والأعاصير”.

وبعد إلقائه لمحة خاطفة عما عنيه بوطن الثقافات في أبعادها، أضاف: “إن أول أركان الثقافة الواحدة، ثقافة الوطن، أن لبنان لا يكون ذاته، ولا يكشف عن جوهر وجوده، إلا إذا كان دولة الحماية والحرية. إنه، ماضياً وحاضراً، الصورة المثلى من صور اللقاء بين مجموعات ذات مشارب شتى اتخذته مقراً لها حين قدرت أن الانتماء إليه لا يمحو خصوصيتها، وحين قدرت أنها عثرت بهذا الانتماء على ضالتها المفقودة، المنشودة، عنيت الحرية التي كانت ولا تزال سبباً أصلياً من أسباب وجود لبنان وتميزه. وإنه لا معنى حقيقياً للبنان إن لم يكن موئلاً للحرية، ولا معنى حقيقياً للدولة اللبنانية إن لم تحم هذه الحرية. لا الحرية الشخصية وحسب، بل حرية المجموعات المكونة للنسيج اللبناني. حرية كل شطرة من شطرات هذا النشيج رهن بحرية سواها. فلا امتياز ولا تمييز. لا فوقية ولا دونية. لا اجتياح ولا تذويب. لا رضوخ ولا إمحاء. معتبراً أن الحرية هي وليمتنا الدائمة التي إذا افتقدناها انقلبنا جياعاً، وعطاشاً، ويتامى، وأبناء سبيل”.

وأضاف: “إن الإسلام والمسيحية يتشاركان في قيم عليا تحفظ كرامة الشخص الإنساني وترعى الذمم وتقيىئ إلى الحكمة وتستظل عباءة الحق وتنشد السمو الروحي مسلكاً وغاية، وإنهما، إينما كان، وفي لبنان تخصيصاً، يعملان على إنقاذ الأجيال الطالعة من الاستسلام لكل ما هو غرور ومضل. إن تطلعما واحد ونضالهما واحد. وإن اللجوء إلى الدين لقهر المواطنين، أو لزجهم في الشجار، أو لإيهامهم بأن في ذلك خدمة لمعتقدهم، هو أبعد ما يكون عن الصراط المستقيم، وعن الجوهر، وإنه لا يليق بلبنان، في ظل هذه المعطيات، والأمنيات… إلا أن يكون بالفعل دولة القيم العليا”

واختتم قائلاً: “إنه من الطبيعي ألا تستقيم دولة حكم القانون إلا في ظل قضاء مستقل عالم نزيه وفعال.. وشجاع على الأخص! وإني كلما تحدثت عن القضاء، أخشى قدوم اليوم الذي تغزو فيه السياسة حرمه، وتمعن في الغزو وهو لا يقاوم، إلى درجة أن استقلاله يصبح حبرا على ورق.”. مؤكداً أن دولة الحرية والاعتدال، والعدالة، والقيم العليا، والإبداع، والمواطنة وحكم القانون، هي التي تليق بلبنان، وتليق به دولة الجدارة لا (الشطارة)، دولة النصاعة لا تلويث الأيدي، ودولة الحداثة الناجعة الواعية المتهيئة لمواجهة ما تحمله الأيام الآتية… والدولة التي تبرع في ضبط إيقاع خصوصيات أبنائها على قاعدتين: غنى التنوع، وحتمية الأخوة اللبنانية”.

وفي نهاية المحاضرة قدَّم رئيسُ المركز، الدكتور وجيه فانوس، ميداليةَِ شُكرٍ وشهادةَ تقديرٍ ومجموعةً من منشوراتِ المركزِ إلى  القاضي غالب غانِم.

اترك رد