أمين الرَّيحاني في أطروحة دكتوراه في جامعة هارفرد

image1

أمين الريحاني
بريشة الفنان البريطاني طوم يونغ،
لندن، 2018

في أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه بموضوع أميركا في الأدب العربي الحديث تناول بنجامين لينوكس سميث (Benjamin Lenox Smith) رواية كتاب خالد لأمين الرَّيحاني وعالجها من منظور المطارحة الفكريّة بين الشرق والغرب وما إذا كانت تلك المطارحة مدخلًا لمسألة البحث عن الهويّة أم منطلقًا لبناء “المدينة العظمى” التي توقّف الريحاني عند تفاصيلها في كتابه الرَّيحانيات، كما شكّلت معلمًا فلسفيّا بارزا في كتاب خالد. وتشير الأطروحة إلى تأثر الرَّيحاني بفكر عبد الرحمن الكواكبي ومحمّد عبده.

ويبرز هذا  التأثّر في دعوة فيلسوف الفريكة إلى “التساهل الديني” منذ العام 1900 وكأنّ مطلع القرن العشرين يسجّل، بقلم الرَّيحاني، بدايةً لفصل جديد من فصول الأدب العربي الحديث يرتكز على ثلاثية “التساهل” و”اللقاء الفكريّ بين الشرق والغرب” وصولًا إلى مشارف “المدينة العظمى” التي استنبط الرَّيحاني معالمها الحضاريّة وإشراقاتها المستقبليّة من اختباراته الغنيّة في مدينة نيويورك.

وتشير الأطروحة إلى اختراقات الرَّيحاني الفكريّة في غير مجال من مجالات الأدب العربي الحديث، منها: اختراقه لنَمَطيّةٍ دينيّة متوارثة عبر نقده للفكر الديني من خلال مسرحيّته الخرافيّة المحالفة الثلاثيّة للمملكة الحيوانيّة، واختراقه الشعري لعمود الشعر إلى رحاب الشعر الطلق أو الشعر المنثور مع مجموعته الشعريّة هتاف الأودية؛ ثم اختراقه للتقهقر السياسيّ المتوارث من العثمانيين إلى رحاب “المدينة العظمى” في محاولته السياسيّة لاستشراف التطور السياسي وتقدّم المجتمع الإنساني بعد الحرب الكونيّة الأولى؛ ثم اختراقه للأدب الإنكليزي نفسه من خلال كتاب خالد الرواية التي اعتُبِرَت التأسيس الفعلي لحركة الأدب العربي– الأميركي وتحديدًا في العقد الثاني من القرن العشرين.

وتجدر الإشارة إلى أنّ د. بنجامين لينوكس سميث، في أطروحته للدكتوراه، اعتَبَرَ أن مؤلّفات الرَّيحاني عن العرب، بالعربيّة والإنكليزيّة، تشكّل بدورها اختراقًا فكريًّا وتاريخيًّا لحركة الاستشراق، بحيث أنّها عرّفت العالم العربي للعالم الناطق بالإنكليزيّة بقلَمٍ عرَبيٍّ خالص وبمنطقٍ يفهمُهُ الغرب وكأنّه يتعرّف للمرّة الأولى على العرَب، ولكن بمرآة عربيّة هذه المرّة. وكان أن سجّل الرَّيحاني ذلك الاختراق التاريخي في عشرينيّات القرن العشرين ففتحت له الصحف والمجلات الأميركية والكنديّة والبريطانيّة صفحاتها لينشر مقالاته فيها، وعلى الأثر طارت له شهرة عالميّة وصلت أبعادها إلى روسيا والصين وأوستراليا وجنوبي أفريقيا وأميركا اللاتينيّة.

اترك رد