كانت فكرةٌ، ليكن جمعُ أدب، لتكن جلسةُ شعر. فلنلتقِ أَهْلَ كلمة، حول نتاجِ كلّ واحد. نتبادلُ القراءات…
فصار “لقاء”! ثلاثُ سنوات، ستّ وثلاثون أمسية شهريّة متواصلة… وأمسياتٌ خاصّة…
قيمتها، كلّ وجهٍ فيكم. كلّ حاضرٍ أمسيةً أو نشاط… كلّ مشاركٍ معنا، كلمةً أو لحنًا أو ريشةً…
“لقاء”، هذا المجتمع الصغير الذي وجد مساحةً له وسطَ ساحةٍ أدبيّة من كبار، لم يألُ جهدًا في التقدّم والارتفاع، قيمةَ الوسط الذي يسكنه…
ورغم العثرات، والصفعات… رغم الضعفات، أحيانًا وشبه دائمًا… سار “لقاء” محاولاً مجاراة الرياح… وصار هنا، حيث نحن الْيَوْم، نحتفل بسنين ثلاث انقضت على رضىً… وفي عزمٍ على استمرار… وإن هذا يتطلّبُ زخمًا مضافًا لأجل تقدّمٍ إلى أمامٍ بعد، وتقديم أفضلَ يطالُ انتظاراتٍ مرصودةَ المنال!!!
الليلةَ عيد. أردناها أمسيةً ل “لقاء”. من أهل بيته. معكم أحبّتَنا، عائلة “لقاء” الكبرى. نحييها شعرًا من وحي “لقاء” وعيده…
وأردنا العيدَ تكريمًا… لقاماتٍ أحبّوا الكلمة، لكن أحبّوا أهلَها أيضًا، فكانوا إلى جانبهم… رِفعةً وتشجيعًا، ونشرَ نتاج!!!
ثلاثةٌ وسعَ لبنان… مقصدَ أقطابه من أربعةِ أقطاره، إلى كلّ عالمٍ ناطقٍ بالضاد… إليكم نتوجّه بالحبّ بالامتنان… الأساتذة سليم أبي عبدالله، روبير خوري وجورج طرابلسي..
هذا عيدُنا، احتفال!!!
سليم أبي عبدالله
في تلك البلدة الشامخة قمّةً من وسط أعمال جبيل، تقصده في منزله رجلاً جليلاً يستقبلكَ بكلّ الحبّ الذي أوتيه: “أهلاااا”. وتشعر بصدق الترحابِ شعورًا خالصًا يندر في أيّامنا.
يدرك سليم أبي عبدالله، ابن عبادات الجبيليّة، كنهَ الأشخاص، كما يقدّر قيمةَ النتاج الذي يقدّمه الأدباء والشعراء.
قال فيه يومًا غسَّان تويني عميد النهار التي عمل فيها عمرَه المهنيّ: هو حارس اللغة العربيّة.
عرفته المنابر الجبيليّة شاعرًا وناقدًا من طراز النادرين. لم يحابِ الوجوه يومًا ولم يساومْ قط على قناعاته. احتضنه المجلس الثقافيّ في بلاد جبيل، لا عضوًا وحسب، بل مرجعًا، وأكاد أقول كاهنَ اعترافه.
في حضرته يعرف كلّ ماسكٍ قلمًا، قدرَ كلمته… ويجدُ عنده خريطةَ طريقٍ يسلكه…
لم يتوانَ يومًا عن مبادرةٍ تخدم فردًا أو جماعة في الوسط الثقافيّ. حسبُه يدفع بمسيرته نحو الأمام…
سيّدي، جديرٌ بِنَا أن نحبّك، وإن لا فضلَ لنا..
روبير خوري
غريبٌ أمري في هذا الرجل. تزاحمت الأفكارُ في خلدي حوله، ماذا أختار؟
اخترتُ أن أكتب شعوري.
رجلٌ في حجم الشاعر روبير خوري، طبيعيٌّ أن تولدَ حوله المناقضات. هذا يحبّه ويحترمه، وذاك يُعيبُ عليه الأخطاء والنواقص… لكنّي أقول وبصدقٍ معترفًا: أأحببتَ روبير خوري أم لا، لا يمكنكَ إلاّ حبّ ما فعل ويفعل!!!
من قدراتٍ ضئيلة، لا يني يحفظُ للشعر ذاكرَته وللشعراء اسمَهم… هو “صوت الشاعر” حيثُ لا يجد هذا الأخير سامعًا إلاّ عنده، إلاّ على صفحات “صوت الشاعر”.
إن اعتمدت منظّمة الأونيسكو كتابه “الزجل اللبنانيّ- منابر وأعلام” مرجعًا رئيسيًّا في اتفاقيّة حماية التراث الثقافيّ غير الماديّ، فهذا أجرُه عظيمٌ في ملكوت الزجل والشعر اللبنانيّ…
جميلٌ عندنا أن يكون اسمكَ أستاذي مدوّنًا على صفحات عيد “لقاء”، ومحفورًا في ذاكرتنا امتنانًا!!!
جورج طرابلسي
لمّا تعرّفتُ بكَ، كُنتَ خارجًا من تكريم لمناسبة بلوغكَ الخمسين عامًا في المهنة الشاقّة، يوبيلاً ذهبيًّا… ولم يكن التكريم الأوّل ولا الأخير…
سيّدي الأستاذ جورج طرابلسي، لا نقدِّم شيئًا في تكريمكَ الليلةَ. ولا نأتي أمرًا إن قلنا حبَّنا لكَ…
وبالرغم من هذا، نحبّكَ. ونحن هنا نحبّ ذواتنا فندوّن اسمَكَ في سجلّ عيدنا الثالث، لينطبعَ “لقاء” حبيبًا في قلبكَ، إن نستحقّ!!!
من يعرف جورج طرابلسي، يعرف طبعًا ما كان جوابُه عند إبلاغه خبر تكريمه الليلةَ. قال: لكم كلّ شكري ومحبّتي. لا أحبّ الكلام ولن أقول شيئًا في الاحتفال. وأنا لن أقول فيكَ بعدُ شيئًا….!!!
****
(*) كلمة د. عماد يونس فغالي رئيس منتدى “لقاء” في تقديم ثلاثة من أعلام الثقافة اللبنانية خلال تكريمهم في احتفال “لقاء” بعيده الثالث.