جلبت لنا ولادة السيّد المسيح، الذي أخذ “إنسانيّتنا”، الخلاص، كما تمَّ اللقاء بين الله الخالق والإنسان. تمّم ابن الله وعد الآب بالخلاص. أقبل يسوع المسيح إلى معموديّة يوحنّا، التي كانت تحضّر إلى التوبة، بكلّ تواضع وانّمِحاء متضامنًا مع الإنسان، كي يُنهضه من فقره الروحيّ والإنسانيّ، وضعفه وخطيئته. أليسَ حبّه الفائق لإنسانيّتنا، واضَعَ نفسه وأخلى ذاته من أجل رفعنا نحوه؟ أَلَم يأخذ ما لنَا ليهبنا ما له؟
قدّس يسوع المسيح بعماده الماء، فظهر سرّ الثالوث الأقدس بنزول الروح القدس “أنتَ ابني الحبيب الذي به سُررت”. نعم، ظهر ابن الله للبشريّة من خلال عماده المقدّس “هوذا حمل الله الذي يرفع خطيئة العالم”. انفتحت السماء وبدأ عهدٌ جديدٌ بين الأرض والسماء. أتمّ الله الخالق شراكته مع الإنسان من خلال شخص المخلّص يسوع المسيح المعتمد (المعمَّد) والواهب الحياة للمؤمنين به.
نعم، إنّه عيد الدنح أي الظهور والاعتلان والإشراق. عمّد يوحنّا بالماء، أمّا المسيح “فهو يعمّدكم في الروح القدس والنار” (متى 3: 11). ليجدّد المؤمن معموديّته التي تتطلّب الالتزام بشخص يسوع وتعاليمه ووصاياه. إنّها الولادة الجديدة التي تؤدّي إلى الخلاص. “ولكن لمّا تجلّى لطف الله مخلّصنا، ومحبّته للبشر، خلّصنا،لا بأعمال برٍّ عملناها، بل وفق رحمته، بغسل الميلاد الثاني، وتجديد الروح القدس ]…[ نصير وارثين وفقًا لرجاء الحياة الأبديّة” (طي 2: 7). تُعتبَر معموديّة الماء والروح بابًا للخلاص، المعبَّر عنها بانتماء المؤمن إلى جسد يسوع السّري، “إن كان أحدٌ لا يولد من الماء والروح لا يقدر أن يدخل ملكوت الله” (يو 3: 5). ألا تهب المعموديّة النعمة الإلهيّة؟ ألا تعطي القوّة للغلبة على المعاصي والضعف؟
تقود معموديّة يسوع، بالروح والنار، إلى الحياة الأبديّة. ليغطس المؤمن في بحر عطايا ونِعَم الربّ وبركاته، ليلبس حلّة الصدق والقداسة. ليلبس المؤمن المسيح، “لأن كلّكم الذين اعتمدتم للمسيح قد لبستم المسيح” (غلا 3: 27)، وينال التطهير الكامل والبرّ والقداسة، “لكي يقدّسها، مطهّرًا إيّاها بغسل الماء بالكلمة ]…[ بل تكون مقدّسة وبلا عيب” (أف 5: 26-27). نعم، غَسَلَ بالمعموديّة خطايا الإنسان. لتكن معموديّة المسيحيّ معموديّة موتٍ عن الخطايا، ونهوضًا نحو الحياة الجديدة مع الله “أوتجهلون أنّنا، وقد اعتمدنا جميعًا في يسوع المسيح، إنّما اعتمدنا في موته فدفنا معه في موته بالمعموديّة لنحيا نحن أيضًا حياةً جديدة” (روما 6: 3-4). ليتمسّك المؤمن بإيمانه بيسوع المسيح وذلك بكامل حريّته ووعيه والتزامه. يذكّرنا عيد الدنح، بحلول ملكوت الله، من خلال ظهور ابن الله. ليكن عيد الظهور الإلهيّ جليلاً. ليرفع المؤمن أنظاره نحو النور والسماء.
عيد الغطاس هو عيد ظهور مجد الله وقدرته الخلاصيّة.