عَلَمِي!  

   

(لِمُناسَبَةِ عِيدِ العَلَمِ في 21 تِشرِين الثَّاني)

في عِيدِكَ رَفرِفْ يا عَلَمِي، وَاشمَخْ فَحُدُودُكَ في النُّجُمِ
رَفرِفْ فَأُباةٌ قد غَرَسُوكَ، كَرُمحٍ يَنهَدُ لِلسُّدُمِ

إِنَّا أَنشَدناكَ اللَحْنَ المَحبُوكَ بِرَنَّاتِ النَّغَمِ
نَتلُوهُ كَأَنَّا في المِحرابِ نُصَلِّي، نَخشَعُ في الحَرَمِ
فَنَشِيدُكَ يُلهِبُ حِدَّتَنا، ويُسَعِّرُ نِيرانَ الهِمَمِ
أَقسَمنا، يا عَلَمِي، أَن تَبقَى البَنْدَ السَّامِقَ في شَمَمِ
يَتَباهَى في ظِلِّكَ حُرًّا، مَن يَرتَعُ في أَنقَى الشِّيَمِ
أَقسَمنا أَن تَبقَى في العِزِّ، شِعارَ الشَّعبِ المُلتَئِمِ
قَسَّمَنا العالَمُ لكِنَّا عُدنا لِحِماكَ كَمُعتَصَمِ
عُدنا مِن بَعدِ غَوايَتِنا، مِن فِتنَةِ أَيَّامٍ دُهُمِ
كَجَوادٍ مَجَّ شَكِيمَتَهُ، وأَبَى أَن يُذعِنَ لِلُجُمِ
هِيَ مِيزَةُ أَحرارٍ شَطُّوا، يَومًا، عن أَقداسِ الذِّمَمِ
لِيَعُودُوا وجِباهٌ تَشدُو لِلشَّمسِ، بِإِيمانٍ وَفَمِ
هل نَرجِعُ، قَلْ لِي يا عَلَمِي، لِلغَيِّ كَشَعبٍ مُنهَزِمِ؟!
مِن بَعدِ صِراعٍ مَزَّقَنا، فَغَدَونا حِطَمًا في حِطَمِ
هل نَرجِعُ، قَلْ لِي، لِضَلالٍ، مِن بَعدِ التَّوبَةِ والقَسَمِ؟!
إِنَّا أَحرَقَنا أَن سِرْنا لا نَدرِي الغُنْمَ مِنَ الغُرُمِ
لكِنَّا نَرجِعُ فَالآسادُ تَعُودُ إِلى حِضْنِ الأَجَمِ
والماسُ، وَتَغلُو قِيمَتُهُ، لا يَخرُجُ إِلَا مِن حُمَمِ
رَفرِفْ فَدَّيتُكَ بِالأَغلَى، يا أَحلَى مِن وَعْدِ الحُلُمِ!
***
ها نَحنُ هُنا، والعِزُّ لَنا، وجِبالٌ تَرفُلُ بِالشَّمَمِ
يا عَلَمِي، يا فَوْحَ العِطْرِ الزَّاكِي المُنداحِ على القِمَمِ
أَخضَرُكَ المَزْهُوُّ شِعارٌ لِلأَرزِ المُوغِلِ في القِدَمِ
والأَحمَرُ ما نَحنُ بِهِ نَفدِيكَ ويَرخُصُ في الإِزَمِ
والأَبيَضُ لَونُ سَرِيرَتِنا لِلوافِدِ غَيرِ المُختَصِمِ
أَلوانُكَ، يا سِحْرَ الأَزهارِ بِشالِ حَرِيرٍ مُرتَسَمِ
يا وَشْيَ المَرْجِ المَوسُومِ بِرِيشَةِ تَسكابِ الدِّيَمِ
يا عِزَّةَ لُبنانَ المُشدُودِ بِزَنْدِ العَزمِ إِلى النُّجُمِ!
 ***
تِهْ يا عَلَمِي في الرِّيحِ فَما نَرضاكَ سِوَى رَمزِ القِيَمِ
واحْمِلْ لِلنَّاسِ هَوَى شَعبٍ لا يَلهَجُ إِلَا بِالعِظَمِ
وابْرُزْ لِلدُّنيا، مِن آياتِ السِّلْمِ، نَشِيدَ الحُبِّ المُضطَرِمِ
إِلَا مَن يَبغِي كُنْ غَضَبًا مِن ضَرَمٍ يَسرِي في ضَرَمِ
 ***
دُمْ يا عَلَمِي جِنحًا يَحمِي إِلفَتَنا مِن سُوءِ النِّقَمِ
مِن ضَعفاتٍ تَعرُونا في ساعَةِ نُكرانِ النِّعَمِ
“مِن شَرِّ الوَسواسِ الخَنَّاسِ يُوَسوِسُ في الصَّدْرِ”* البَرِمِ
لَن نَخشَى النَّاسَ، وشَرَّ النَّاسِ، ونَحفَظُ إِرْثَكَ في الحُرَمِ
بِالسَّيفِ إِذا تَدعُو الجُلَّى، بِالحَرفِ يُزَغرِدُ في القَلَمِ
بِرِقاعٍ يَسحَرُ رَونَقُها، وضِياءٍ يَبرُقُ في الكَلِمِ
رَبَّاهُ… لَنا عَلَمٌ عالٍ، فَلْيَبْقَ نارًا في عَلَمِ
وَلْيَخلُدْ، ما دامَت كُرَةٌ زَرقاءُ، شِهابًا في الظُّلَمِ!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ، مَلِكِ النَّاسِ، إِلَهِ النَّاسِ، مِن شَرِّ الوَسوَاسِ الخَنَّاسِ، الَّذِي يُوَسوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ، مِنَ الجِنَّةِ وَالنَّاسِ﴾

                                (القُرآن الكَرِيم، سُورَةُ النَّاس)

اترك رد