وكلمات أكدت قيمته في التجذر بأرض الآباء وحب الوطن
نظم المجلس الثقافي للبنان الشمالي ومجلس الفكر – لبنان والرابطة الثقافية في طرابلس، إحتفالا في مقر الرابطة، لمناسبة توقيع كتاب “مئوية الحرب العالمية الأولى 1914- 2014 مآسيها ووقعها على بلاد البترون” للكاتب والصحافي غسان عازار، برعاية المدير العام للشؤون الثقافية في وزارة الثقافة الدكتور علي الصمد، وحضور خالد عيط ممثلا الوزير السابق أشرف الريفي، نقيب محرري الصحافة اللبنانية إلياس عون، المدير العام السابق لوزارة الثقافة فيصل طالب، رئيس الرابطة الثقافية رامز الفري، رئيسة مجلس الفكر الدكتورة كلوديا شمعون ابي نادر، ومؤسس المجلس حنينا ابي نادر، رئيس المجلس الثقافي للبنان الشمالي صفوح منجد، سفيرة إتحاد السفراء الدوليين في الولايات المتحدة غرازييللا سيف، جميل عبود ممثلا “التيار الوطني الحر” في طرابلس، رئيس حركة الإنماء الإنساني ليون الحايك، رئيسة الصليب الأحمر اللبناني – فرع البترون كلود الدرزي، العميد الدكتور أحمد العلمي، الدكتور معتصم علم الدين وفاعليات.
بعد النشيد الوطني، تحدثت المحامية جورجينا عسال وقالت:”قيمة الكتاب هو في التجذر بأرض الآباء والأجداد وحب الوطن، من خلال التمسك بإستقلاله وسيادته، فضلا عن العمل في نشر ثقافة المحبة وإحترام حقوق الإنسان وفي الولاء المطلق للبنان الرسالة”.
منجد
ثم تحدث منجد ونوه بهذه المناسبة التي تقام في إطار أيام طرابلس الثقافية تحضيرا لإحتفالية طرابلس عاصمة للثقافة العربية 2023، واشاد بكاتب الزميل غسان عازار “الذي يمتلك تلك القدرة العجائبية على الإنتقال بين القرى والبلدات البترونية، متقصيا كل حدث أو أقصوصة ورق، ويجالس أحفاد من عاش تلك الفترة المؤلمة ويلتقي أيضا الفلاحين ليحصل منهم ربما على جزء من حكاية ترتبط بالمآسي التي عاشتها البترون خلال الحرب الكونية الأولى، وسردها في كتابه التوثيقي الهام”.
وقال:”لكن كما في البترون، كذلك في طرابلس ومينائها، ظهر العديد من رجال الدين ومن الأثرياء من مختلف الطوائف مسلمين ومسيحيين أخذوا على عاتقهم تأمين الغذاء ووجبات الأكل اليومية للأفراد وللعائلات الموجوعة والتي أنهكها الجوع، حتى أن المطران أنطوان عريضة آنذاك الذي باع صلبانه إلى أحد الأثرياء من أبناء طرابلس ليطعم الجائعين، وما ان إنتهت الحرب حتى جاء هذا الثري الطرابلسي ليعيد الصلبان إلى البطريريك عريضة الذي بدورة هم بإعطاء الطرابلسي الأموال التي حصل عليها لقاء بيع أو رهن هذه الصلبان الذهبية، غير أن الطرابلسي رفض إستلام المبلغ المالي مؤكدا ان تضميد جروح هذه الحرب المجنونة هي من مسؤوليتنا جميعا”.
عون
اما النقيب عون فثمن جهد الزميل غسان عازار وقال:”يدرك الكاتب ان السير في الليل حتما يوصل إلى الفجر، وهذا هو واقع الشعب اللبناني الابي يمشي ويمشي في الليل”، مؤكدا “اللقاء بالنهار المشرق والبهي والساطع وما أوردته صدى البترون، كما جاء في الكتاب عن مآسي الحرب العالمية وويلاتها في بلاد البترون هو نموذج لما عانت منه كل بلدات لبنان الصغير آنذاك، من ساحله إلى جبله:التجنيد الإجباري (سفر برلك) السخرة(كانت سبب وفاة والد القديس شربل) الجراد والمجاعة والموت جوعا”.
وتابع:”ان هذا لدليل حتمي على صلابة اللبناني وجبروته وقدرته الفائقة على إجتياز الصعب بالصعب، والعذاب بالعذاب، والموت بالموت، اللبناني مهما تبدلت الظروف وتحولت، يحطم يتكسر يتشظى ولكنه لا يهزم، وعندما نذكر مدينة طرابلس نذكر معها العراقة والأصالة والإشراق، أكان سياسيا أو إجتماعيا أو ثقافيا”، لافتا الى “ان إحتفلنا في طرابلس عاصمة للثقافة العربية 2023، فعن جدارة تستحقها تاريخيا وعن تجذرية في التاريخ المشرف والنبيل”.
أبي نادر
بدورها ألقت أبي نادر كلمة توجهت فيها إلى الكاتب وقالت:”كتابك رائع لأنه موثق بأمانة، ويزخر بشهادات اقلام أعلام ويحثنا على مراجعة ماض، فعلى اللبنانيين أن يدركوا الأهمية القصوى لإستذكار الماضي، فنزاعات الحاضر تشبه تصفية حسابات الماضي، ومن الضروري إرساء سياسة ذاكرتية لإنشاء دولة القانون والسيادة، إلا أن تطويق كل تحرك إنقاذي يخنق في المهد كل خطوة تغييرية، فما بين 1975 و1990 غدا لبنان مختبرا دوليا لفترات السلام والحرب بين الدول العظمى التي غدت كالقدر وتقرر مصير ملايين البشر”.
وتابعت:”نتناسى الحرب العالمية الأولى وإنعكاساتها المأساوية على لبنان، ونتجاهل القيم التأسيسية للبنان الكبير والتي مهدت لإستقلال لبنان، مابين 1920 و 1943 بإعلان دولة لبنان الكبير والميثاق الوطني، أمران نتج عنهما قناعات قيمة رائعة دفعت بقداسة البابا يوحنا بولس الثاني إلى وصف لبنان بوطن الرسالة، وهذه القيم تنادي بها الأمم المتحدة منذ عقودك الوحدة التعددية، الإستقلال والحرية والتعايش”.
ابي عبد الله
ثم ألقى المؤرخ والشاعر عبد الله أبي عبد الله قصيدة أهداها إلى الفيحاء وقال:”هذا الكتاب هو بحث تاريخي إنساني وسوسيولوجي معمق وموثق، ذكر فيه الكاتب كل مجريات الحرب الكونية الأولى وتداعياتها المشؤومة في بلاد البترون والشمال، وتوجها بكلمات لأقلام معروفة تحدثت عن شهاداتها في تلك الحرب وإستنطق بعض المعمرين الذين عايشوا تلك الأحداث”.
كوسا
كما ألقى المحامي الشاعر عطا كوسا قصيدة من وحي الكتاب تحدث فيها عن هول الحرب ومآسيها.
عازار
وختاما، شكر عازار المتحدثين وقال:”إن الحياة الكريمة التي نشهدها اليوم، على الرغم من التحديات التي تواجهنا، لا تحجب عنا ذاكرة الموت الجماعي الأليم. ونلتقي هذا المساء لا لنفتح دفاتر العزاء بل لنحيي أمواتا شهداء في ذكرى مئوية أليمة، ولتبيان فعلة الخير الذين أنقذوا مئات الناس من الجوع المميت، ونخص بالذكر باني إستقلال لبنان غبطة البطريرك إلياس الحويك الذي رافق أحداث الحرب العالمية الأولى منذ بدايتها، فأمر بفتح الأديرة للفقراء والجياع داعيا الأغنياء إلى مساعدة من اصابه الجوع”.
وتابع:”البترونيون لم ينسوا ولن ينسوا العاصمة الفيحاء طرابلس، التي إحتضنتهم وإستضافتهم في منازلها وخاناتها ودور العبادة وكيف إفترشوا أرض بساتينها العابقة بأريج ازهار الليمون طلبا للراحة وللقمة العيش من جراء الحب التي افقرت وجوعت وقد آن الأوان لنأخذ من ويلات الحروب العبر التي تقضي بالعودة إلى الضميرين الوطني والعالمي والدعاء لإحلال السلام في العالم”.
ثم وقع عازار كتابه للحضور.