لَو أَتانِي الغَيْبُ!
قَريَتِي… غِبتُ ولكِنَّ المُنَى بَقِيَت حَيثُ صِبانا ضَمَّنا
ومُنايَ، الآنَ، ما عادَت سِوَى أَمَلٍ أَن لا يُوارِينا الضَّنَى
كانَتِ الآمالُ أَحلامًا، وفي خَدَرِ الأَحلامِ لَذَّاتُ الجَنَى
ها أَنا، اليَومَ، على التَّلَّةِ في كَنَفِ الشَّربِينِ مَدَّ المُنحَنَى
تَرقُصُ الأَعشابُ، يَبكِي النَّهرُ في أَسفَلِ السَّفحِ، ويَختالُ السَّنا
والحِفافُ الخُضْرُ، في تِلكَ الرُّبَى، أَرِجَت عِطْرًا، وماجَت سَوْسَنا
جَنَّةَ اللهِ أَراها، لا أَرَى غَيرَها يَملَأُ قَلبِي بِالمُنَى
آهِ يا أَيَّامَنا لَو يُرجِعُ الدَّهرُ ـــــــــ رَيَّاكِ، وَعَهْدًا أَيمَنا
بَينَ هاتِيكَ الدَّوالِي، نَزرَعُ ـــــــــ الفَجْرَ ضَحْكًا، وتَرانِيمَ غِنا
هِيَ ذِي النِّعمَةُ، لَم نَدْرِ بِها، حِينَ كانَ المَتْنُ غُصنًا لَيِّنا
هِيَ أَحلَى ما يُوَشِّي البالَ في مَغْرِبِ العُمرِ، وأَحلَى المُقْتَنَى!
***
نَظَرَت عَينايَ، تَحوِي أَدمُعًا ـــــــــ حُبِسَت، تَسأَلُ هاتِيكَ الدُّنَى،
وجِمارُ الدَّمعِ أَقسَى حِينَما تَغمُرُ ـــــــــ القَلبَ، وتَعْصِي الأَعيُنا،
أَينَ مَن كانَ هُنا تَلعَبُ في شَعرِهِ الرِّيحُ وما عادَ هُنا؟!
أَينَ ذاكَ الطِّفلُ يَلهُو عابِثًا، لا يُبالِي أَن يُقالَ الأَرعَنا؟!
أَينَ ذاكَ اليافِعُ الباسِمُ في مَلعَبِ الشَّمسِ، وَلا يَدرِي الوَنَى؟!
هِيَ ذِي سُنَّةُ دَهْرٍ ما رَعَى، عَبْرَ مَسراهُ، لِخالٍ
***
هَمَدَت صَبوَتُنا، واستَفحَلَ الشَّيْبُ ـــــــــ يَغزُو سِحْرَ ما كانَ بِنا
حالَتِ الدُّنيا، وما زِلنا نَرَى، في الوِهادِ الزُّهْرِ ذَيَّاكَ الغِنَى
نَرسُمُ الأَشواقَ في الذِّكرَى فَهَل مَأْمَلٌ غَيرَ نَجاوانا لَنا؟!
***
لَو أَتانِي الغَيْبُ يَحدُونِي إِلى مَوضِعٍ أَجعَلُ مِنهُ المَسكِنا
وَحَبانِي مِ المَغانِي خَيْرَها، وَجَلا الدُّنيا لِعَينِي مَوطِنا
وَأَتاحَ العَيشَ أَنَّى شِئْتُ ـــــــــ فَالقَلبُ يُومِي، والحَنايا، هَهُنا!
مرتبط