برعاية رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي الوزير وليد جنبلاط ممثلا بالنائب الدكتور بلال عبدالله كرمت مفوضية الثقافة ومنتدى الفكر التقدمي في المكتبة الوطنية في بعقلين الرابطة الثقافية في طرابلس ممثلا برئيسها الاستاذ رامز الفري مع كوكبة من أعلام الجمعيات والهيئات والاندية الثقافية والفنية والبيئية الرائدة في لبنان.
حضر الاحتفال الى النائب عبدالله مدير عام وزارة الثقافة الدكتور علي الصمد ممثلا الوزير غطاس خوري، شوقي حمادة ممثلا الوزير مروان حمادة، فادي رشيد ممثلا مدير عام وزارة المهجرين، ممثل النائب فؤاد مخزومي ، عضوا مجلس القيادة في الحزب التقدمي الإشتراكي عفراء عيد وخالد صعب، رئيس بلدية بعقلين عبدالله الغصيني واعضاء اتحاد بلديات الشوف السويجاني ورؤساء واعضاء الهيئات الادارية للاندية الثقافية من مختلف المناطق اللبنانية، مدير المكتبة الوطنية في بعقلين غازي صعب، وكيل داخلية الشوف عمر غنام، اعضاء مفوضية الثقافة ومنتدى الفكر التقدمي واعضاء الاتحاد النسائي التقدمي ومنظمة الشباب التقدمي، ومجموعة من الادباء والمفكرين والشعراء الفنانين والناشطين البيئين والاجتماعيين والجمعيات المكرمة (النادي الثقافي العربي – الرابطة الثقافية – طرابلس – المجلس الثقافي لبلاد جبيل – الحركة الثقافية انطلياس – المجلس الثقافي للبنان الجنوبي – منتدى صور الثقافي – اللجنة الوطنية اللبنانية لليونيسكو – المكتبة الوطنية في بعقلين – الجمعية التعاونية لشباب المسرح والسينما (شمس) – جمعية خيال للتربية والفنون (مسرح الدمى اللبناني) – الجمعية الثقافية للإنتاج السينمائي والسمعي والبصري – Beirut DC الأوركسترا الوطنية اللبنانية للموسيقى الشرق – عربية بقيادة المايستو اندريه الحاج – كورال الفيحاء بقيادة المايسترو بركيف تاسلكيان – جمعية الفنانين اللبنانيين للرسم والنحت – محترف عساف للنحث – جمعية (حملة الازرق الكبير) – جمعية ارز الشوف- صالون وليم حسواني للأدب والشعر – الخطاط العالمي المرحوم فارس ملاعب).
بو ذياب
بعد النشيد الوطني وتقديم من الاعلامية راوند ابو خزام، القى مفوض الثقافة فوزي ابو ذياب كلمة الجهة المنظمة، وقال: “قبل 41 عاما من الآن وفي 16 أيلول من العام 1977، في عز الحرب الأهلية، اصدرت مفوضية الثقافة في الحزب التقدمي الاشتراكي بيانا تحت عنوان “إقتراحات من أجلِ سياسة ثقافية”، وكانت حينها المغفور لها المبدعة جانين ربيز صاحبة (دار الفن) على رأس جهاز المفوضية، لقد حدد بيان المفوضية آنذاك مفهوم الثقافة بأنها ما يغير الحياة، وأنها التقدم والابتكار، وطالب بإنشاء وزارة مستقلة للثقافة، وفصل أجهزة الدولة التي تعنى بالثقافة عن الأجهزة التي تعنى بالتربية، وطالب بتشجيع الفنون على أنواعها، واحتضان المواهب الابداعية، وبإنشاء المراكز الثقافية”.
أضاف: “قبل ثلاثين عاما، وفي عز الحرب اللبنانية أيضا، أعلن رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي إطلاق مهرجانات بيت الدين الثقافية لتكون فسحة أمل يجتمع حولها اللبنانيون بعيدا عن اجواء الحرب والانقسام، وباتت اليوم مهرجانا عالميا للثقافة والفنون يستقطب الرواد من أصقاع الأرض”.
تابع: “على مقربة من تلك السنوات، وقبل أن تضع الحرب أوزارها، كسر الحزب التقدمي الاشتراكي قيد السجن الصغير وحول بقرار من رئيسه هذا الصرح الذي يجمعنا اليوم الى مكتبة وطنية باتت على لائحة المكتبات العالمية”.
وقال: “هذا جزء يسير من تاريخنا المشبع بفكر وإرث المعلم الشهيد كمال جنبلاط، ولهذا كله نحن هنا اليوم في هذا الحفل التكريمي للجمعيات الثقافية والفنية التي أثبتت ريادتها على مدى سنوات نضالها، وهذا التكريم وإن كان الأول من نوعه على اعتباره يخص الجمعيات والمؤسسات الحاضنة للمبادرات الابداعية، إلا أن مفوضية الثقافة وبتوجيه من رئيس الحزب سبق لها أن كرمت عددا من الأعلام الأدبية والفكرية والفنية والصحفية والإعلامية، وشعراء وموسيقيين ورسامين وخطاطين ومسرحيين في محطات ومناسبات عديدة، وهي مستمرة على هذا النهج لا لتقول شكرا لمن أبدع فحسب، بل لتقول لأصحاب الريادة أينما كانوا نحن فخورون بكم ونقف الى جانبكم من أجل مضاعفة العطاء، ومن أجل الإرتقاء بالفكر والاخلاق، وإلى مزيد من التقدم والابداع”.
واشار الى “ان ما يميز الثقافة عن غيرها من أنماط الحياة، أنها تلامس الحس والذوق الانساني وتؤثر في تعديل أنماط سلوك الافراد والجماعات، ولذلك أضفنا على تكريم الجمعيات المصنفة ثقافية وفنية الجمعيات المعنية بالبيئة والتنمية البشرية، حيث بات الخطر البيئي لا يقل تأثيرا عن الخطر الذي يطاول القيم والاخلاق والذوق البشري والذي يهدد بانهيار منظومة القيم الانسانية، رغم التطور التقني والتكنولوجي الذي وصلت إليه الحقول العلمية، وإننا في الاعوام القادمة سنهتم بمتابعة شؤون الجمعيات الأهلية المعنية بتنمية قدرات الأفراد ذوي الاحتياجات الخاصة لأن عملها ايضا يحاكي الاحساس والذوق والسلوك، إضافة إلى المضي في استنهاض همم الاندية والجمعيات المناطقية وتوفير الدعم لها وتعزيز قدراتها في احتضان المواهب الشابة والمبادرات الابداعية الخلاقة، فالثقافة لا تصارع نفسها ولا تتضارب مع أنماط الحياة الأخرى لا بل فهي تشكل الإطار الجامع للإنسانية جمعاء”.
وقال: “كثيرة هي الجمعيات والهيئات والاندية الفاعلة في لبنان والتي تستحق التكريم، إلا أن اختيارنا لهذه الكوكبة، اعتمد معايير الأقدمية والريادة والإستقلالية، فهذه الجمعيات والمؤسسات، وإن كان البعض منها يعتمد تسميات مناطقية إلا أن أنشطتها تجاوز حدود المناطق الى رحاب الوطن، ومنها من وقف بوجه الضغوطات الداخلية دفاعا عن استقلاليته وحرية رأيه، إضافة الى ديمومة الأنشطة التي اعتمدتها على مدى قرون من العطاء، لا بل فإن العديد من المبادرات الثقافية بات يرتبط بإسم هذه الحركة أو ذاك النادي او ذلك المجلس، ولذلك استحقت تلك الكوكبة ميدالية المعلم الشهيد كمال جنبلاط في مئويته الاولى”.
تميم
ثم تحدث رئيس النادي الثقافي العربي فادي تميم، فقال: “تعتبر الثقافة مرآة الشعوب، وللثقافة في لبنان نكهة خاصة، لأنها تعبير وجداني عن المبادرات الفردية التي تقوم بها الجمعيات والأندية الثقافية بعمل تطوعي لنشر الوعي والثقافة لدى مختلف شرائح المجتمع. لذلك فإن المسؤوليات التي تقع على عاتقها تبدو كبيرة إذا ما قورنت بالإمكانات المادية التي تتمتع بها. كما ان جهود الافراد الشخصية للمبدعين والمتطوعين في مجالات الادب والشعر والفن والموسيقى والمسرح والسينما والبيئة هي أوضح تعبير عن طبيعة المواطن اللبناني الذي يتحدى منفردا الصعوبات والعوائق التي تواجهه لرفع اسم لبنان عاليا بين الأمم وشعوب العالم بأسره. وما نشهده يوميا من تفوق اللبنانيين في الداخل والخارج في مختلف المجالات الثقافية والعلمية والسياسية والرياضية والطبية هو أكبر دليل على ذلك”.
الصمد
ثم القى الصمد كلمة وزير الثقافة، فقال: “الواقع الثقافي في لبنان قضية إشكالية لطالما عقدت لأجلها ورش عمل وندوات ومحاضرات، والهدف واحد، كيف الخروج من واقعنا الثقافي المأزوم؟ كثر التنظير حول هذه المسألة، وما تفرع عنها من أسئلة، وكان الدوران، غالب الأحيان، في حلقة مفرغة، ذلك أن أزمة الثقافة ذات وجه يتعدى المحلي الى العالمية”.
أضاف: “العالم يشهد تحولات دراماتيكية جراء ثورة الاتصالات التي تتسارع خطاها بشكل مزلزل، مما انعكس على سائر البنى المجتمعة، وفي عداد ذلك البنية الثقافية. وإذا توقفنا عند الظروف الموضوعية، بوجهها العالمي، فإننا لا نغفل عن الظروف الذاتية، ذلك أن لبنان، منذ سبعينيات القرن الماضي وحتى تاريخه، يعيش في ظل ظروف إستثنائية غير طبيعية، كان ابرزها الحرب الأهلية وما انجلى من مآس وخراب ودمار، لا زلنا نكابد من انعكاساتها، ولتكون أزماتٌ تتناسل منها أزمات”.
وتابع: “ثمة مسؤولية تقع علينا جميعا، ولا سيما من هم في موقع إدارة الجمعيات والمؤسسات والمنتديات الثقافية على اختلافها. فغالبيتهم لا زالت متشبثة بالأطروحات الثقافية التي أفرزتها الثورة التكنولوجية الهائلة، المتمثلة بالثورة الرقمية والشبكة العنكبوتية، وسائر تجليات تلك الشبكة التي تأتينا كل يوم بجديد، بل على مدار الساعة!”.
وأشار الى ان “إزاء هذا الواقع العالمي الجديد المزلزل، تطرح علينا، في وزارة الثقافة، وعليكم أنتم أولياء القافة في لبنان، الأسئلة التالية:
-هل نحن متفقون على أن ثمة هما ثقافيا، يشكل من أزماتنا المتعددة، وله أولوية لجهة معالجته أم ثمة أولويات أخرى، التجسد في الهم الإقتصادي والهم المعيشيي لغالبية اللبنانيين؟
-هل سنبقى على اقتناعاتنا ورؤانا الثقافية التقليدية التي ينفر منها الجيل الصاعد، وبات بعيدا من كل هم ثقافي؟
-هل سنبقى على أساليب الحراك الثقافي وآلياته المنتمية الى عهد لا صلة له بالمرحلة التي نعيشها اليوم، والتي يتغير وجهها، بحكم الصيرورة التاريخية التي هي من طبيعة الظواهر الاجتماعية التي لا تعرف الجمود والتسمر في مكان واحد؟
-كيف السبيل الى اجراء مصالحة بين الأصالة الثقافية وبيت تطلعات الجيل الجديد غير المعني بهذه الأصالة الثقافية؟ وهل تبقى على القطيعة معه؟ أو المطلوب أن نغير بعضا من اقتناعاتنا، فيكون توفيق وليس تلفيقا، بين ما هو أصيل وما هو وافد لا نستطيع كبحه، فالتاريخ ماض في خطواته، يجد السير، ولا سبيل الى إيقافه!؟”.
ولفت الى أن الهم الثقافي مسألة بحجم وطن، مما يستدعي التصدي لها من قبل كل مواطن، بل من قبل الوطن، بل مكوناته وتشكيلاته المجتمعة. من هنا فإننا في وزارة الثقافة أعددنا خطة خمسية تم الموافقة عليها من قبل الحكومة في العام 2017، ونأمل أن تتشكل الحكومة سريعا، لكي توضع هذه الخطة موضع التنفيذ”.
وختم الصمد متوجها بالشكر الى مفوضية الثقافة ومنتدى الفكر التقدمي، قائلا: “يمثلان الوجه المضيء للحزب التقدمي الإشتراكي في الإطار الثقافي والفني، والشكر موصول الى مكتبة بعقلين الوطنية ولكورال الفيحاء الآتي إلينا من طرابلس”.
عبدالله
ثم تحدث عبدالله، فأعرب عن سروره لوجوده بين أهل الثقافة. وقال: “أن نجتمع لنتحدث عن الثقافة في هذا الزمن الرديء، فهذا دليل على ان هذا الجبل وهذا الشوف هو بألف خير، بأهله وبقواه السياسية وبالمصالحة التي ننعم بها، وبالرعاية والتعاون بين الجهات الرسمية والسياسية والثقافية كافة، وأعتقد ان هذا النشاط هو باكورة انتاج مفوضية الثقافة بالحزب ومنتدى الفكر التقدمي والمكتبة الوطنية، وهذا نفتخر ونعتز به ونشد على أيدي رفاقنا الذين قاموا بهذا الجهد الكبير، وفي نفس الوقت شرف عظيم لنا ان تجتمع في بعقلين في الشوف هذه النخبة الثقافية من كافة ارجاء الوطن، لنقول لهم انتم في بيتم وفي منزلكم في رحاب كمال جنبلاط”.
وأضاف: “ان نناقش الثقافة بوجود اهل الثقافة فهذه مهمة ليست سهلة، خصوصا في زمن هناك نقص كبير في الثقافة السياسية، ولكن على الأقل تبقى لنا فسحة أمل، وجودكم ونشاطكم ونقاشاتكم التي اطلعت عليها، وبعض توصياتكم، هي فسحة أمل كبيرة اننا نصر ان نعيش في هذا الوطن بفرح وسعادة، ونأمل بالمستقبل وننعم مؤقتا باستقرار، ولكن لا ننجح في الحفاظ عليه، نفرح بالوحدة الوطنية ونفرط بها كل يوم بالشعارات والغرائز والمحاصصة، ننعم بوطن الإشعاع والنور، ولكن اصبحنا للأسف في الحضيض على المستويات السياسية والثقافية والإجتماعية كافة. نحن لسنا بخير، لأننا عندما نفقد الهوية، أي الإنتماء، ونفقد الثقافة ونضع مكانها الجهل، فعندها نكون لسنا بخير. لا ننعم بالهوية لأننا خصوصا بعد هذا القانون الانتخابي العظيم الذي انجزناه، عدنا الى ما قبل نشوء الدولة اللبنانية، أعدنا احياء الغرائز والشعارات كافة، واكبر دليل على فشلنا اننا لم ننجز تشكيل حكومة. غريب ان من يدعي الحرص على البلد ونجاحه، يصر على ثلث معطل، هذا الفكر العظيم يريد الثلث المعطل لانجاح مسيرة الاصلاح والتغيير”.
وتابع: ” وجودكم ودوركم مهم جدا، فعندما ارادت مفوضية الثقافة ومنتدى الفكر التقدمي ان يجمع بهذا النشاط كل لبنان، فهذه رسالة من الحزب التقدمي الإشتراكي اننا لن نبخل جهدا من اجل اعادة احياء الخطاب الوطني فوق كل خطاب مذهب او طائفي او مناطقي”.
وقال: “لمن يريدنا العودة الى الطائفية، نحن نريد الدولة المدنية شاء من شاء وأبى من أبى. نحن كنا نحلم مع كمال جنبلاط، وسنبقى نحلم كحزب تقدمي اشتراكي ان نضع يوما ما خلفنا كل هذه الرواسب والأمراض المذهبية والطائفية، لأنه عندما قلت ان هناك أزمة إنتماء، ولكن الأزمة الكبرى التي نعيشها اليوم في السياسة والاقتصاد والاجتماع والانماء والثقافة والنفايات والكهرباء والبواخر، هي أزمة نظام سياسي اذا بقينا على هذا النظام الطائفي”.
وشدد عبدالله على أهمية محاربة الفساد، داعيا الى “وضع اسس علمية وموضوعية لبناء الحد الأدنى من الدولة المدنية”، مؤكدا ان “هذه هي رسالة كمال جنبلاط والحزب التقدمي الاشتراكي ومسيرة اللقاء الديموقراطي عبر التركيز على الخطاب الوطني”، معتبرا ان “هناك من يمارس دور الوصاية على كل المؤسسات، وبأجندة ليست داخلية بل خارجية”، مؤكدا “اننا لن نسمح بهذا الأمر”، وأشار الى “اننا قمنا بتسويات مكلفة على صعيد الوطن عندما كان هناك ضرورة للتسويات من اجل وحدة الوطن، ولكن من اجل اشباع رغبات البعض لن نقوم بذلك”.
وختم بالاشادة بالقطاع الثقافي في لبنان، معربا عن سروره لاستقباله أهل الثقافة ممثلا رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ورئيس “اللقاء الديموقراطي” النائب تيمور جنبلاط وتكريمهما، معتبرا “ان تكريم اهل الثقافة هو تكريم للبنان اهل الحضارة والرقي”.
بعد الصورة التذكارية للمكرمين القى الشاعر وليم حسواني قصيدة وطنية من وحي المناسبة.
واختتم الحفل مع فرقة كورال الفيحاء بقيادة المايسترو بركيف تاسلكيان، وقدمت مجموعة من الاغاني العربية والتراثية والشعبية المنوعة لفنانين عرب ولبنانيين منهم الاخوان رحباني وزكي ناصيف ومارسيل خليفة ووجدي شيا والياس الرحباني وفيلمون وهبي.