جوانب من أشعار الأمير شكيب أرسلان (2)

تصدير ديوان الأمير شكيب إرسلان

    

يقول شاعر القطرين في تصديره ديوان أمير البيان  إنّه يرقى حثيثًا إلى مقام لا يرام بين شعراء العربيّة، ولو ظلّ الأمير معنيّاً بذاك الفنّ الرّفيع لصدّق فيه ما ظنّوه كلّ الصّدق .ثمّ يعدّد الشّواغل التي شغلت الأمير شكيب عن الشّعر وهي السّياسة والاجتماع والأدب ومباحث التّاريخ والأخلاق وقد ملأت وقته، وكتب فيها ما لم تستطع أن تكتبه طائفة من حملة الأقلام.

ويقول فيه أيضًا :إنّه ملك اللغة من أوّل أمره ،وجمع معجمها في صدره، تشهد بذلك كتاباته ، وهو فيها مجيد ، كما أنّه في الشعر مقلّ مجيد.

تقسيم الدّيوان

قسّم شكيب أرسلان ديوانه إلى الأقسام الآتية:

1-         المراسلات السّامية.

2-         في مساجلات شعريّة، ومفاكهات أدبيّة.

3-         في مراثي العلماء والأدباء والكبراء.

4-         في المدائح السّلطانيّة، وشؤون السّياسة العثمانيّة.

5-         الباكورة وهي نتاج شعره من الرّابعة عشرة إلى السّابعة عشرة من 1884-1887( مقتطفات من الباكورة).

كما كان الأمير شكيب يستشهد في بعض كتاباته بأبيات من شعر محمود سامي الباروديّ، وهذا رائد مدرسة الشّعر والإحياء فكان أن كتب إليه الباروديّ مقطوعة من سبعة أبيات ينوّه بها إلى فضل الأمير أوّلها:

     أَشَدْتَ بشعري بادئًا وَمُعَقِّبًا    وأمسكتُ لم أهْمِسْ ولم أَتَكَلَّمِ

فيردّ عليه الأمير بقصيدة من أربعين بيتًا مطلعها:

    لكَ اللهُ من عانٍ بشكرٍ مُنَمْنَمِ       لتقدير حَقٍّ في عُلاكَ مُحَتَّمِ

وفي ختامها يخفّف عن الباروديّ ما أصابه من نفي أبديّ عن مصر عام 1882إلي جزيرة سرنديب(سيرالانكا) بفعل الخديوي والإنكليز أثر ثورة عُرَابي الوطنيّة:

   أمحمودُ سامي إنْ يَكُ الدّهرُ خائنًا       وطالَ عليكَ الزَّجْرُ طائرَ أشأمِ

   فما زالتِ الأيامُ بؤسًا وأنعمًا          وحَظُّ الشّقا بالمَكْثِ حَظُّ التَّنَعُّمِ

   ولولا الصّدى ما طابَ وِرْدٌ ولا حَلا      لكَ الشَّهْدُ إلاّ من مرارةِ علقمِ

   عسى تُعْتِبُ الأيّام والهَمُّ ينجلي    وينصاحُ صُبْحُ السَّعْدِ في ليلِ مُظْلِمِ

فيردُ عليه الباروديّ بقصيدةمنها:

   هو الهُمامُ الذي أَحْيا بمنطقِهِ           لسانَ قومٍ أجادوا النُّطْقَ بالضّادِ

   تلقى بها أحنف الأخلاقِ مُنْتَدَبًا          وفي الكريهة عمروًا وابنَ شَدَّادِ

ثُم كان ردٌّ من شكيب، وجواب من سامي وردّ من شكيب بقصيد مضاهية ، وفي جواب سامي قوله:

أَحْيَا رميمَ الشّعْرِ بَعْدَ هُمُودِهِ          وأعادَ للأيّامِ عَصْرَ الأَصْمعِي

وأمّا قصيدة شكيب فكانت في أربعة وستّين بيتًا

وفي سنة 1908 وقد كان الأمير شاتيًا في طبرية عند ابن عمّه الأمير مصطفى أرسلان قائمقام البلدة، فقد بعث إلى الباروديّ قصيدة في التّعزية والتّسلية وقد ضاعت إلاّ ستة أبيات يذكر فيها خليل مطران وأحمد شوقي وحافظ إبراهيم:

وسلامي على الخليلِ وشوقي        وعلى حافظٍ بديعِ النّظامِ

الثُريّا التي قَدِمْتُ عليها              بضئيلِ السُّهَى وشِبْهِ القَتَامِ

فيجيبه البارودي، ويشهد له بصدق الوداد:

صادِقُ الودِّ لا يَخيسُ بعهدٍ       وقليلٌ في النّاسِ رَعْيُ الذِّمامِ

جَمَعَتْنا الآدابْ قَبْلَ التّلاقي        بنسيمِ الأَرْواحِ لا الأجسامِ

اترك رد