أَنتِ في البالِ!

  
مِن سَنا الحَقلِ ومِن طِيْبِ الرَّوابِي،      ومِنَ الخَمرَةِ شابَت في الخَوابِي
ومِنَ الأَنسامِ تَسرِي في الرُّبَى،         ومِنَ الغُدرانِ في لِحْفِ الهِضابِ

ومِنَ الأَوتارِ جُنَّتْ بِالغِنا،               ومِنَ اللَحْنِ تَهادَى في الرَّبابِ
ومِنَ الجَنْيِ يُنادِي قَطْرُهُ،           ومِنَ الرَّوْضِ، ومِن عَرْفِ المَلابِ
جِئْتُ كَي أُهدِي إِلَيكِ الحُبَّ في     ساحِرِ الأَطيابِ، في الشَّهْدِ المُذابِ
فَإِذا الأَطيابُ تَشكُو عَجْزَها…          وَهَلِ الرُّوحُ تُوازَى بِالتُّرابِ؟!
وَكَذا جِئْتُكِ بِالعِطْرِ، وفي     ــــــــــ       ضَوْعِهِ الإِغْواءُ لِلخَوْدِ الكَعاب
وحَمَلتُ المُخْمَلَ الغَضَّ، إِلى          وَفْرَةِ الدِّيباجِ، تَزهُو في الإِهابِ
فَوَجَدتُ الكُلَّ لا يَكفِي، فَلَم      ــــــــــ     أَهْجُرِ الشَّوْطَ، وَبَدَّلتُ حِسابِي
ثُمَّ ناشَدتُ يَراعِي، سائِلًا               رَسْمَ حُسْنٍ بَزَّ قَوْسًا في سَحابِ
وَتَوَسَّلْتُ القَوافِي كَي أَرَى      ــــــــــ      الرِّقَّةَ الأَبْهَى جَمالًا في كِتابِ
فَتَشَكَّى خاطِرِي المَسلُوبُ مِن          عِبْئِهِ المَطلُوبِ، واحتارَ لُبابِي
أَتُرَى حُسنُكِ رُوْحٌ تُعْجِزُ الأَحْرُفَ  ــــــــــ   الخَرْساءَ، أَم طَيْفُ سَرابِ؟!
آهِ، يا شِعْرِي، وَكَم كُنتَ إِذا جِئْتُ  ــــــــــ  أَستَجدِيكَ تَهْمِي في انصِبابِ
تَنسُجُ الآياتِ فِيها فِتْنَةُ        ــــــــــ       البَدْعِ، نَوَّارًا كَبَرْقٍ أَو شِهابِ
كَيفَ أَنتَ، اليَومَ، عَيٌّ، صامِتٌ،         حائِرُ الرُّؤْيا، أَشَلٌّ في نِقابِ
شِئْتُ أَن أُبدِعَ شِعْرًا كَي أَفِي         سِحْرَكِ الغامِرَ، يا وَحْيَ التَّصابِي
فَإِذا الأَسطُرُ خِذْلانٌ، وفي             مَعمَعانِ الشَّوقِ، أَشلاءٌ نَوابِي
لا تَلُومِينِي، فَما عَن رَغبَةٍ            كانَ تَقصِيرِي، وَلا تَرْضَيْ عِتابِي
أَنا حَسبِي ما أُعانِي في الهَوَى،       كَي يَجِيءَ اللَوْمُ فَيْضًا في عَذابِي
أَنتِ في البالِ، وَلَو شِبْنا، إِلى          أَجلٍ يَحْسِمُ مِيْعادَ إِيابِي!

اترك رد