مَزارٌ وصَلاة!    

      

… وَتَمُرُّ السَّنَواتُ، والعُمرُ رَتِيبٌ شاحِبٌ، وأَنا أَطوِي الأَيَّامَ مُتَشابِهَةً بِسَأَمٍ، وأَتَساءَلُ عَن جَدوَى كِفاحِي، وغايَةِ المَسِير!

وتَقاطَعنا مِرارًا في تَشابُكِ الدُّنيا، وما تَوَقَّفنا، فَهُمُومُ الحَياةِ تَأكُلُ مِنَّا شَغَفَ الانخِطافِ، وتَرَفَ الشَّهوَة.

وتَوقَّفتِ… فَتَوَقَّفَ البالُ عَن دَوَرانِهِ، فَأَبصَرتُ وتَبَصَّرت.  

وإِذا أَنتِ في الدَّرِب حُداءٌ حَنُونٌ، وفي القَلبِ نِداءٌ يَختَرِقُ الشَّغافَ فَيُحَرِّكُ جَمادَهُ، فَنَبَضاتِي رَنِيمٌ لَم تَألَفْهُ الحَنايا، ولا عَبَرَ الخاطِر.

لَقَد كُنتُ واحِدًا في قافِلَةٍ تَدُبُّ وَئِيدًا في مَجاهِلِ الأَرض.

واليَومَ أَنا شاعِرٌ يَستَوحِي الأَفلاكَ نَشِيدَهُ العَذْبَ، ويُرَنِّمُ لِأُذُنَيكِ نَسِيبَهُ السِّحْر.

لَقد كُنتُ صَنَمًا في غابَةِ أَصنامٍ مَهجُورَةٍ، لا تَكتَرِثُ بِهِ مَسِيرَةُ الشَّمس.

واليَومَ أَنا شِراعٌ يَتَهادَى تَدفَعُهُ أَصابِعُ النَّسِيمِ، ويَحنُو عَلَيهِ الفَجرُ الباسِم.

وكُنتِ جَمالًا عابِرًا، ما هَزَّنِي مُرُورُهُ، واليَومَ أَنتِ ذَخِيرَةٌ في صَدرِي، زادٌ لِأَيَّامِ الصَّقِيعِ القابِلَةِ، مَزارٌ أَبُثُّ في مِحرابِهِ جَوَى رُوحِي، وصَلاة!

اترك رد