“فلسفة العلوم بتوقيت بيروت” و “على الشفير: قراءات حدودية في الفكر اللبناني” جديد الدكتورة بسكال لحود

بدعوة مشتركة من الجامعة الأنطونيَّة وجامعة الروح القدس في الكسليك، أقيمت في مركز الجامعة الأنطونية الرئيس في الحدت-بعبدا ندوة حول كتابي“فلسفة العلوم بتوقيت بيروت” و “على الشفير: قراءات حدودية في الفكر اللبناني” للدكتورة بسكال لحود، النائبة التنفيذية لرئيس الجامعة في حضور نخبة من البحاثة والأكاديميين تقدَّمهم سيادة المطران سمعان عطالله ممثّلا غبطة البطريرك بشارة الراعي، وقدس الأباتي بولس تنوري، ورئيسا الجامعة الأنطونية وجامعة الروح القدس السابقان، الأباتي أنطوان راجح والأب المدبر هادي محفوظ، ورئيس الجامعة الأنطونيّة الأب ميشال جلخ وممثلون عن الفعاليات السياسية والثقافية، وحشد من المهتمين.

تحدَّث رئيس جامعة الروح القدس الأب البروفسور جورج حبيقة عن الكتاب الأوَّل “فلسفة العلوم بتوقيت بيروت” منطلقاً من التعبير عن إعجابه الشديد بالبحث الفلسفي العلمي الناضج والنافذ، مشيدا بتزويد باسكال لحود القارىء، بفرصة ذهبية للتعرف أكثر إلى مهاراتها الفلسفية والعلمية وإلى سعيها الدؤوب والعنيد إلى الوقوف على مسافة موضوعية من الفلاسفة الثلاثة، في معالجتها منظومتهم الفلسفية الملتزمة بقضايا المجتمع. وأثنى على المنهجية العلمية المعتمدة في المؤلَّف، وعلى صفاء التفكير والتأني في صناعة التعبير، وعلى الاندفاع الإيماني في رفع الضمور عن الفلسفة، وفي استنهاض ما يلزم من وعي وضرورة لترتيب العلاقة بينها وبين العلوم. ولم يتردّد الأب حبيقة في القول إنّ الفلسفة “بتوقيت بيروت” إنما هي بوابة فكرية تفتح الطريق رحباً إلى مخاطبة الفلسفة ومساءلتها بعد “توقيت بيروت”، داعياً من اراد أن يُضَيِّق رقعة التقهقر الفكري والتصدُع المناقبي وهزائم العنف، وأن يدخل حداثة فلسفية لبنانية وعربية، إلى أن يبدأ بمطالعة “فلسفة العلوم بتوقيت بيروت”، استنهاضا للفكر اللبناني والعربي حتى لا يبقى “رصيفياً”.

مشير عون: بسكال لحود أو التأريخ الفلسفيّ الإبداعي

من جهته، اعتبر البروفسور مشير عون أن الأبحاث المتضمَّنة في كتابي لحود تسهم في تعزيز التفكّر التأريخيّ التقويميّ النقديّ للفكر الفلسفيّ المعاصر في لبنان لافتا الى أنّ لحّود قد “دأبت منذ زمن الدراسة الجامعيّة على الاعتناء بالجنائن الفلسفيّة اللبنانيّة التي كانت تتفيّأ في أظلالها تتخيّر منها ما هو أعذب ثمارًا، وأرسخ بنيانًا، وأنضج ابتكارًا، وأبعد آثارًا، وأشدّ استنهاضًا”. وركَّز عون في كلمته على ما اعتبره خصائص القراءة التجديديّة التي بها أفلحت المؤلفة في تطوير مسرى التأريخ الفلسفيّ للفكر الفلسفيّ المعاصر في لبنان، معتبرًا أنّ الجرأة على التجديد في القراءة الفلسفيّة هي التي تمهر أبحاث لحّود مهرًا يجعلها في مرتبة التأريخ الفلسفيّ الإبداعيّ في لبنان.

كمال يوسف الحاج: بسكال لحود، ساكنة البيان العالي

بدوره، رأى الدكتور يوسف كمال الحاج أن مؤلّفة كتاب “فلسفة العلوم بتوقيت بيروت”، قد جازفت شفيريًّا، وبجسارة فلسفيّة، عندما بادرت إلى وضعه، ولكنّها نجحت في إنجاب نصّ تأسيسيّ، باكوريّ، في فعل التفلسف اللبنانيّ عمومًا، وفي رَكْنَنة الفلسفة اللبنانيّة الحديثة خصوصًا. وممّا قاله: “صحيح أنّها تفيّأت نتاجاتِ كمال يوسف الحاج ورنيه حَبَشي وناصيف نصّار في معظم سطور الكتاب، لكنّها انسلّت من عباءتهم غير مرّة لتَجمُل وحيدة في عين الشمس، إن في جُمَل علم أو في مضامينَ أمّهات نثرتها كالنجوم في تضاعيف النصّ التحليليّ، ويمكنها أن تصلح منصّة للانطلاق بمؤلَّف تفلسفيّ خاصّ من عنديّات روحها… إيذانًا بإبداع فلسفيّ آتٍ. وتابع: “في هذا الكتاب حقّقت لحّود عملًا طليعيًّا عندما اجترحت “مفتاحًا تأويليًّا” ولجت به مغاليق شتّى من الفلسفات الكَمْحَجيّة والحَبَشيئيّة والنصّاريّة. انطلقت من “مقولة التوقيتين” كمشط، ومن مطارحات “فلسفة العلوم” كمَلاوٍ، فشدّت بينهما عودًا من ثلاثة أوتار – لَـبْننيّةِ كمال الحاج ومتوسّطيّة رنيه حبشي وعروبيّة ناصيف نصّار، أو قل تجسّديّة الأوّل وشخصانيّة الثاني وصيروريّة الثالث -، وعزفت على هذه الآلة المتفرّدة، بأناملَ متسلطنة، مقامًا أساسيًّا من مقامات الفلسفة اللبنانيّة المعاصرة.” كما أثنى الحاج على تضلّع الكاتبة المكين من الدساتير العلميّة ومن النظريّات الإپيستمولوجيّة ومسايفاتها، وعلى ريشتها العربيّة البدّاعة وريادتها الجَذِلة للمناطق الصعبة في متعاليات الفكر عبر مسارها التأليفيّ، بحيث أمست “ساكنة البيان العالي” ومترسّلة لبنانيّة عنيدة لشرف الحكمة الفلسفيّة.               

بو رعد: بسكال لحود إن كتبت

أما الأب الدكتور جوزف بو رعد، فتناول كتاب “على الشفير: قراءات حدودية في الفكر اللبناني”، وهو عبارة عن مجموعة من الدراسات تشترك في دخولها عوالم المفكرين اللبنانيين الذين تستنطق من مداخل جانبيَّة هي أنواع أدبية لم يعيروها سوى اهتمام عابر (كالرواية عند جورج قرم)، أو موضوعات تناولوها تأطيرا لسواها (كالنهضة العربية الثانية عند ناصيف نصار). وتوقَّف الأب بو رعد بشكل خاص عند المقالة المعنونة “صاحبي وصاحبه والمسيح بينهما” وفيها تقتفي لحود التناص الملفت بين المطران جورج خضر وعمانوئيل ليفيناس. فاعتبر أن هذه المقالة هي نموذج حي عن لااعتيادية اسلوب لحود في استنطاق النصوص، فهي تضرب موعدًا لمؤلِّفين متباعدين، بل متناقضين، “من خلف ظهريهما”، وتخيط المشتركات بينهما بحيث يبدو للقارئ أن المطران والفيلسوف إنَّما أجابا على استمارة موحدة من الأسئلة.

ثم كانت كلمة شكر للكاتبة، انتقل بعدها المدعوون إلى شرب نخب المناسبة قبل أن توّقع لحود كتابيها للحاضرين.  

 

اترك رد

%d