“نِداءُ الصَّدَى”، والقَصُّ الباذِخ!   

                  

(مُقَدِّمَةُ رِوايَةِ “نِداءُ الصَّدَى”، لِلأَدِيبِ نَظمِي أَيُّوب)

نَظمِي أَيُّوب، شاعِرٌ وأَدِيبٌ مَشهُودٌ لَهُ في المَجامِعِ، على ما يُفِيدُ نِتاجُهُ الرَّاقِي، ومَن خَبَرُوهُ، سَواءٌ على المَنابِرِ والصَّحائِفِ، أَو أَمامَ الأَلواحِ الخَضراءِ، وهو المُرَبِّي ذُو الصِّيتِ المُدَوِّي، والمَسارِ الباهِرِ إِشراقًا. هذا المُبدِعُ لَهُ وَجهٌ ثالِثٌ، مُضِيءٌ، هو وَجهُ القاصِّ والرِّوائِيّ. فَلنُحَدِّق، في هذه العُجالَةِ، إِلى هذا الأَخِيرِ، ولنُطَوِّف، على الخُصُوصِ، بِوَلِيدِهِ الرِّوائِيِّ الثَّالِثِ “نِداءُ الصَّدَى”.

في عَمَلَيهِ القَصَصِيَّينِ السَّابِقَينِ “حَجَرُ الزَّاوِيَة” وَ”الشَّامَةُ البَيضَاء”، اعتَمَدَ أَدِيبُنا الرِّيفَ إِطارًا لِلقَصِّ؛ ولا غَرْوَ فَهوَ ابنُهُ البارُّ، تَسرِي طَبِيعَتُهُ في دَمِهِ مَعَ النَّبَضاتِ، ويَختَزِنُ في سَرِيرَتِهِ الشَّاعِرَةِ لَوحاتِهِ السَّاحِرَةَ، مُتَشابِكَةً مَعَ صُوَرِ الطُّفُولَةِ النَّقِيَّةِ، ونَزَقِ الصِّبا. وهو فَضاؤُهُ الرِّوائِيُّ الأَمثَلُ، بِجَمالاتِهِ، وشُخُوصِه. وأَظُنُّهُ لا يَجِدُ نَفسَهُ على سَجِيَّتِها، وخَواطِرَهُ مُنفَلِتَةً مِن إِسارِها المَعِيشِيِّ، طَلِيقَةً، مُبدِعَةً، إِلَّا في رِحابِهِ الزَّرقاءِ، وأَنسامِهِ المُحيِيَة. وهو، على دُرْبَتِهِ في القَصِّ، لا يَحتاُج إِلى كَثِيرِ تَخيِيلٍ رِوائِيٍّ، لِيُجانِسَ بَينَ أَبطالِهِ وحَلبَتِهِم، فَالرِّيفُ مَدارُهُم، وهو أَلِيفُهُ، وصَفِيُّهُ، ونَجِيُّهُ، مَسكُونٌ بِهِ، وبِحِكاياتِهِ، يَحتَلُّ مَسامَّهُ، ومِدادَهُ، ورُؤْيَتَهُ، ورُؤَاه.

والرِّيفُ، مُحتَشِدًا في دِيباجَتِهِ، كِيانٌ حَيٌّ، يَتَآلَفُ مَعَ رُوحِهِ، ويَتَآخَى. مَرَّةً قالَ لي، عَن سِندِيانَةٍ تُجاوِرُ بَيتَهُ: “صَدِّقنِي، يا صاحِبِي، أَنَّنِي أَتَكَلَّمُ مَعَها، وأَتَواصَل”.

في “نِداءُ الصَّدَى”، المَكاُن الرِّوائِيُّ هو المَدِينَة. أَمَّا أَبطالُهُ فَيَحمِلُونَ وَشْمَ القَريَةِ على جِباهِهِم. يَتَكَلَّمُونَ لُغَتَها، ويَحيَونَ أَخلاقِيَّاتِها، وتَقالِيدَها. فَكَأَنِّي بِالرَّاوِي نَقَلَهُم، جَمِيعًا، إِلى الإِطارِ الجَدِيدِ، لِضَرُوراتِ الحَبْكَةِ، والأَحداثِ الدَّافِعَة. فَالعَزمُ على الثَّأْرِ، مَثَلًا، مُعتَمِلًا في نَفسَي “نَدَى” وَ”سُهَى”، ومالِكًا عليهِما الحَواسَّ، هو مِن سِماتِ أَهلِ الجَبَلِ وقَد أَخَذُوا مِن صَلاَبَةِ جَلمَدِهِ، وشَظَفِ عَيشِهِ، قَسوَةَ الطِّباعِ، وصَرامَةَ العَرِيكَة. أَلَم يَقُل أَدِيبُنا الكَبِيرُ سَعِيد تَقِيّ الدِّين: “لَيسَ أَسلَم مِن مُعاشَرَةِ ابنِ المَدِينَة، إِن صادَقَكَ لا يَقتُلُ نَفسَهُ مِن أَجلِك. وإِن عاداكَ لا يَقتُلُكَ بُغضًا بِك”.

نَظمِي أَيُّوب، يَعُودُ إِلى صُوَرِه الماضَوِيَّةِ، في مَعِينِ ذاكِرَتِهِ الثَرَّةِ، يَقنِصُ، مِنها، ما يَلُوذُ بِالحَياة، ويَلتَصِقُ بِالنَّفسِ في مَوقِعِها العُمُومِيِّ الواسِعِ، كما في خُصُوصِيِّها العَمِيقِ، الحَمِيم. وهو، إِذ يَطرُقُ دَربًا سابِلَةً، قادِرٌ أَن يُضِيفَ إِلى الضَّوءِ ضَوءًا، بِمُعالَجَةٍ ذَكِيَّةٍ ثاقِبَةٍ، وبَيانٍ آسِرٍ بِجِدَّتِهِ، وجَمالِه. وإِمَّا تَوَغَّلَ في مَعْبَرٍ شائِكٍ، ضَيِّقٍ، يَعرِفُ، جَيِّدًا، “كَيفَ تُورَدُ الإِبِلُ”، فهو الحَصِيفُ، المُبصِرُ، المِقدامُ، بِعُدَّةٍ غَنِيَّةٍ، ومَتاعٍ كافٍ، مُطَمئِنٍ، يُفضِي بِالحَبْكَةِ إِلى الخَواتِمِ الَّتِي لا يَمُجُّها العَقلُ، ولا يَأباها المَنطِق. فَالمَهَمَّةُ دَقِيقَةٌ، والسَّبقُ غَيرُ يَسِيرٍ، فَالدَّربُ تَعِجُّ بِالقاصِدِينَ إِلى جَنَّةِ الرِّوايَة.

وهو لا يُرهِقُ القارِئَ، في رِحلَتِهِ، بَل يَدُلُّهُ، بِدُربَةِ الخَبِيرِ، المُتَمَكِّنِ مِن جُغرافيَةِ أَرضِهِ، إِلى البابِ الأَولَى، لِلتَّمَعُّنِ في الصُّورَةِ، وإِحاطَةِ مُعطَياتِها، جَمِيعًا، ولو تَشابَكَتِ العَلائِقُ، فِيها، وتَشَعَّبَت، وتَقاطَعَتِ الشُّخُوصُ تَناغُمًا، وتَنافُرًا.

مَعرُوفٌ عَن أَدِيبِنا، حِرصُهُ على نَقاءِ اللُّغَةِ، وجَمالِها. فهو لا يُهادِنُ، في هذا، ولا يُساوِم. ومِنَ المُتَواتَرِ على أَلسِنَةِ طُلَّابِهِ، أَنَّهُ يَرتَجِلُ النَّصَّ الأَدَبِيَّ النَّقِيَّ، الَّذي لا يَعُوزُهُ تَنقِيحٌ، أَو مُراجَعَة. وهو حَرَصَ على دِقَّتِهِ، وتَشَدُّدِهِ، في شُؤُونِ اللُّغَةِ وشُجُونِها، طَوَالَ حَياتِهِ في التَّدرِيسِ، ما جَعَلَهُ مَهجُوسًا بِالبَلاغَةِ، وفَصاحَةِ التَّعبِيرِ، قَدْرًا لا يَسمَحُ لِمِعمارِيَّتِهِ الرِّوائِيَّةِ أَن تَرتاحَ لِسَردِيَّةٍ خَفِيفَةٍ، مُقتَضَبَةٍ، جافَّةٍ، قُصاراها تَوصِيلُ البَلاغِ، والحِكايَة. فَحَساسِيَّتُهُ مُفرِطَةٌ، في هذا الاتِّجاهِ، ولُغَتُهُ لا تَخرُجُ مِن عَرِينِهِ إِلَّا مَلِكَةً في مَطارِفِها الأُرجُوان.

فالرِّوايَةُ الجَيِّدَةُ لا تَستَوِي على أَفكارٍ جَيِّدَةٍ فَقَط، بَل على الأَفكَارِ الجَيِّدَةِ وقَد تَزَيَّت بِاللَّبُوسِ الحَسَنِ، والطَّلَّةِ الفاتِنَة. وهذا ما استَسَنَّهُ صاحِبُنا، فهو حَرِيصٌ أَن تَهُزَّ أُحدُوثَتُهُ القارِئَ بِسِحرِ الدِّيباجَةِ، وأَناقَةِ الكَلِمِ، وشِعرِيَّةِ الجَرْسِ والحَفِيف. وقد يَغلُو، أَحيانًا، في تَجَذُّرِهِ اللُّغَوِيِّ، فَيَقُولُ، تَمثِيلًا، “عُصافَةٌ في عاصِفَة”، حَيثُ يُمكِنُهُ القَولُ “قَشَّةٌ في عاصِفَة”؛ ويَهرَعُ، في مَوضِعٍ آخَر، إِلى “ثالِثَةِ الأَثافِي”، يَرفَعُ عنها تُرابَها المَهِيلَ، ويُحِلُّها، حَفِيَّةً، في بَهوِهِ العامِر. وكَأَنِّي بِهِ يَشُدُّ على يَدِ الجاحِظِ الَّذي أَفتَى: “يُعتَمَدُ الخَفِيفُ مِنَ الكَلامِ لِلخَفِيفِ مِنَ المَعانِي، والثَّقِيلُ لِلثَّقِيل”.

عَمِيقُ الغَوْرِ، هُوَ، بَعِيدُ القَصْد. لا يَضَعُ المُفرَدَةَ جُزافًا، بَل يُحَمِّلُها أَقصَى ما تَستَطِيعُهُ مِنَ الرَّسائِلِ، فَهوَ مُنَقِّبٌ، مُتَنَخِّلٌ، زِمِّيت. وأُورِدُ، لهذا، المَثَلَ الآتِيَ:

عُنوانُ رِوايَتِهِ هُوَ “نِداءُ الصَّدَى”. وكَلِمَةُ الصَّدَى، لُغَةً، تَحمِلُ مَعانِيَ عَدِيدَةً، مِنها: ما يَرُدُّهُ الجَبَلُ، أَو غَيرُهُ، إِلى المُصَوِّتِ مِثل صَوتِه. أَو جَسَدُ الإِنسانِ بَعدَ مَوتِه. أَو نَوعٌ مِنَ البُوْمِ يُسَمَّى الهامَة أَينَما دُرتَ أَدارَ رَأسَهُ قِبَلَكَ، وكانَ عَرَبُ الجاهِلِيَّةِ يَزعُمُونَ أَنَّهُ يُخلَقُ مِن رَأسِ المَقتُولِ ولا يَزالُ يَصِيحُ في رَأسِهِ إِذا لَم يُؤْخَذ بِثَأرِه: “اسقُونِي اسقُونِي” حَتَّى يُقتَلَ قاتِلُه. ولذلكَ قِيلَ لَهُ الصَّدَى. وشِئتُ أَن أُسقِطَ هذه المَعانِيَ على القِصَّةِ لأَرَى أَيُّها يُطابِقُ مَضمُونَها، فَوَجَدتُ أَنَّ الثَّلاثَةَ تَفِي. ويَقِينِي أَنَّ صاحِبَنا كان في هذه الزَّاوِيَةِ عِندَما اختارَ المُفرَدَةَ المَذكُورَةَ لِعُنوانِه.

وأَيُّوبُنا، ارتَضَى الكلاسِيكِيَّةَ مَنهَجًا، ولَعَلَّهُ لا يَستَسِيغُ ضُرُوبَ الحَداثَةِ في القَصِّ، والَّتي ذَهَبَت بَعِيدًا في انتِفاضَتِها على القَدِيمِ، حَتَّى بِتنا نَرَى أَقاصِيصَ لُحمَتُها وسَداها سَطرٌ واحِدٌ، وقد يَكُونُ بَعضَ سَطْر. ولَقَد أَجادَ في خِيارِهِ حتَّى غَدا نَجمًا بارِزًا في نادٍ يَضُمُّ كِبارًا كَتَوفِيق يُوسُف عَوَّاد، وكَرَم مِلحِم كَرَم، ويُوسُف يُونس وأَمثالِهِم. لِذا فهو يَنحُو نَحْوَ السَّردِ النَمَطِيِّ، في الإِطارِ التَقلِيدِيِّ المَرسُومِ لِلحَبكَةِ المَشغُولَة. فَالخَيرُ، عِندَهُ، غالِبٌ، إِجمالًا، والشَّرُّ مَخذُولٌ، وذلك بِذَكاءِ مَن يُدِيرُ اللُّعبَةَ بِمُرُونَةٍ، ودُربَةٍ، وَإِتقانٍ لا يَمتَهِنُ نَباهَةَ القارِئِ، ولا يَأخُذُهُ مَأخَذَ التَّسَطُّحِ، والسَّذاجَة. فهو، بِحَقٍّ، خَبِيرٌ بِتَعقِيداتِ النَّفسِ البَشَرِيَّةِ، وتَصارُعِ مَنازِعِها، وتَبايُنِ جَوهَرِها وظاهِرِها. ولَقَد وُفِّقَ في سَعيِهِ، فَكَفَى زائِرَهُ البَسِيطَ، وأَرضَى المُتَعَمِّقَ، المُتَطَلِّب. ولَعَلَّ هَجْسَ المُرَبِّي القَدِيرِ، الَّذي كانَهُ، والَّذي صَرَفَ جُلَّ العُمرِ بَينَ الصَّحائِفِ، والرُّؤُوسِ اللَّيِّنَةِ، الطَّيِّعَةِ، الشَّاخِصَةِ إِلى المَعرِفَةِ، كانَ وَراءَ قَصدِهِ الدَّؤُوبِ إِلى استِخراجِ أُمثُولَةٍ، وقُدوَةٍ، واكتِسابِ مَهارَةٍ لُغَوِيَّةٍ كافِيَةٍ، مِن كُلِّ رِحلَةٍ لِلقَلَمِ على مَدَى الرِّقاع.

قال سَعِيد تَقِيِّ الدِّين: “أَلقِصَّةُ هي حادِثَةٌ غَيرُ عادِيَّةٍ مُحتَمَلَةُ الوُقُوعِ، تُسرَدُ بِأُسلُوبٍ جَذَّابٍ سَهلٍ، وتَنتَهِي بِمُفاجَأَةٍ حُلوَةٍ مَعقُولَة”. لَقَد وَفَيتَ “السَّعِيدَ”، يا صاحِبِي، إِلى حَدٍّ كَبِيرٍ، وأَفرَحتَ الإِبداعَ، فَهَنِيئًا لَكَ الصَّنِيع!

رِوائِيُّنا هادِفٌ في عَمَلِهِ، وصَحِيْفَتُهُ حَمَّالَةٌ لآِرائِه. وأَنا مُوْقِنٌ، وَلأُعْذَرْ إِذا زَلَلتُ، أَنَّ بَطَلَ الرِّوايَةِ “ماجِد” هُوَ الأَدِيبُ عَيْنُهُ، يَحمِلُ خُلُقَهُ، وآراءَهُ، مِن دُونِ أَن يَكُونَهُ في مَجرَياتِ الأَحداثِ الَّتي يَقتَضِيها القَصُّ، لِيَشتَبِكَ النَّسِيجُ، ويَمتُن.

“نِداءُ الصَّدَى” كِتابٌ جَدِيرٌ بِالقِراءَةِ، وحَقِيقٌ بِالحِفظِ في صَدرِ المَكتَبَة. هو سِفْرٌ راقٍ  في التَّأَمُّلِ العَمِيق ِ، واستِدراجِ الحَياةِ إِلى مُنتَدَى البَحث. طَغَت قِيمَتُهُ الأَدَبِيَّةُ، الفِكرِيَّةُ، على سَردِيَّتِهِ وإِخبارِهِ، فَباتَ، بِحَقٍّ، لَقِيَّةً، على حُلَّةٍ جَمالِيَّةٍ نادِرَةٍ، في هذا الزَّمَنِ الضَّحْلِ، المُتَرَدِّي.

لا مَحظُوراتٍ عِندَ أَدِيبِنا، فَكُلُّ شَيءٍ تَحتَ المِجهَرِ، وعُصاراتُ العُقُولِ، على مَدَى الزَّمَنِ حاضِرَةٌ في ذِهْنِ هذا القَصَّاصِ الثَّقِيفِ، يُغَربِلُها، جَيِّدًا، ويُضِيفُ إِلَيها تَأَمُّلاتِهِ الثَّرَّةَ، لِيُقَدِّمَها، لِلقارِئِ، آيَةً في الفَنِّ، والحِكمَةِ، والاعتِبار. ولِبالِغِ حِرصِهِ على بَثِّ لَواعِجِهِ، وما تَفِيضُ به نَفسُهُ مِن آراءَ في كَثِيرٍ مِن مَناحِي الحَياةِ، وفي الشِّعرِ ومَذاهِبِهِ، قَد يَكُونُ أَثقَلَ كاهِلَ الرِّوايَةِ، هذا الكائِنَ الدَّقِيقَ، الرَّقِيقَ، الَّذي يُؤْثِرُ الانفِرادَ في مَملَكَتِهِ، على مُشارَكَةِ الآخَرِينَ هُمُومَهُم، وأَحمالَهُم. لَعَلَّهُ أَنقَصَ كِفَّةَ عَمَلِهِ مِن ناحِيَةِ الرَّبْطِ السَردِيِّ، وانسِيابِ الحِكايَةِ، ولكِنَّهُ، يَقِينًا، قَد رَجَّحَها فِكرًا، وتبَصُّرًا، وأَدَبًا أَنِيقًا، رَفِيعًا، وحَبْكَةً مَجدُولَةً هو أُستاذٌ فِيها، فَما بَخَسَ المِيزان.

حَكِيمٌ، هو، تَقِفُ إِزاءَهُ بِإِجلالٍ لِما في كُواراتِهِ مِن شَهْد. قَد لا تُوافِقُهُ الرَّأيَ، في مَكانٍ ما، ولكِنَّكَ لا تَستَطِيعُ إِلَّا التَّهَيُّبَ، والتَّقدِيرَ، إِزاءَ عُمقِهِ التَّأَمُّلِيِّ، ورَجاحَةِ فِكرِه.

يَقُولُ الكاتِبُ العالَمِيُّ أَمِين مَعلُوف: “ألرِّوايَةُ المَكتُوبَةُ في خَطَرٍ، وزَوالُها باتَ وَشِيكًا؛ فَالثَّورَةُ الَّتي حَدَثَت في الصُّورَةِ المُتَحَرِّكَةِ أَوِ المَنقُولَة، لَم تَترُك مَجالًا لِلتَّفكِيرِ أَوِ الخَيال”.

أَلرِّهانُ، إِذًا، صَعبٌ، فَإِذا وُفِّقنا بِرِوايَةٍ، كَرَفِيقَتِنا في هذا المَبحَثِ، تَحمِلُ مُقَوِّماتِ القَصِّ الجَيِّدِ، فَلْنَذْبَحِ “العِجْلَ المُسَمَّنَ”، وَلْنُضِئِ الشُّمُوعَ وَنُصَلِّ لِدَوامِ النِّعَم…

نَظمِي أَيُّوب!

أَلا أَسبَغَ اللهُ الرِّيَّ على حُقُولِكَ، لِتَبقَى الأَفنانُ رَيَّانَةً، زاخِرَةً بِالزَّهرِ، والثَّمَرِ، العَبِير!

اترك رد