احتفلت الجامعة الأنطونيّة بالذكرى السنوية الثانية والعشرين لتأسيسها وبعيد شفيعتها سيدة الزروع. للمناسبة، أقامت حفل عشاء في دير سيدة الزروع في حرم الجامعة الرئيس في الحدت – بعبدا في حضور حشد من الشخصيات الرسمية والدبلوماسية والعسكرية والتربوية والدينية ورؤساء جامعات ووجوه نقابية وبلدية واعلامية وأعضاء مجلس الجامعة وأساتذتها وادارييها وموظفيها.
الحضور تقدّمه الى الرئيس العام للرهبنة الانطونيّة والرئيس الأعلى للجامعة الأنطونيّة الأبّاتي مارون أبو جودة، النائبان حكمت ديب والآن عون ورئيس فرع مخابرات جبل لبنان العميد الركن كليمان سعد ومدير الأمانة العامة في القصر الجمهوري عدنان نصار والمدبر الأب جوزيف بو رعد اضافة الى عضوي مجلس أمناء الجامعة الأنطونيّة السفير ناجي بو عاصي وروجيه نسناس ومدير الوكالة الجامعية للفرنكوفونية – مكتب الشرق الأوسط أرفيه سابوران ومدير المركز الثقافي الفرنسي اريك لوبا ومدير المركز الثقافي الايطالي ادواردو كريسافوللي. وحضر أيضا رئيس جامعة سيدة اللويزة الأب بيار نجم ورئيس الجامعة الأميركية في بيروت فضلو خوري ممثلا بالسيد صوما أبو جودة، ورئيس جامعة القديس يوسف الأب سليم دكاش ممثلا بالأمين العام فؤاد مارون ورئيس جامعة الحكمة الأب خليل شلفون ممثلا بالأمين العام أنطوان سعد والأب المدبر هادي محفوظ والأب طوني خضرا عن لابورا ونقيبة الممرضين نهاد يزبك ضومط، ونقيب المعالجين الفيزيائيين طانيوس عبود ممثلا بالسيد جويل البستاني ورئيس بلدية بعبدا أنطوان حلو ورئيس بلدية الحدت جورج عون ووجوه اجتماعية واعلاميّة أخرى.
الاحتفالية استهلّت بالنشيد الوطني اللبناني وكلمة تقديم وترحيب ألقاها الاعلاميّ بسّام برّاك تلاه بعدها الخطاب السنوي لرئيس الجامعة الأب ميشال جلخ والذي حمل هذه السنة عنوان: ” الجامعة وتحدّيات الثورة الرقمية: خمس وعشرون سنة من عمر الانترنت”.
في خطابه، توّقف جلخ مطولا عند انعكاسات الثورة الرقمية على الجامعات سائلا ” كيف يمكن لهذه الثورة المستمرة وهذا اللااستقرار الدائم في عوالم المعارف والمهن ومنظومات المعنى ألا تعنينا كجامعات؟ ألسنا مؤسسات انتاج المعرفة والتأهيل المهني، والمواقع المتقدّمة لصوغ رؤى الوجود؟ ماذا يمكن لنا كجامعات بشكل عامّ، وكجامعات لبنانية بشكل خاص، أن نفعل ازاء هذا الواقع؟
جلخ الذي اعتبر أن هذه المسألة وان كانت تعني كلّ الجامعات من دون استثناء، الا أنها تعني الجامعة الأنطونيّة بشكل خاص خصوصا وأن هذه الأخيرة نمت وتوسعّت حول نواة أكاديميّة صلبة هي كليّة هندسة المعلومات والاتصالات التي تعدّ اليوم، من حيث عدد طلابها أكبر وحدة أكاديميّة موقوفة لهذا الاختصاص في لبنان، دعا الى التفكير بما تفعله التكنولوجيا بعالمنا وبالجامعات والمجتمعات، تمهيدا للتفكير بما يجدر بنا أن نفعله نحن بالتكنولوجيا.
في مداخلته، تطرّق رئيس الجامعة الأنطونيّة لآثار الثورات الرقمية المتلاحقة على مختلف الأصعدة، فطرح تباعا مسائل عدّة كالتكنوفوبيا والخوف على البشرية والعلم والحرّية والخصوصية كما الانعكاسات على الجامعة فكرة وقيما وموارد موضحا أن هذه الملاحظات لا تعني أبدا الدعوة الى طلاق التكنولوجيا أو وقف نموها بل الى مواكبة التطور مواكبة نقدية تسمح ببناء مجتمعات تتبنّى الابتكار التكنولوجي وتتفاعل معه بذكاء وتبصّر.
هذا وأعلن أن الجامعة الأنطونيّة تطلق قريبا كلِّيَّة فنون وعلوم إنسانيَّة يكون نشاطها البحثيّ متمحورا، قبل كلّ شيء، حول هذه القضايا والإشكاليّات. وممّا قاله: ” إذا كانت مأساة الإنسانيّات الأكاديميَّة في بلداننا أن خيارات الباحثين فيها تقضي إمّا بأن ينشروا عالميّا من دون أثر في مجتمعاتهم، أو أن ينهمّوا بشؤون مجتمعهم، فلا يكون لأبحاثهم أثر على المستوى العالميِ ولا قيمة فعليّة في موازين التقييم والترقية الجامعيّين، فإنَ الجامعة الأنطونيَّة قد حسمت أمرها على هذا الصعيد من يوم اعتمدت “السياقيَّة Contextualization سمة أساسيَّة للبحث فيها. ولنا في الدور الريادي الذي يلعبه مركز البحث في التقاليد الموسيقيّة – بحثيّا وثقافيّا، محلّيّا وعالميّا – أبلغ دليل على نجاح هذا الخيار الذي أدرجته الجامعة الأنطونيَّة في رسالتها. ولا تحيد الهندسيّات عن هذا التوجّه. تريد الأنطونيَّة للهندسيّات فيها أن تكوِّن موقعا تكنولوجيّا متقدِّما في خدمة الإنسان، وخدمة الحرِّيَّة، وخدمة الخصوصيَّة، وخدمة الفنون، وخدمة الثقافة وكلِّ ما يخشى من التكنولوجيا العمياء عليه. وطموحنا أن نسهم في ورشة وطنيَّة حول هذه الموضوعات، ورشة نأمل أن تفتح قريبا”.
ودعا الى العمل على تبيئة الثورة التكنولوجية تبيئة نقدية وعلى مساعدة المجتمع على استدخالها استدخالا منتجا وايجابيا كما على دراسة آثارها الاقتصادية والثقافية والاجتماعية دراسة استشرافية تسمح بالتخطيط للمستقبل تخطيطا خلاقا وواقعيا في آن.