قصةُ طيران

طفلةً، كنتُ أطير على ارتفاع منخفض، بين غرف البيت، فوق درج السطح، ومنه إلى الدروب، طيراناً لذيذاً، لا يعيقه شيء، يمدُّني بقوة الكبار، يشدُّني بجاذبية إلى فوق، يمنحني روح الحرية، ونشوة الطيور… نشوة تستمر معي بعد أن أستيقظ، طوال اليوم. وكان المنام يكرر زياراته، كما لو لعبة تملكُني وتلعبُ بي كلما أحَبَّت.

*****
كبيرةً، طرتُ على ارتفاع شاهق، بين غرف الغيوم، فوق تنهدات البحار، في رحاب اليقظة، على مقعد في طائرة، إلى أرض غريبة. ومن هناك، كنت أطير لأزور أهلي، وعند انتهاء الزيارة، أكتشفُ أنني نسيتُ موعد رحلة العودة وفاتَتني الطائرة. فيعتريني فرحٌ طَرفُه كآبة، وارتياحٌ رأسُه ضَياع، وانتماءٌ قلبُه غربة. غربةٌ تظل ملتصقة بي بعد أن أستيقظ، طوال السنين في نيويورك. وكان المنام يكرر زياراته، كما لو نارٌ تلتهم عمري في النوم وفي اليقظة.

(من دفتر الغربة)

11- 03 -2018

اترك رد