كانت الراحلة إملي نصرالله أماً رؤوم للكلمة، فرَعتها وهدهدت حروفها لتنمو على صفحات رواياتها كبرعم وديع وتنضج فتتحول أدباً أيقونياً تمحور حول المكان والبيت والقرية. ولم تتنازل عن الكنوز التي عثرت عليها في تراب القرية وإنسانها. ولم تنفصل حياتها عن كتاباتها كمرأة تدافع عن حقوق النساء، وفلاحة مغروسة جذورها بأرضها، ووطنية كانت بلادها مصدر إلهام ووحي لها فسردت ويلات حربها وهجرة أبنائها…
هكذا، ارتبط نصّها بوجداننا المعرفي والأدبي نحن اللبنانيين، من على مقاعد الدراسة، لتُحفر كلماتها في لاوعينا اى الأبد. لذا تدعوكم دار “هاشيت أنطوان/نوفل” ونادي القرّاء Bookoholics، لتقديم تحية الى ذكرى “أيقونة الرواية النسائية” في لبنان إملي نصرالله، عبر قراءة نصوص من كتبها. وذلك السبت 14 نيسان (أبريل) الجاري، من الساعة الرابعة بعد الظهر حتى السادسة مساء، في مكتبة أنطوان في أسواق بيروت.
الدعوة مفتوحة لكل محبي الروائية الراحلة، كي يجلبوا كتبهم المفضلة من أدبها والمشاركة بقراءة أجمل النصوص والاقتباسات.
هذه الانسانة الهادئة الممتلئة حباً وشغفاً بالحرية والتغيير، هي أحد أعمدة دار نوفل التي أصبحت دار “هاشيت أنطوان/نوفل” منذ العام 2009. بفقدانها، تفقد الدار عرّابتها، ويفقد الدار الأوسع/الوطن، قامة أدبية وإنسانية منحته الكثير.
لقد عرفناها عن قرب سيدة مثقفة مُحبة وحنونة، تختار كلماتها بلباقة، وديعة هادئة بسيطة وقوية ككتاباتها، وتتمتع بشخصية فريدة عازمة مكتنزة بالتجارب. فلا يمكن التمييز بين إملي نصرالله الكاتبة وإملي نصرالله الإنسانة. لقد مثّلت الأديبة الراحلة الزمن الجميل بأخلاقها وأدبها وفكرها وثقافتها الشاملة وانتمائها لوطنها وتعلّقها بجذوره.
“الزمن الجميل”
قبل رحيلها بأيام، صدر عن هاشيت أنطوان/ نوفل كتاب “الزمن الجميل” الذي كان بمثابة تحية لمسيرة الكاتبة الطويلة ولسنواتها الذهبية في عالم الصحافة. وهو بمثابة رحلةٌ جديدة تأخذنا فيها الأديبة إملي نصرالله إلى لبنان الخمسينات والستينات. بأسلوبها الدافئ والحنون، ونصّها الغنيّ من دون بهرجة والكثيف من دون استعراض، تجول بنا في عوالمها الخاصة ولا نشعر بالغربة. تغدق علينا الأديبة الرائدة التي كانت لا تزال في جِلد الصحافية تجربتها في «الزمن الجميل»، تذكّرنا بأسماء نسيناها وتقدم لنا أخرى لا نعرفها، من خلال وجوه قابلتها وحاورتها. هنّ نساء في الأغلب. نساء مناضلات، كلٌّ على طريقتها، في المجال العام أو الخاص، جهارًا أو صمتًا: من إدفيك جريديني شيبوب إلى الملكة فاطمة السنوسي، وسيدة الرائدات إبتهاج قدورة، ومغنية الأوبرا اللبنانية الأولى سامية الحاج، حتى البصّارة فاطمة، ومارتا، الطالبة الثمانينية في الجامعة الأميركية. نساء نصرالله لم يكنّ من حبر فقط. اتّخذن أشكالًا أيضًا على يد الرسام جان مشعلاني الذي دأب على مرافقة الصحافية الشغوفة، وتزيين مقالاتها على صفحات مجلة الصياد على مدى سنوات.
إملي نصرالله
هي أديبة لبنانية رائدة، ولدت في العام 1931، في قرية الكفير (قضاء حاصبيا) في جنوب لبنان. عملت في الصحافة ثمّ غلب عليها الأدب، فانصرفت إلى كتابة الرواية والقصّة والسيرة وأدب الفتيان والأطفال.
تمحورت أعمالها بشكل أساسي حول الحياة القروية في لبنان، وجهود المرأة التحررية، والمشاكل المرتبطة بالهوية القومية خلال الحرب الأهلية اللبنانية، والهجرة.تُرجِم الكثير من كتبها إلى الإنكليزية والألمانية والدانمركية والفنلندية والتايلندية.
حصلت على جوائز عدة منها جائزة الشّاعر سعيد عقل في لبنان وجائزة مجلّة فيروز، وجائزة جبران خليل جبران من رابطة التراث العربيّ في أستراليا، كما منحت في العام 2017 وسام معهد “غوته” الفخري الرسمي باسم جمهورية ألمانيا الاتحادية لتميّزها في إثراء الحوار الثقافي بين الحضارات، ونالت أخيرًا، في العام 2018 وسام الأرز اللبناني عن رتبة كومندور تقديرًا لعطاءاتها الأدبية.
صدر لها عن دار نوفل: “طيور أيلول”، “الرهينة”، “رياح جنوبية”، شجرة الدلفى”، “الطاحونة الضائعة”، “في البال”، الجمر الغافي”، “ما حدث في جزر تامايا”، “محطات الرحيل”، “الينبوع”، “المرأة في 17 قصة”، “على بساط الثلج”، “يوميات هر”، “من حصاد الايام” في أجزائه الثلاثة، “الباهرة”، “تلك الذكريات”، “الإقلاع عكس الزمن”، “الليالي الغجرية”، “خبزنا اليومي”.