حفل موسيقي في جامعة اللويزة في اختتام مئوية ولادة كمال الحاج

أحيا “بيت الفكر – اسسية كمال يوسف الحاج” وجامعة سيدة اللويزة بالتعاون مع الكونسرفاتوار الوطني، حفلا موسيقيا لمناسبة اختتام الاحتفالات بمئوية ولادة الفيلسوف كمال يوسف الحاج في الجامعة، برعاية البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي ممثلا برئيس جمعية المرسلين اللبنانيين الموارنة رئيس مجلس امناء بيت الفكر الاب العام مالك ابو طانوس، في حضور الزائر الرسولي على الرهبانية المريمية المونسنيور مايكل فيتزجرالد، الوزير السابق سليم الصايغ، رئيس جامعة الروح القدس -الكسليك الاب جورج حبيقة، رئيس جامعة سيدة اللويزة الاب بيار نجم، الدكتور انطوان مسرة وفاعليات اكاديمية دينية واجتماعية.

بدأ الحفل بالنشيد الوطني وكلمة لانطوان مكرزل رحب فيها بالحضور، وقال: “اجتمعنا اليوم برعاية صاحب الغبطة والنيافة الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي بطريرك انطاكيا وسائر المشرق في هذا الحفل الموسيقي لمناسبة اختام الاحتفالات بمئوية الفيلسوف اللبناني كمال يوسف الحاج، اشترك في تنظيم الحفل بيت الفكر اسسية كمال يوسف الحاج وجامعة سيدة اللويزة والكونسرفاتوار الوطني اللبناني واحيته فاديا طنب الحاج بمرافقة من اوركسترا الكونسرفاتوار اللبناني مع جوقة جامعة سيدة اللويزة بقيادة الاب خليل رحمة، وكما ان الحفل هو مسك اختتام الاحتفالات المئوية فإن مسك ختام حفلنا الليلة توزيع كتاب الفيلسوف الحاج “في غربة الحقيقة” مترجما الى الفرنسية والانكليزية عن منشورات الجامعة الانطونية وبمبادرة كريمة من هذه الجامعة”.

نجم

ثم ألقى رئيس جامعة سيدة اللويزة الاب الدكتور بيار نجم كلمة رحب بها بالحضور في جامعة سيدة اللويزة وقال: “من جديد يفرح قلب جامعتنا اذ نلتقي حول شخص اعطى الاكاديميا معناه الاوسع، وحول الفكر الى رسالة، وانزل الحقيقية من ابراج عاجية ارادوها لها فلاسفة نخبويون فجعل من الفلسفة خبزا يوميا لامة، ولقوم ولوطن على وسع ثقافاته وانتماءاته، وطوائفه وتياراته”.

وأكد “ان قلب جامعتنا يفرح اذ نلتقي من جديد حول شخص كمال يوسف الحاج، ولافصل بين شخصه وفكره، ففكره صار ايمانا تماهى بشخصه وقناعاته حتى بذل الدم، فصارت شهادة الفكر استشهاد دم، وتكرست فلفسفته ايمانا وثباتا”.

وقال: “اننا نختتم احتفالات مئوية كمال يوسف الحاج بالموسيقى، فالموسيقى كما فكر كمال يوسف الحاج، تخرج من فوضى الاصوات شكل الالحان، هي تعبير جمالي وخلق لنظام عبر النغمات فيولد من تمايز الاصوات سمفونية جمال”.

وتساءل الاب نجم: “اليست هذه فلسفة كمال يوسف الحاج؟ اليست هذه ميزة نظرته للبنان ولتوفيقية نظام لبنان الجامع كل الوان الفكر والفلسفة والطوائف؟ اليست كالموسيقى نصرانية كمال يوسف الحاج؟ اوليس هو المايسترو الذي رأى في فوضى الطائفية مشروع سمفونية وطن، ورأى في التعددية قيمة اضافية في تعدديتها يفترض الاستفادة منها لبناء مجتمع واحد كما يخلق الموسيقي من فوضى الاصوات اروع نشيد؟”.

واضاف: “اليست فلسفة الميثاق الوطني موسيقى ابداع؟ اليس مفهوم الطائفية البناءة لحنا نحتاجه اليوم في وطن يستعمل العصب والتعصب في سبيل حصد اصوات في صناديق اقتراع؟ ولهذا نختم بالموسيقى هذه المئوية وجامعة سيدة اللويزة ستعلن دوما موسيقاه في حناياها، سيسمع اسمه اكثر واكثر في صفوفها، والوعد اليوم يطلق من هذا المنبر، ان ستكون لفكره وفلسفته المكان الذي يستحقانه في برامجها. تنتهي المئوية، لنبدأ اليوم الاول من مئوية ثانية، لنحتفل معا بموسيقى جمال الفكر والفلفسفة علنا نؤدي لفيلسوف لبنان واهل الفلسفة اللبنانية القليل مما يستحق”.

أبو طانوس

وألقى الاب ابو طانوس ممثلا الراعي كلمة قال فيها: “كتب الأب برنار برو، واعظ “paris de dame Notre” الشهير، وأحد أعضاء الأكاديمية الفرنسية: “ملاكان أرسلا يوما من السماء الى الأرض، في طريقهما تباعدا عن بعض، فتناديا، وكانت الموسيقى.

هي الموسيقى لغة السماء وأهلها (وأظن ان الدكتور كمال الحاج من سكان السماء) نحن أهل الأرض محظوظون في كل مرة تأتينا الموسيقى، فتتسمأ لحظاتنا الأرضية. وهذه الموسقى التي تأرضت، تؤكد طلبة الصلاة التي علمناها زائر السماء للأرض – ابن الله وابن الإنسان – كما في السماء كذلك على الأرض”.

أضاف: “نختتم اليوم مئوية كمال الحاج بالموسيقى، من جهة لأن كمال الحاج كان مع الفلسفة موسيقيا، وكان له دور في الكونسرفاتوار الوطني، أتقن لغة الموسيقى في حياته الأرضية، وها هو يستعملها لحياة السماء.
من جهة أخرى، لكي تكون الموسيقى لنا ختاما سماويا لهذه السنة التي امتلأت بفلسفة كمال الحاج”، سائلا “هل أشرف وأجمل من الموسيقى – اللغة السماوية – يكون لختام مئوية كمال الحاج؟، ولتكن الموسيقى “كلمة ما بعد الكلمات” تأتينا من فيلسوفنا الذي نكرم”.

واردف: “لا بد في هذه الإحتفالية الأخيرة لمئوية كمال الحاج من توجيه بعض الشكر العميق:
أولا: لراعي مئويتنا، صاحب الغبطة والنيافة الذي شرفني شرفا كبيرا إذ كلفني تمثيله ولا عجب أن يرعى المئوية راعي بكركي، لقد كانت بكركي مدماكا هاما في فلسفة الحاج.

ثانيا: لجامعات الرهبانيات الثلاثة: شكرا جامعة سيدة اللويزة بشخص رئيسها الحالي والسابق، شكرا جامعة الروح القدس بشخص رئيسها والبروفسور هدى نعمة، استاذة كرسي كمال الحاج، شكرا للجامعة الأنطونية، شكرا للجامعات الأخرى: اليسوعية، اللبنانية الأميركية، الأميركية بيروت، البلمند، كلية السوربون – باريس وجامعة المنار – تونس.

ثالثا: شكرا لعائلة كمال الحاج السيدة ماغي، وأطلب لها الصحة والعمر الطويل، العزيز يوسف وسائر الإخوة والأبنة جانين.

رابعا: شكرا لسائر أعضاء مجلس أمناء بيت الفكر على رأسهم مؤسسة جورج افرام – معالي الوزير إده.

خامسا: شكرا للجنة التنظيم المركزية للمئوية، برئاسة البروفسور امين البرت الريحاني، ولأمين السر الأستاذ مكرزل وللمساعدة الآنسة بولين نهرا وسائر الأعضاء.

سادسا: شكرا للنوادي الفكرية، للجنة الوطنية للأونيسكو، إتحاد الكتاب اللبنانيين، مركز الدراسات في الجيش، الحركة الثقافية -انطلياس، للبلديات، للمدارس، للعائلة الكشفية- الرسل.

شكرا لمعهد الرسل المستضيف الدائم لمباراة جائزة كمال الحاج، شكرا لرابطة خريجيه. شكرا لمطابع الكريم ناشرة مجموعة كمال الحاج (15 مجلدا( شكرا لكل محبي الدكتور كمال الحاج”.

واضاف: “أول أمس في المحاضرة التدشينية لكرسي كمال الحاج للفلسفة اللبنانية، أعلنت البروفسور هدى نعمة، ولها كل التهنئة على محاضرتها، “ان ساعة الرجاء قد دقت” لقد سرني جدا هذا الكلام.
ساعة الرجاء للفلسفة في لبنان والشرق كانت مع كمال الحاج، وتعود اليوم مع الذين سيسهرون على كرسي كمال الحاج للفلسفة اللبنانية. كتب يوما الفيلسوف Sloterdijk Peter “الفلسفة على فراش النزاع في غرفة العناية، لا تستطيع الحياة لكن لا ترغب الموت” في عصر الeconomicus homo وال digital homo يظن البعض ان الفلسفة ستموت، لكن على العكس، في هكذا عصر ستحيا أكثر. يقول كمال الحاج “الشعب المتفلسف له وحده حق الصدارة في مجالس الأمم الراقية، وحده تسمع كلمته عبرالتاريخ، وحده يقيم رجة في صاحب الزمان”.

لو كان له الحظ بالولوج الى عصرنا، لأظنه قال “الشعب اللاهث وراء الإقتصاد والإنتاج والمعلوماتية لن يقبل أن يكون بلا فلسفة ولن يسمح أن تموت الفلسفة، لا بل سيحييها وينعشها أكثر من قبل”.

واردف: “كتب اللاهوتي Barth karl يوما:”حين يعزف الملائكة مع بعضهم موسيقى Mozart، يدخل الله يجلس معهم ويسمعهم، حين يعزفون موسيقى Miserachs يبقى الله على الباب خارجا يستمع، لا يريد إرباكهم”.

في هذه الليلة، تجتمع مع كلام كمال الحاج موسيقى ناجي حكيم، المونسينيور سمير طنب، أياد كنعان والدكتور وليد مسلم، والأب خليل رحمة، وصوت فاديا طنب الحاج، شكرا جزيلا لهم.

الله الذي يظلل هذه الدار سيصغي من فوق، لن يربك احدا، على العكس سيبارك موسيقاكم ايها الملحنون، وصوتك ايتها الكانتاتريس، ونحن كلنا ننتظر بشغف هذا الجمال الراقي الرفيع، شكرا جامعة سيدة اللويزة للاستضافة، وليكن ذكر كمال الحاج مؤبدا”.

مسلم

وكانت كلمة للدكتور وليد مسلم قال فيها: “يطيب لي ان أؤكد، بادىء بدء، ان الكونسرفاتوار يشارك رسميا في هذا الحفل الموسيقي، لمناسبة اختتام الاحتفالات بمئوية ولادة الفيلسوف اللبناني كمال يوسف الحاج (1917- 1976)، لا لمجرد تكريم علم من أعلام الفكر الفلسفي اللبناني والعربي فحسب، بل لان الفيلسوف الحاج، كان رئيسا لمجلس ادارة معهدنا من 1953 الى 1958، وأسهم في نهضته المباركة، وكتب بدمه احدى أبهى صفحات المجد في تاريخ لبنان وبقلمه خط أعمق وأفصح مقاربة فلسفية تناولت اللغة والوجود في مختلف أبعاده.

ولعل ما يضاعف الثقة به، كإنسان فريد اللفتة والنكهة، انه كان عازف كمنجة موهوب. وأتساءل الساعة، في حضرتكم، عما اذا كان قارب الموسيقى كفيلسوف وباحث على غرار فلاسفة كبار ألفوا بين الفلسفة والموسيقى، وكتبوا فصولا رائعة عن العلاقة السرمدية بينهما، كأفلاطون 8281-348 قبل الميلاد الذي جعل منها، في كتاب الجمهورية جزءا أساسيا في حقل التربية. وأرسطو 384-322 قبل الميلاد الذي قال:”الموسيقى تهذب الطبائع”.

وقال: “ثمة علاقة تجمع ما بين فيلسوفنا والقديس أوغسطينوس 381-450 بعد الميلاد. الذي كتب دراسة موسيقية عرض فيها قواعد الإيقاع والأبعاد المطلوبة بين كل منها، ثم تحدث عن اللاهوت والهارمونية كسلم سري يؤدي بمسالكه الى الهامونية الكونية. أي الى الله مبدأ كل حركة، وخالق الهارمونية ذاتها بكل مرتباتها. بعض هذه الافكار نلاحظها في القصيدة التي كتبها كمال الحاج وتفضلت بادائها صاحبة الصوت الملائكي السيدة فاديا طنب الحاج.

ويقترب كمال الحاج كعازف موسيقي وكفيلسوف من ديكارت الذي يرى ان الموسيقى ترقى بالانسان الى أعلى درجات الحكمة، وتوحد بين الروح والجسد، وتكاد تلامس الفلسفة، ونتشيه العازف والمؤلف والفيلسوف القائل: “بدون موسيقى الحياة ضلال”.

واردف: “ان الجمال يحولنا، يسمو بنا ويجعلنا كرماء ضنينين بكرامتنا، والحالة الأرفع للجمال هي التناغم، والموسيقى في جوهرها تناغم.

بدأ عهد كمال يوسف الحاج في المعهد الموسيقي الوطني، عندما تسلم القاضي والدبلوماسي والنائب سليم نجيب حيدر (1911-1980)، وزارة التربية الوطنية في أيلول 1952، فسعى فورا الى نفض جهاز التربية، وكان عماد هذه النفضة المرسوم الاشتراعي رقم 25، الصادر في 6 شباط 1953 الذي بموجبه استحدثت، للمرة الاولى مصلحة جديدة في وزارة التربية هي مصلحة الشؤون الثقافية، عين الوزير حيدر كمال يوسف الحاج أول رئيس لمصلحة الشؤون الثقافية، ثم تم تعيين مدير جديد للمعهد الموسيقي هو الاستاذ أنيس فليحان، وذلك بعد وفاة المدير الاول، ومؤسس المعهد الاستاذ وديع صبرا، عام 1952، وكلف الدكتور الحاج برئاسة مجلس الادارة الجديد”.

وختم مسلم: “في ضوء ما تقدم، وتحية لذكرى الفيلسوف الكبير، والعازف المتضلع، والساهر الأمين على ازدهار المعهد في أيامه التأسيسية، نشارك في هذا المهرجان الرائع شاكرين لجامعة سيدة اللويزة سهرها الرصين على العلم والثقافة في مختلف أبعادهما”.

اترك رد