ريشة لا تهادن ورسوم تؤرِّخ اللحظة الحاضرة
بين السابع من فبراير والثلاثين من أبريل 2018، يحتضن متحف سرسق في بيروت معرضاً استعادياً لأعمال رسام الكاريكاتور بيار صادق هو الأول بعد وفاته، بالتعاون مع مؤسسة بيار صادق، يضمّ رسوماً كاريكاتورية من حقبات تمتد على مدى مسيرته الطويلة في الصحافة المطبوعة والتلفزيونية، من نهاية الخمسينيات حتى وفاته عام 2013، في محاولةٍ لجمع مواضيع وعناوين متنوعة تناولها خلال فترة ابداعه في الصحافة المكتوبة والمتلفزة.
المعرض رحلة إبحارٍ اولية في أعمال الفنان من خلال تسليط الضوء على مجموعة مشهديات ساهمت في كتابة التاريخ حينًا او وصناعته احيانًا. محطات كثيرة في مسيرة فنان عاصر أحداث لبنان والمنطقة ونقل فن الكاريكاتور إلى مرحلة متقدّمة جديرة بأن تسمى “كاريكاتور صادق”.
عهود، أحداث، حروب، احتلالات… إنها رسوم بيار صادق التي تحاكي التاريخ .
رغم أن عمله محدد في نوع فني معيّن هو الكاريكاتور ، فإن بيار صادق عرف كيف يضفي على فنه صفة الخلود، فهو عاش في حقبة زمنية شهدت اضطرابات وحروباً وتغيرات جذرية في لبنان والمنطقة، فقرأها من منظار المحلل والمدقق وبعين المواطن المقهور الرازح تحت وطأة ظلم أهل الحكم وفسادهم… وإذا برسوماته تشكل سجلاً دقيقاً لتاريخ المنطقة، لا سيما الاضطرابات السياسية والوجودية العنيفة، وتوثيقاً للأسماء والوجوه والأحداث التي استحوذت على اهتمام العالم.
على مدى خمسة عقود، وضع بيار صادق لغة مختصرة تتحدث مباشرة إلى الضمير وتزعزع مسار الأمم، فأضاءت رسوماته الأحداث مع ومضات من التألق ونبضت بآلام الناس، وحفل بعضها بالغضب مما آلت إليه الأوضاع الاجتماعية في لبنان وفي الدول المحيطة.
المعرض هو رحلة استكشافية في عمل فنان لم يحوِّل الكاريكاتور إلى مدرسة فنية فحسب، بل ابتكر فئة كاملة من الأعمال التي يمكن تصنيفها على أنها {كاريكاتير صادق} (تعدت 30 ألف رسمة) جمع فيها الأحداث، والحروب، والمهن وكل ما يمتّ إلى الحياة من حوله بصلة…
الجرأة سمة فن بيار صادق، لم يعرف طيلة حياته المهادنة على حساب المواطن العادي بل كان مدافعاً شرساً عن حقوقه، لم يخشَ التهديد ولم تغره الأموال الطائلة التي كانت تعرض عليه لقاء سكوته، بل استمر صوتاً صارخاً في الصحافة المكتوبة وعلى شاشات التلفزة، يقول ببضع كلمات وجع الناس فتخترق القلوب مباشرة وتقض مضاجع المسؤولين.
لم يتغيّر إيمان بيار صادق بلبنان الأرض والوطن والكيان المستقلّ، وكانت رسوماته صورة عنه، ولطالما نزفت خلال الحرب وجعاً، ولطالما حذرت من مؤامرة إلغاء الكيان وتفتيت الوطن، لم تسكتها أصوات المدافع بل زادتها جرأة وإقداماً للدفاع عن أرض ارتوت بدم الشهداء على مدى سنوات طويلة فاقت العشرين.
ريادة في فن الكاريكاتور
درس بيار صادق (2013-1938) الفن التشكيلي في الأكاديمية اللبنانية للفنون الجميلة. نشر رسومه الكاريكاتور ية في صحف لبنانية وعربية من بينها: النهار، الأنوار، العمل، الجمهورية، الديار، النهار العربي والدولي، السياسة، ونقلتها وكالات أنباء وصحف ومجلات عالمية من بينها: {أسوشياتد برس، يونايتد برس إنترناسيونال، مجلة تايم، لو ماتان، فرانس سوار، واشنطن بوست، مجلة أطلس، جون أفريق، سود دويتشه زايتونغ}.
ابتكر الكاريكاتور المتحرك المتلفز عبر شاشتي المؤسسة اللبنانية للإرسال (2002-1986) وتلفزيون المستقبل (2013-2002). قدّم رسومه ولوحاته في معارض محلية وعالمية من بينها: فندق السان جورج (لبنان 1969)، {الحرب والسلام} (الكويت 1972)، جدة، المملكة العربية السعودية (1977)، {بيار صادق 80} (غاليري دامو، لبنان 1980)، {هذا هو لبناني} (واشنطن العاصمة 1984).
من مؤلفاته: {كاريكاتور صادق (1964)، اضحك مع بيار صادق على السياسيين (1972)، كلنا عالوطن (1977)، بشير (1983)}. مجلد بيار صادق صدر بعد وفاته في 2014.
نال جوائز عدة من بينها: جائزة سعيد عقل (1965 و2003)، جائزة كمال المر (1988)، درع المكتبة الوطنية، بعقلين (2000)، جائزة نادي دبي للصحافة (2000)، جائزة الليونز (2000)، جائزة الليونز ليبرتي (2010)، جائزة تقدير من المهرجان الدولي للفنون التشكيلية، تونس (2013).
حاز وسام الأرز الوطني من رتبة فارس في عهد الرئيس سليمان فرنجية (1972)، ومن رتبة ضابط في عهد الرئيس الياس الهراوي (1997)، ومن رتبة كومندور في عهد الرئيس ميشال سليمان (2012) .
جائزة ريشة بيار
حفاظاً على إرثه الكاريكاتور ي وإيصاله إلى الأجيال الصاعدة، أطلقت مؤسسة بيار صادق بالتعاون مع الأكاديمية اللبنانية للفنون الجميلة (ألبا)، وبمشاركة جامعة إستيان-للفنون الجميلة (باريس) ريشة بيار، جائزة سنوية للرسوم الكاريكاتور ية المفتوحة لطلاب الفن والتصميم والعمارة في جميع الجامعات اللبنانية. وقد منحت الجائزة للمرة الأولى في 2017.
****
(*) جريدة الجردية الكويتية 9-1-2018.
هناك كارتيكاتور لبيار صادق عندما انتخب فرنجية رئيساً عام ١٩٧٠
يقول فرنجية : صحيح روكبت معي بالعربية . بس بهالانكليزية ما بتروكب
هل لديكم هذا الكاركاتور
شكراً