نظرت الي وسألتني: هل تهوى العيون الزرقاء ام العسلية؟
لا اصنف العيون بألوانها يا سيدتي.. فما همي ان كانت زرقاء بدون عمق؟ وعسلية بدون حلاوة؟ ما همي ان كنت انظر اليها فلا انفذ الى اعماقها ولا ارى انعكاس روحي فيها؟ ما همي بالالوان في عصر عدسات اصطناعية تتلون كحرباء بألف وجه او كجحافل عدو غادر يتقن التمويه؟؟
من بين كل العيون اعشق يا سيدتي عيونا تضحك عند اللقاء وتبكي عند الفراق.. عيونا تحملني معها الى عالم آخر في بعد آخر وزمن آخر.. عيونا تختصر التاريخ والجغرافيا وما بينهما من أقاصيص وروايات.. عيونا تعرف كيف تتكلم وتبتسم.. تعتب وتعبس.. وتكذب علي الف كذبة مفضوحة.. عيونا تخون اللسان والشفاه كل يوم ولا تجرؤ على عصيان القلوب مرة.. عيونا تحمل فيثارة سماوية تعزف بها على أوتار القلوب.. عيونا تحمل براءة الطفولة وتختزن حكمة الأجيال.. عيونا تسهر في قربي ويصيبها الأرق في بعدي والغثيان ان لمحت غريبا.. وكل ما سواي غريب..
اعشق عيونا عصية الدمع.. أبية.. تكابر ولا تتكبر.. تغري بغير غرور.. ترافقني بطيفها وتحرسني في ترحالي.. تترصد عودتي بلهفة تخفيها خلف حجب من الحياء مزركشة.. أعشق عيونا لها في كل مقام مقال وفي كل مقال صمت مريب -كابتسامة الموناليزا- له ألف معنى وتفسير.. أعشق عيونا تتقن لغات الارض.. الحي منها والميت والمنسي.. لكن لا تتكلم الا بلغة واحدة.. مشفرة.. لا يفك تشفيرها الا مفتاح رمي في بئر سحيق في قلب مسحوق تبعثه من تحت الرماد نظرة منها..
طلبك صعب يا هذا.. ولا أظنه يحيا الا في مخيلتك.. قالت سيدتي وضحكت.. ولكن عيناها قالتا شيئا آخر.