ما إن يرحل شـــاعر، حتى نشعر بأنّ العالم يخسر شيئاً من ضوئه. وهذا ما خلّفه رحيل الشاعر اللبناني عصام العبدالله أمس، بعد فترة قصيرة من إصابته بالسرطان. وكان الشاعر الجنوبي، المولود في انطلياس عام 1941، كتب باللغة المحكية وبرع فيها، فأصدر خلال مسيرته ثلاثة دواوين هي: «سطر النمل»، «قهوة مرّة»، ««مقام الصوت».
ولم يكتفِ العبدالله بكتابة القصيدة المحكية، انما دافع عنها بقوّة، واضعاً اياها في مصاف قصيدة الفصحى. ولم تكن المعركة سهلة في بلد مثل لبنان تُعطى فيه الوجاهة للفصحى بينما تبقى القصيدة المحكية في إطارها الغنائي، مهما بدت عميقة ومجددة. وكان الراحل الذي بدأ حياته الشعرية عبر قصائد موزونة ومقفاة.
تميزت قصائده بسخرية لا تنفصل عن شخصيته التي كانت تجمع حوله الأصدقاء يومياً في مجلس المقهى الدائم. حتى يُشعرك بأنه شخصية خارجة من الحكايات والمرويات الشفوية.
رحيله أحدث ضجة بين أصدقائه الذين عبّروا فايسبوكياً عن حزنهم، ومنهم شوقي بزيع الذي كتب على صفحته: «عصام العبدالله، الضحكات التي خلّفتها وراءك تهيم على وجهها في عراء العالم. الدعابات والطُّرَف اللماحة لن تجد بعد من يرتجلها في غياب الساحر. برحيلك ينفرط عقْد المدينة والنهارات التي أخليتها تلتفُّ في ملاءاتها السوداء كالنساء الثواكل . بعدك لن يعود شيءٌ كما كان».
وعلّق محمد علي شمس الدين على خبر موته قائلاً: «عصام العبد الله… لن تحمل بعد هذا الصباح الحزين أمواج البحر ضحكتك التي كنت ترسلها مرتجفة وطويلة على الأمواج في المقهى هناك، حيث كانت تضج الحياة».
أما الشاعر عمر شبانة فاختار أن يتذكره بكتابة إحدى قصائده: «ما بعرفن../ ما شايفن../ لفوا وجوههن بالقهر../ خبو سلاحهن بالوعر../ خبوا أساميهن../ ما في حدا بيشوفهن إلا إذا ماتوا../ وتعلقوا مثل التحف مثل القمر/ عم ينخطف من عندهن../ صاروا عدد مثل الخطر مارق على سهل الجمر».
****
(*) جريدة الحياة 20 ديسمبر 2017.