اليوم هو السابع عشر من نوفمر 2017 والذي يعني مرور مائة عام وخمسة عشر يوما على ما يسمى بوعد بلفور المشأوم .
فقبل ان تضع الحرب العالمية الأولى أوزارها ويتقاسم المنتصرون فيها تركة الإمبراطورية العثمانية، سارع وزير الخارجية البريطاني أرثر بلفور في 2 نوفمبر/ تشرين الثاني من عام 1917 إلى كتابة رسالة إلى المصرفي البريطاني وأحد زعماء اليهود في بريطانيا البارون روتشيلد، وأدت الى قيام كيان اسرائيل.
اسرائيل التي كانت محور الاحاديث العربية الرسمية والشعبية والتي كان اضافة كلمة دولة الى اسمها يعد نحو من التواطؤ والتهمة غابت تدريجيا لتصبح امرا واقعا وتصبح سطرا بائسا في اخر كل بيان من البيانات الختامية لاجتماعات الجامعة العربية يتمنى فيه بتذلل حل الدولتين واصبح تكرار الحديث حولها موضع انزعاج وتندر البعض بقولهم كفنا من هذه الاسطوانة المشروخة لان اسرائيل بارعة في مراكمة الازمات على رؤوس العرب والمسلمين بعناوين مختلفة ليس آخرها داعش.
وفي قبال هذا الغياب وشفاء الشعب العربي من الحساسية تجاه اسرائيل وتجاوز مرحلة القبول والتطبيع يدخل عالمنا في مرحلة الشراكات والعلاقات الوطيدة والتحالفات الاستراتيجية مع اسرائيل بوصفها عدو من الدرجة الثانية وفيه منافع كثيرة ولا يرقى الى خطر ايران ومن في محورها فهم العدو الاخطر الذي لابد ان تتآزر العگل العربية مع الاربطة وبعض العمائم والسدارات من اجل مواجهة خطر ايران الذي يريد ان يبتلع العرب بحسبهم.
يعني هذا الموقف في المدلول العملي ان تقوم امريكا التي هي جسد الروح الاسرائيلية (فعندي ان اسرائيل وامريكا كائن واحد روحه الكيان الموجود في فلسطين وجسده هذا العملاق العظيم امريكا) بترتيب صفوف الحرب المقدسة والتي تسير تحت راية السداسية مواجهة لكل ماله صلة بايران من حزب الله في لبنان مرورا بسوريا والحشد وشيعة العراق وانتهاء بايران وان هذه المواجهة لا علاقة لها بالنفط او الثروات او الارض او المصالح التقليدية وانما هي حرب بحسب آبائها الروحيين تتصل بالمقدس والمدنس وهي ضرورة عقائدية تفرضها الرؤية الكونية الصهيونية التي ترى ان العالم ملك لشعب اسرائيل وان كل البشر من غير اليهود هم اجراء في مملكتهم وانهم مدنسون بغاة بما فيهم المسيحيون ولابد لاسرائيل ان تبسط وجودها الكوني وتحقق الحلم الكبير في سيادة الشعب اليهودي كقيادة عليا للعالم في اطار ديني محمل بالرموز والدلالات.
اعرف ان هناك من يضحك ساخرا وقد يسفه الامر من خلال قرنه بمشكلات واقعية يشهدها حاضرنا مثل الفساد والارهاب والصراعات السياسية كما قد يسرع آخر للاستبسال من اجل اثبات علاقة تخادمية بين ايران وامريكا او ايران واسرائيل بحسبهم.
كما لا بد من التأكيد ان هذا المنشور لا يعني تزكية لسلوك اطراف مذكورة فيه ووصفها بالمعصومة او تنزيهها من العمل لمصالحها الخاصة .
ان الوظيفة الاساسية له اعادة الذاكرة الغافلة او المتغافلة الى مصدر الشر الحقيقي في منطقتنا واعطاء فهم لخلفيات تسارع قرع الطبول الصاخبة التي تأذن بحرب عقائدية ربما كونية وان لبست لباس السياسة او الامن او البسة اخرى