لمناسبة مرور أربعين سنة على تأسيس معهد الدراسات الإسلامية -المسيحية في جامعة القديس يوسف، أقيم لقاء برعاية وزير التربية والتعليم العالي مروان حماده ورئيس الجامعة البروفسور سليم دكاش، حول موضوع:”رسالة معهد الدراسات الإسلامية والمسيحية في عالم اليوم”، في قاعة فرنسوا باسيل – حرم الرياضة والابتكار، طريق الشام، بحضور سياسيين ورسميين وأكاديميين وطلاب ومهتمين.
استهل اللقاء بالنشيد الوطني اللبناني ثم كانت كلمة لعميد كلية العلوم الدينية ومدير معهد الدراسات الإسلامية والمسيحية الأب مارك تششليك اليسوعي وتناول الفترة التي ولد فيها المعهد سنة 1977 حين كان العنف لغة سائدة “فاجتمع ثلاثة مسلمين هم الأساتذة: يوسف الإبش، وهشام نشابه وزكريا نصولي، وثلاثة مسيحيين هم الآباء أندريه سكريما وجون دونوهو وأوغستان دوبريه لاتور” وقرروا إعادة إحياء لبنان المتعدد الطوائف” كما تحدث عن رسالة المعهد في الوقت اليوم.
وزير التربية والتعليم العالي الأستاذ مروان حماده ألقى كلمة باللغة الفرنسية أكد فيها على “أهمية الحوار وعلى رسالة لبنان التعددي”، معتبرا أن “رسالة المعهد خلاصية كانت كذلك في العام 1977 ولاتزال”، ثم جرى عرض لفيلم حول المعهد.
وتضمن اللقاء جلستين الأولى حملت عنوان “رسالة معهد الدراسات الإسلامية والمسيحية في عالم اليوم” أدارها القس الدكتور عيسى دياب، وشارك فيها كل من البروفسور هشام نشابه من مؤسسي المعهد، والدكتور مرتينو دييز المدير العلمي في “اوازيس” (الواحة- ميلانو)، والبروفسور سليم دكاش رئيس جامعة القدّيس يوسف.
خلال الجلسة الأولى استذكر البروفسور نشابه الظروف التي رافقت ولادة المعهد وقال: “في جو مفعم بالتناقضات، باليأس والأمل، بالمحبة والبغضاء (…) كان ذلك منذ أربعين سنة، التقينا، وتفاهمنا وتوطدت بيننا صداقة ومحبة في الله، نتج عنها عمل مشترك هو قيام معهد الدراسات الإسلامية – المسيحية. فكان حدثا مناقضا لكل ما يجري حوله، كنا نتلاقى كمؤمنين متحابين، بينما كان الشارع مسرحا للتنافر والبغضاء، كنا دعاة سلام كثيرون غيرنا دعاة حرب واقتتال، كنا دعاة علم وتعارف وكان ما حولنا جهل وتجهيل مطبقين. وكانت من نتائج هذا التناقض صداقة بين الأساتذة، تسربت إلى الطلبة ودامت واستمرت حتى بعد أن تغيرت الظروف في لبنان وعاد إليه السلام”.
ثم تحدث الدكتور مارتينو دييز عن أهمية التلاقي بين الشرق والغرب داعيا إلى تعميم خبرة المعهد.
أما رئيس الجامعة البروفسور دكاش فقارب المعهد من خلال صفات أربع هي: الاستمرارية، وصفة المشترك، والواقعية، والتجدد، معللا كل واحدة من هذه الصفات، وختم قائلا: “في الأربعين يبلغ الإنسان كماله حكمة وقامة ورسالة ومعنى لحياته ووجوده وكذلك الأمر بالنسبة للمؤسسات ومنها وحتى وهي صغيرة إنما رسالتها ومعنى وجودها هو بحدود الأمم والأوطان والأديان. المعهد يبدأ مع نهاية الأربعين الأولى، أربعين سنة جديدة في خدمة الفكر الإسلامي المسيحي. وهو مدعو أن يصبح ذلك القطب والمِحور في قلب لبنان ولبنان هو قلب الشرق، وبالتالي يكون هذا المعهد نوعا ما وبتواضع مؤسسيه مثلا للشرق في مجال العلاقات الإسلامية المسيحية”.
ثم كان فاصل موسيقي تبعته الجلسة الثانية، وحملت عنوان “اعلان الأزهر وبيانات بيروت” أدارها البروفسور أنطوان قربان (أستاذ في جامعة القديس يوسف)، وتحدث فيها البروفسور ألسندرو فيراري (أستاذ الحق العام في جامعة انسوبريا – إيطاليا)، والبروفسور رضوان السيد (أستاذ الفلسفة في الجامعة اللبنانية)، والبروفسور أنطوان مسره (عضو المجلس الدستوري ورئيس كرسي اليونسكو لدراسة الأديان المقارنة والوساطة والحوار في جامعة القديس يوسف).
وكان عنوان مداخلة البروفسور رضوان السيد “إعلان الأزهر ودلالاته على التطورات الجديدة في الفكر الإسلامي” التي وقف فيها على مفهوم التأصيل في ديانات التوحيد الثلاث، وعلى الاعتراف والتعارف، وليختم بالقول: “إن الجديد الجديد في بيانات الأزهر وإعلاناته، ومنها إعلان المواطنة والعيش المشترك، هو البحث الحثيث عن التأويلية الجديدة أو السردية البديلة للسرديات والخطابات التقليدية التي تصدعت بالهجوم عليها من الداخل والخارج، لكنها لم تسقط بالضربة القاضية. هل يطولُ الأمُر أو يقصر حتى تتبلور السردية الجديدة؟ لا يسمح مجرى الأزمنة المتغالبة بالانتظار، بقدر ما انتظر العالم، وانتظر الكاثوليك المجمع الفاتيكانيَّ الثاني. إنما نحن نعرف جميعا أنّ التغيير تحت وطأة الضرورات، يكون أصعب من التغيير نتيجة الريادة التي يقوم بها المفكرون المستبصرون”.
أما البروفسور أنطوان مسرة فحملت مداخلته عنوان ” بعد اعلان الأزهر واعلانات بيروت أي برنامج للمستقبل؟” وتناول فيها “الوثائق العربية حول الحريات الدينية والمواطنية والعيش معا: آلية تطبيق وبرامج للسنوات 2017-2020” داعيا إلى ضرورة “التمييز في قضايا التعددية وإدارتها الديمقراطية بين أربعة مستويات في الفكر والعمل: المستوى المؤسسي، المستوى الحقوقي، والمستوى الثقافي، والمستوى السياسي” مقدما شرحا وافيا لكل مستوى.
ثم كان نقاش ونخب المناسبة.