هو المسيحيُ الصَلْب ،
والمؤمنُ النقيٌ القلب،
والمِلْفانُ الحبيبُ الرَّب،
والقَيْرَوانيٌ طولَ الدرب …!
في مسيرته الكهنوتية نذرَ الفقرَ والطاعةَ العِفّة وإلتزمَ بقانونها … وسنَّ له ناموساً خاصاً، في مساره الدنيوي ، ركيزتُه البطولةُ وشهامةُ الرجولة..!
أستاذي وصديقي اللبنانِيُّ جدّاً، الأب الأنطوني ، الذي أخذتُ مِنْهُ وفيرَ زادٍ من القِيَمِ وصلابةِ الثقة بالنفس..
أذكره استاذاً ومديراً في الجامعة اللبنانية ، واتذكره مديراً مؤسساً للمركز الكاثوليكي للإعلام ، وسنديانةً مارونيّة عميقةَ التجذُّرِ في الثقافات والحضارات واللغات القديمة ، السريانية واليونانية والعبرية …
عاش رفيق المذبح وحاملَ الصليب… وماتَ و القربانةُ في حلقِهِ والمسبحةُ بيده،،!
تركَ الكثير من الكتابات في الفلسفة الإغريقية والحضارة السريانية والطقوسيات ، وسلسلةَ مؤلفاتٍ عن عُظماءَ قديسين ، الى سلسلة حلقات تلفزيونية وظّفها لخدمة الكلمة ونشر ثقافة المحبة والحوار …
رَقدَ بالرَّب وفي خوابيهِ كثيفُ ذكرياتٍ وخواطِرُ دامعة عن كواليس وخبايا وخفايا حرب السنتين وحرب الجبل ومآسي التهجير والإجتياحاتِ الهمجية للمناطق المسيحية، التي كانت تستهدفُ تغييرَ ديموغرافيّةَ لبنانَ ورسالته الحضارية ونظامه الوجوديّ..
ذاتَ يومٍ ، ذاتَ زمن ، وكنّا في قلبِ المِحَنِ ، حصلَ تفجيرٌ عنيفٌ إستهدفَ دير مار جرجس في عوكر ، حيث كانت (الجبهة اللبنانية ) تعقدُ إجتماعها الدوري ، لمتابعة الأحداث ورعايةِ الأحوال، فدُمِّرَ قَسَمٌ واسعٌ من الدير ونجا لبنان من مصيرٍ أسود…وكانت المفاجأة، أن الرئيس كميل شمعون ، وبعدَ أنْ نفضَ الغبار وأزاح الركام عن طاولة الإجتماعات ، أصرّ هو وأركانُ الجبهة أن يتلو بياناً كان أعدَّه الأعضاء
تأكيداً على أنَّه (كما أفشلنا مؤامرات الخارج ، سنتصدى بقوة لإغتيالات الداخل).. وكان في محفوظات الأب رحمَه ، وكان رئيساً للدير، النسخة -الوثيقة للبيان ،المكتوب بالحبر والموَقَّع بالدّم … وبعد مدةٍ طويلةٍ أعطاني قدس المغفور له، تلك الوثيقة القيِّمة معنوياً للإحتفاظِ بها، لكنني ولشدّةِ إعجابي وتقليدي للأستاذ غسان تويني ، أهديتُها له ، لأنه الأحرصُ على تاريخنا وألمؤتمن على تراثنا..!
غِيابُ الأب الدكتور جورج رحمه ، خسارة روحية وحضارية ومارونيّة ، و كِيانيّة لبنانية صَوَّانِيَّة..!
تُرابٌ يبكي على تُراب…والصلاةُ جواب…!