الهدف: الوصول لمجتمع آمن من السرطان
على بعد 36 كلم من شمال مدينة بيروت، وعلى ارتفاع 950متراً عن سطح البحر حيث تعبق الأرض بالتاريخ، وحيث الصنوبر تُسأل عنه السنين، تقع قرية توصف بابنة التاريخ الذي استضافته في قلعتها وعلى مدرجها الروماني الغاطس في البحر، إنها غوسطا، التي اختارتها جمعية الرباب للسرطان لتصور فيها باكورة أفلام الفيديو التي تنوي الجمعية إنتاجها تباعاً وفي مناطق متعددة من لبنان.
أما الهدف من تصوير تلك الأفلام القصيرة التي لا تتعدى مدة الفيلم الواحد دقيقة فهو نشر الوعي حول مرض السرطان، وتحسين مستوى الحياة لدى المريض وإتاحة الفرصة للوصول لمجتمع آمن من هذا المرض. من خلال برامج التوعية والتثقيف حول المرض وسبل الوقاية منه مما يسهل الكشف المبكر على المرض وهو ما يؤسس لشفاء المريض.
أما اختيار غوسطا لتكون أرضها وجبلها وسمائها المحطة الأولى للجمعية لتطلق منها فيلمها الأول، فهو ما تعرف به هذه القرية بأنها مقصداً لهواة رياضة التحليق بين السماء والبحر الذين يفدون إليها من داخل وخارج لبنان لممارسة هواية لا تخلو من المخاطرة.
يبقى سبب وجودي هناك في ذلك اليوم، طبعاً ليس لأني من هواة المغامرات لركوب المظلات التي ترفع الزائر إلى السماء بينما يظل البحر تحت قدميه، بل لأني واحدة من اللواتي تعمل الجمعية لأجلهن، واختياري من قبل الجمعية لرحلة بين السماء والبحر بما يعتريها من خوف شديد ما هو ألا لتوجيه رسالة إلى مرضى السرطان، بأن مواجهة هذا المرض وعدم الاستسلام له هو الخطوة الأولى في مكافحته.
والتحليق على ارتفاع 950 متر عن سطح البحر بما في ذلك من خطورة والنجاح في تخطي الرحلة بسلام بما لدينا من قوة مواجهة هو الطريق للتعافي من مرض الخوف منه هو الذي يقتل حامله.
شخصياً حملت المرض وواجهته مواجهة شرسة حتى الآن، ولأني أقاوم المرض منذ سنوات ولم أضعف أمامه تم اختياري لرحلة أقول في نهايتها لمن يشاركني المرض، ما دام لدينا القوة والأمل فلا شيء يخيفنا وليس كتابي “وبي أمل” إلا الشهادة على مواجهة المرض بشجاعة ومقاومة وبالأمل.
نعم، لقد كان هدفي من الموافقة على التصوير، هو لأني أؤمن بأن حدودي هي السماء ونحن سنكون أقوى بإرادتنا وبما نمتلكه من أمل. فالبعد عن فوبيا الخوف من المرض ومواجهته عن طريق الرغبة بالحياة هي التي تزيد من فرص نجاة المريض. فلنتعلق بالأمل… أمل الشفاء تماماً كما تعلقت بين السماء والبحر في رحلة الشوق إلى الحياة.