أعمال الفنان الأميركي تيم نوردن تجريد ذو رؤية معقّدة فنياً في نهجها الابتكاري

               

 

تؤدي المعرفة التقنية بالالوان عند الفنان الاميركي «تيم نوردن» (Tim Nordin) دورها الفعال في تجريد ذي رؤية معقدة فنيا في نهجها الابتكاري بالخطوط المستقيمة او العامودية او تلك المتميزة بشفافيتها الاستثنائية في بعض اللوحات التي تكتسب بصريا الانضباط في المرونة الحركية التي تخلقها الفراغات، والابعاد القادرة على منح البصر حركية منسجمة مع التضاد الفني الذي يثير من خلاله «تيم نوردن» اشكالية يرصد مستوياتها عبر المقاييس والنقاط. ليكشف عن جماليات الالوان المتقاربة، والمتباعدة من خلال الاشكال والاحجام التي تتوالد من نظم الخطوط ومكوناتها الداخلية، وبالتواءات وظفها لاكتناه المنهج الفني الذي ينتهجه نوردن وفق الوحدات الدالة على ذاتية الخطوط، ومفارقاتها للالوان الباردة والحارة وحدود تموجات اللون عبر الضوء باسلوب يتفرد فيه بالمحاكاة التي يستفيض بها الجانب الدلالي من اللوحة.

ان ديناميكية الخطوط في اعمال» تيم نوردن» تشكل في تحولاتها انعطافات حوارية لمراحل متوقعة تتمرد على سلطة النقاط الغير مرئية في اللوحة. لتبارز الخطوط البصرية الالوان وتندمج معها وفق التضاد والانسجام، فتخضع لمبدأ التأمل والتفكر من الرائي الذي تتكون لديه بصريا عدة ايحاءات تتشكل في المخيلة. وتؤدي الى ابراز العامل النفسي الذي يخفيه «تيم نوردن» ليهتدي الرائي ويشعر بذاتية اللوحة، كانه يرسمها بصريا من جديد. لتتكون الاشكال وفق ايقاعات الخطوط ونغمية الالوان وتدرجاتها الفاتحة والغامقة، والتلاعب بالفراغات، كأنه يجمع البيانات الحياتية او الجمالية بانسياب ذي فكر جمالي تحريضي ينتج عن النظم الانضباطية التي يستخدمها من خلال سرعة التحول من لون الى لون عبر النقطة الاساسية التي ينطلق منها ويعود اليها . فهل من بيانات تشكيلية يستخدمها «تيم نوردن» بصلابة في كل مرة تولد لوحة؟..

تتفاعل الرؤى البصرية في لوحات الفنان» تيم نوردن» فتنتج اتجاهات فنية تؤدي كل منها دورها في تحقيق العنصر الذاتي الذي ينطلق من المحسوسات الداخلية والفواصل او حتى العناصر المادية للالوان، ومقاييس امتدادها الضوئي او بالاحرى التشكيل المرن من الجزء الى الكل، مشيرا بذلك الى اهمية الجزء في الاعمال الفنية وفي الحياة، وبتقارب حسي منطقي تطغى عليه العقلانية الفنية، وان من خلال تخيلات الفراغات التي تفصل بين شكل وشكل. وخط وخط، وحجم وحجم، ومن ثم تتلاحم بصريا. وتشكل بمساحاتها امتدادات لا متناهية ، وتكرارات ايقاعية تتلاشى من خلالها البدايات والنهايات. لنتبين مراحل اللوحة وتقنية جماليتها ومقدرتها على الافصاح عن مكنونات النفس التي تلج الالوان، وتحولها الى ايقاعات بصرية قادرة على دمج المحسوس مع المنطق الفني.

ان لوحات «تيم نوردن» تتبع في مساراتها الجداول البيانية الفنية التي ترتكز على المفارقات بين الداخل والخارج. او الاستيراد والتصدير، وهو منهج حياتي قائم على التكاثر بالتوالد والنقصان بالموت. لتتساوى النظرة التناقضية نحو الاشياء من حولنا، وتؤدي دورها في التشكيل الفني والجمالي، وفي الحياة من خلال البشر وتطلعاتهم الحياتية التي تتنافر وتتالف وتتماسك، وتشكل الدرج الموسيقي الاساسي المتناغم مع قواعد الحياة الصارمة وانضباطها المتوقد انسانيا. ليشد بصمات الالوان بقسوة الى الخط، للالمام بمستويات الضوء عبر كل لون تآخى وتنافر مع ذاته. وفق التدرجات الفاتحة والداكنة، وبخاصية النظم المتلاحقة بصريا. لتؤلف مضامين الاشكال واحجامها نوعا من الابتكارات الموحية بالتقليد. الا انها في العمق تشكل تحديات فنية معقدة لنوردن، بل! ومثار جدل من الرائي الذي يحتار في الانطباعات الداخلية التي يتركها التجريد الابتكاري في نفسه.

*****

(*) اعمال الفنان «تيم نوردن» (Tim Nordin) من «مجموعة متحف فرحات (Farhat Art Museum)”.

اترك رد