مِيشا!

   

أَلقِيَت لِمُناسَبَةِ النُّذُورِ الدَّائِمَةِ لِلرَّاهِبَةِ مِيشِيل – “مِيشا” – طُونِي الحاجّ، في احتِفالٍ أُقِيمَ في دَيرِ راهِباتِ المَحَبَّةِ (البِيزنسُون Besançon)، الفتُوح، كِسروان، بِتارِيخ 3- 9- 2017

مِيشا! وأَومَأَتِ السَّماءُ إِلَيكِ بِالأَمَلِ الكَبِيرِ
ودَعاكِ، في شَغَفٍ، إِلى تَحنانِهِ، مَلِكُ الدُّهُورِ
لَم تَنثَنِ، أَو تَرهَبِي، مِن مَسلَكِ العَزمِ الخَطِيرِ

يَحدُوكِ، في النَّبَضاتِ، إِيمانٌ يُغَرِّدُ في حُبُورِ
ما غَرَّرَتكِ مَباهِجُ الدُّنيا على العَيشِ اليَسِيرِ
عِفتِ الرَّخاءَ، وما كَسا عُمرَ الشَّبابِ مِنَ الحَرِيرِ
ومُنًى تُبَرْعِمُ، غَضَّةً، وتَثُورُ دِفْئًا في الخُدُورِ
فَحَمَلتِ طُهرَكِ والنَّقاءَ، وسِرتِ في الدَّربِ العَسِيرِ
ونَذَرتِ رَيعانَ الصِّبا شَمْعًا لِحُلْكاتِ المَسِيرِ
فَغَدَوتِ نِبراسَ الهِدايَةِ لِلغَرِيرِ، ولِلبَصِيرِ
ها نَذْرُكِ الأَوفَى، يَشِعُّ بِبالِكِ الصَّافِي القَرِيرِ
هو جُذوَةٌ مِن حُبِّ قِدِّيسِينَ ضاؤُوا في العُصُورِ
نَشَرَتهُ رُوحُكِ في المَدَى، فَذَكَت دُرُوبُكِ بِالعَبِيرِ
وانداحَ في أُمٍ رَعَتكِ، وعَيلَةٍ، وأَبٍ فَخُورِ!

لَمَّا تَرَكتِ رُبُوعَنا، يا زَهرَةَ المَرجِ النَّضِيرِ،
وحَمَلتِ زادَكِ، سُبْحَةً وَردِيَّةً، ورِضا ضَمِيرِ
خِلنا بِأَنَّ شُجَيرَةً هَجَرَت رُبانا في البُكُورِ
وبِأَنَّ صَفْوَ العُمرِ قَد يُفضِي إِلى عَهْدٍ مَرِيرِ
لكِنَّ ظَنَّ السُّوءِ ماتَ بِعُمرِهِ الواهِي القَصِيرِ
فَإِذا الِمياهُ تَعُودُ مِن كَدَرٍ، وتَهزَجُ في الغَدِيرِ
ويَعُودُ لِلبالِ اليَقِينُ بِأَنَّ مَن عَبَرَت لِنُورِ
هِيَ مِن سَنا رَبٍّ، ومِن لَأْلائِهِ الضَّافِي الغَزِيرِ،
وَرَجاءُ مَن ضاقَت بِهِ الدُّنيا، وحُوصِرَ بِالشُّرُورِ
ولِكُلِّ صَدرٍ، عِيْلَ مِن يَأسٍ، نِداءٌ مِن بَشِيرِ!
يا مَن رَفَلتِ بِنِعمَةِ الأَيَّامِ، والعَيشِ الوَثِيرِ
في حِضْنِ مَن مَلَأُوا سَبِيلَكِ بِالحَنانِ، وبِالسُّرُورِ
مِيشا… لَأَنتِ مِنَ العَلِيِّ، وفَيْضِ رَحمَتِهِ الطَّهُورِ
ضاءَ الصَّلِيبُ على جَبِينِكِ بِالسَّنا، وشَذا البَخُورِ
أَرَسُولَةً لِلحُبِّ، يا وَقْعَ الرَّذاذِ على الزُّهُورِ
بِمَسِيرَةِ الإِنجِيلِ أَنتِ بَهِيَّةٌ بَينَ البُدُورِ
ولَأَنتِ، ما دامَت لَنا مُهَجٌ، صَلاةٌ في الثُّغُورِ
ومَنارَةٌ تَهدِي، سَواءٌ في الغِيابِ وفي الحُضُورِ!
ذا الثَّوبُ رَمزٌ لِلعَطاءِ، بِرِفدِهِ الصَّافِي النَّمِيرِ
وجَلالُ وَجهِكِ، فِيهِ، أَنصَعُ مِن سَنا القَمَرِ المُنِيرِ
تَبقَينَ، فِينا، رَحمَةً مِ اللهِ لِليَومِ الأَخِيرِ
فَلَنا، مِنَ البَرَكاتِ فِيكِ، ذَخِيرَةٌ، وشِفا صُدُورِ
ولَنا، بِفَيءِ رِدائِكِ الأَنقَى، مَلاذٌ مِن قَدِيرِ!
هذِي سُطُورِي، كَم تَنُوءُ لِكَي تُعَبِّرَ عَن شُعُورِي
هو كَالخِضَمِّ، فَهَل تَحُوطُ يَراعَتِي بِمَدَى البُحُورِ؟!
أَم هَل تَكُونُ هَشاشَتِي، في المُرتَقَى العالِي، عَذِيرِي؟!
أَنا قَد عَيِيتُ أَمامَ كِبْرِكِ، والقَرِيضُ شَكا قُصُورِي
هَلَّا قَرَأتِ، مَدَى الحُرُوفِ، دُعاءَ رُوحِي المُستَجِيرِ
وشَمَمتِ، في نَشْقِ المِدادِ، لُهاثَ قَلبٍ في سَعِيرِ!
رُودِي بَواحَ صَحِيفَتِي، وغُيُوبَ ما تُخفِي سُتُورِي
واجْلِي سَرِيرَةَ خاطِرِي، وخُذِيهِ عَفًّا مِن سُطُورِي!

اترك رد