بعيدا عن الجدل الفلسفي والعقائدي المتعلق بحقيقة الحظ ووجوده وتأثيره في حياة الانسان فإن هذه السطور غير معنية بذلك.
يرى كثير من منظري الفكر السياسي وفلاسفته ان هناك تشاكل بين الدولة والانسان ويذهب البعض الى التطابق التام وفي الادبيات القانونية تسمى الدولة شخصية معنوية.
لشكاية قلة الحظ حالات مختلفة من ابرزها ما يعانيه البعض من قلة الحظ مع المقربين والاهل والاخوة والاصدقاء بحيث يجحدون فضله ويستصغرون او يتناسون كل فضل او موقف طيب يصدر منه مقابل تعظيمهم للاخرين ووصف النتف التي تصدر منهم بأنها فضل عظيم ووتعاظم الصورة في تكبير كل خطأ بسيط منه بالمقابل يسرح الآخرون ويمرحون بأخطائهم ويزداد الافتجاع عندما تنسب حسناته وافعاله للاخرين من قبل من صنع لهم المعروف وخصوصا الاهل والمقربين وتنسب له سيئات الاخرين ويتمثل الامر في المثل الشعبي مثل السمك مأكول مذموم.
في متابعتي لحال العراق اجده ممسوس بلعنة قلة الحظ فهذا البلد منذ الازل وهو يغدق بخيره للاخرين وهو المكان الوحيد الذي يقدم فيه الغريب على ابن البلد ومع ذلك تتغنى الناس بغيره وتسلبه فضله.
حمل العراق الجزائر ومعاناتها قضية وتغنى بها العراقيون وكتبوا عنها وشاركوا فيها وذهب الكثير من الكفاءات ليساهموا في مواجهة فرنسة الجزاىر وتحمل مع مصر عشرات المواقف وفتح الباب لملايين المصريين الذين رتبوا احوالهم وحسنوا معيشتهم من خير العراق وعاملهم العراقيون حكومة وشعبا احسن معاملة والامر نفسه مع السودانيين واليمنيين وتحمل العراق عن الخلايجة حرب ضروس لثماني سنوات واعطى فلذات اكباده ودافع عن سوريا وتحمل عنها مواقف ومحن وكان العراقيون فلسطنيين اكثر من اهل فلسطين وخير العراق وصلهم لبيوتهم وشاركهم العراق بكل محنهم وفتح لهم ابوابه وفعل مع تونس والاردن ولبنان وايران وتركيا والدول الاشتراكية وامريكا اللاتينية …وقد خذله وتنكر له الجميع في محنه فلم يقف احد ايام الحصار في محفل دولي امام الجبروت الامريكي ويقول هذا العراق خيره على الكل فلماذا يجوع ويسام اهله الذل والهوان ولم يصل احد إليه بضمير حين افترسه الاعداء وحين تكالب عليه الشر وحين ضربه الارهاب وهو في كل تلك الاحوال يقطع من لحم ذراعيه ويعطي لاخوته اخوة يوسف واهل الدسائس والمكر وكان لا يخجل ضيفا ولا يرد محتاجا ولا يسكت عن دعوة مستنصرا كان ولازال وسيبقى.
ما يمكن ان يقدم تفسيرا لصاحبنا قليل الحظ وصاحب هذه السطور مصداق جيد لذلك هو ان فعل المعروف والخير اما ان كان في غير اهله وقبيح فعل المعروف في غير اهله او ان سمة من يقدم لهم المعروف الجحود والنكران وتفضيل غيره عليه والتنكر له.
وبرأيي ان هذا البلد يشبه اهله الاصليين في طيبة قلوبهم وصدق سريرتهم ونخوتهم وشعورهم بالخجل امام التقصير في اي موقف ومازال يتصرف تحت اي حكم باخلاق النبلاء وفرسان الشهامة وهذا وان كان محلا للافتخار إلا اننارفي عالم محكوم بحمى المصالح والمنافع والكثير ممن ياخذ من خير العراق بلا ثمن بل ويتبعه بأذى يضحك في خلده ساخرا من العراق والعراقيين.
حان الوقت الذي يكون فيه العراق للعراقيين وحان الوقت الذي يكون فيه التعامل على قدر المصالح فالاخلاق ان تحمي مصالح اهلك وليس ان تكون كريما امام الاخرين وحان الوقت لكل دولة او شعب اصيل تهمه الاخلاق ان يتحدث بفضل العراق واهله وان يقف الموقف الصحيح.